إسم أمانديس يذكرني دائما بالحزن الذي يلف عيون والدتي في حي السواني في طنجة حين تأتيها فاتورة الشركة الملعونة .. تقتطع من خبزها و دواءها لتقسمه مع أمانديس .. سبقني الشاعر بيرم التونسي و قال : يا بائع الفجل بالمليم واحدة ..كم للعيال وكم للمجلس البلدي؟؟ سكان طنجة يقتسمون مع امانديس خبزهم وقهوتهم وزبدتهم وبصلهم وعدسهم .. يقتسمون مع أمانديس الزيت والسكر و الجعة و السجائر والغاز وفاتورة الدواء والكراء و قروض نهاية الشهر.. المهم ان تظل امانديس مرتاحة البال مطمئنة تنام قريرة العين وينام اهل المدينة في الرعب والخوف والكوابيس بسبب ما ينتظرهم آخر كل شهر من عملية حجامة وختانة قسرية تمص دمهم وحليبهم وجيوبهم المنهوكة.. المدينة أصبحت من اغلى مدن المغرب والدخل محدود هو هو لا يتغير ..ما العمل أمام هده المعادلة الحمقاء ؟؟ هل تدفع فاتورة امانديس ونكمل الشهر بالخبز و الشاي و دوليبران .. هل ندفع الفاتورة الباهضة مكرهين و بعدها نصلي ركعتين و نرفع الدعاء الى الله ليخلصنا من الوحش الدي يأكل سكان المدينة؟ هل ندفع الفاتورة الغالية حبيبة الجماهير ..ندفع من جيوبنا ثم نخرج في مسيرة الشموع يتفرج فينا العالم يكتشف كيف تتحول الرأسمالية المتوحشة الى آلة مدمرة للبشر والانسان والحياة من اجل الربح أكثر.. كيف تعيش في طنجة مطمئنا و امانديس تأكل منك وتأكل معك مثل باكتيريا فتاكة ترقد متخفية في الأحشاء .. طنجة مدينة كبرت بسرعة ..السماسرة والمضاربون والمال السايب فعل فيها فعلته ففقدت طابع المدينة الهادئة السياحية البحرية التي تجلب اليها الفنانين والشعراء والرسامين و الحالمين الى مدينة تجلب الباحثين عن المال والأرباح و الصفقات ..و مع الصفقات والبيزنيس وناطحات سحاب قبيحة و الازدحام و اثرياء جهلة وتجار آخر ساعة ظهرت أمانديس لتكمل الديكور الجديد للمدينة.. يا بائع الفجل بالمليم واحدة كم للعيال و كم لامانديس؟ عبد الاله بنكيران يعتبر ما وقع في المدينة فتنة. والفتنة اشد من القتل كما يقال.. كل القضايا التي تجرج من رحم المجتمع تصبح مجرد فتنة عند الاخوان الدين يقودون الحكومة.. المساواة في الأرث فتنة. والاحتجاج على الشركة الملعونة فتنة؟ و الشي الوحيد الدي لا فتنة فيه ولا قبله ولا بعده هو ان نحمد الله على عدم المساواة بين الرجل و المرأة ونحمد الله ونستغفره ونتوب اليه على ان امانديس هبة ربانية .. الشموع لإسقاط أمانديس فتنة .. الشموع تصلح فقط لسيدي بوعراقية و سيدي ميمون و سيدي بوقجة.. الشموع حرام و ستصدر فتوى تحريمها قريبا .