مع حلول ذكرى عيد العرش، ترتفع الأصوات المطالبة بإلغاء هاته الطقوس والمراسيم ،والتي يعتبرها هؤلاء مشينة ومذلة للمغاربة في الداخل والخارج .هذا الطقس الذي يوصف بالقرأوسطي ،والذي يصر ملك البلاد على القيام به ، وبنفس الطريقة التي سنها أسلافه ،يجعل الإنسان يتساءل حول نية القصر ،تبني النموذج الحداثي الذي يدعو إليه ، وجعل المغرب يخرج من جلباب الأنظمة التقليدانية ، ليصير بلدا ديمقراطيا ،يحكمه دستور قوي ، يُخضع كل المؤسسات والسلط التي تسير البلاد. إن انتقاد طقوس حفل الولاء ، لاينبغي أن يتم من زاوية رومانسية و قيمية، لكن من زاوية سياسية وفكرية، فقضية حفل الولاء، اعمق من ان تكون طقسا "فلكلوريا" يسعى القصر من خلاله التأكيد على بيعة و ولاء النخب السياسية والإقتصادية ، ،من وزراء ونواب ورجال أعمال. البيعة وطقس الولاء، يؤكد ان المخزن لايريد القطع من التصور التيوقراطي للحكم ، وهو تصور يجعل الملك يستمد شرعيته من السماء، عوض ان يستمدها من دستور قوي ، يضمن له مكانته ، كرئيس للدولة وكسلطة عليا . إن تغليب إمارة المؤمنين على دور الملك كرئيس دولة ،يحدد الدستور ،وفقط الدستور، صلاحياته ودوره,يجعل المغرب لايراوح مكانه في مسيرة الإنتقال الديمقراطي . إن الإبقاء على البيعة ومبدأ الولاء، يجعل من تحول المغرب إلى دولة عصرية تؤمن بمبدأ المواطنة أمرا مستحيلا ، حيث ان المغاربة لن يتجاوزوا مكانة الرعايا والمؤمنين ، لكي يصيروا مواطنين كاملوا المواطنة ،بغض النظر عن انتماءهم الديني والعرقي والجنسي. إن علاقة المغاربة بملك البلاد ، ينبغي ان تتجاوز هاته الأشكال التقليدية والمنتمية الى انساق ثقافية بائدة و اعراف سياسية سحيقة ومتكلسة. إن الإحترام الواجب للملك كرئيس دولة وللملكية كمؤسسة ،ليس في حاجة إلى طقوس معينة، تتم في جو يلفه النفاق والتزلف الذي تمارس النخب السياسية والاقتصادية ، بل إلى اطار قانوني ودستوري ،يضمن لكل مؤسسة حقوقها و واجبتها.