"إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالاجدر بنا ان نغير المدافعين ،لا ان نغير القضية" غسان كنفاني. لا تنطح عنزتان في كون الشعب الفلسطيني قد تجرع ولايزال الويلات على يد الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ،بيمينها ويسارها ،والتي حولت المعيش الفلسطيني اليومي ، الى قطعة من الجحيم . المعابر ونقاط التفتيش ،قطع الكهرباء وتأخير المستحقات المالية ،المستوطنات والحفريات ..كلها أشياء تستحق الإذانة والتنديد وحتى المقوامة..لكن شريطة أن يتم كل هذا بأساليب ذكية ووفق رؤية واضحة المعالم ،وليس من منطلق انفعالي ،الدافع فيه هو الانتقام المرضي وتفريغ شحنات الغضب المتراكمة داخل الوجدان الجمعي الفلسطيني. إن مقاومة مواسير الصرف الصحي التي تمطر بها كتائب القسام الجنوب الاسرائيلي والتي ناذرا ماتصيب هدفها ، وثورة السكاكين العمياء، تسيئ الى القضية اكثر ماتخدمها،بل تمنح اسرائيل وقوات الاحتلال ، هدية من حيث لاتحتسب ، من اجل لعب دور الضحية ، ومكيجة وجهها الذي بدأ العالم يكتشف بشاعته، وايجاد ذريعة من اجل التسريع من سياسات الاستطان والاستمرار في التهرب من الجلوس الى مائدة المفاوضات. إن عمليات طعن المدنيين والعسكريين داخل شوارع القدس ، من طرف شبان فلسطينيين ، لن تسهم في الدفع بالقضية الفلسطينية الى أخر النفق ، و تنزيل اتفاق أوسلو ،وطرد المستوطنين وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي ،وقيام دولة فلسطينية على اراضي 1967 ،عاصمتها القدس الشرقية ،قابلة للحياة، تعيش بسلام مع جيرانها، ويتمتع ابنائها بالهناء والإزدهار. إن المقاومة قبل أن تكون فعلا ، هي رؤية وفلسفة وفكر، مقاومة بلا هاته الأشياء، وإن لم تؤخد بمقدار، قد تتحول من دواء إلى سم قاتل. إن المقاومة المسلحة ،ليست حلا صالحا لكل زمان ولكل حالة استعمار، خاصة إن كان هناك إختلال كبير في موازين القوى، وكانت هاته المقاومة تخبط خبط عشواء، ولا تميز بين المدني والعسكري.إن المقاومة قد تتخد أشكالا سلمية، لها وقع أكبر بكثير ،من طعنة سكين هنا او هناك، مقاومة على منوال غاندي او غيره، توجع العدو أكثر مما يوجعه الطعن.