لا أدعي أني صديق لعلي أنوزلا أو أني أعرفه حق المعرفة، لكني اشتغلت إلى جانبه في تجربة يومية المساء ثم الجريدة الأولى بعد ذلك، وهذا ربما يكفي لأكون عنه حكما ذاتيا كصحفي أحترم استقلاليته ومهنيته، وكإنسان مفرط في إنسانيته. لم يكن علي أبدا يقدم النضال على الصحافة.
لقد كان له موقف وشجاعة وجرأة في الرأي، لكنه كان حريصا أن يتم ذلك في إطار مهني، وكان حريصا ألا يشتغل معه إلا الصحفيون المهنيون المتميزون، ويكفي تذكر طاقم الجريدة الأولى وتذكر الأسماء التي عملت مع علي أنوزلا في ذلك المشروع، وتذكر أصدقائه الخلص وأقلامهم المتميزة وتكوينهم الجيد، لتأكيد هذا الحكم.
لم يعد يتحلق حول علي في الآونة الأخيرة إلا المناضلون، ونادرا ما تعثر على صحفي في موقعه، بعد أن أخذ وجهة أخرى وبعد أن أصبح النضال والالتزام والموقف يغلب الإخبار والصحافة.
والنضال في الغالب أعمى وينظر بعين واحدة إلى الأشياء.
أتذكر في يومية المساء أن علي أنوزلا حذف لي يوما جزءا كبيرا من روبورتاج أنجزته، تضمن وصفة ومكونات صنع مخدر كنت أنوي تقديمها للقراء ببلاهة منقطعة النظير، ولم أرتح حينها لتعسفه والرقابة التي مارسها علي، لكني اكتشفت في ما بعد أنه كان على حق، وأني أنا المخطىء، وأن ما حذفه كان بمثابة درس مهني قدمه لي علي أنوزلا، في وقت كنت فيه مغرورا ومندفعا وأتوهم أني الأفضل وأن لا أحد من حقه توجيهي.
يتابع علي أنوزلا اليوم بتهمة خطيرة وهي التحريض على الإرهاب، بسبب نشر موقع لكم للفيديو المنسوب إلى تنظيم القاعدة، وهو خطأ كان يمكن لأي موقع أن يقع فيه، نتيجة السرعة ونتيجة عدم توقع التبعات ونتيجة إغراء الرغبة في تحقيق أكبر نسبة مشاهدة، ولهذا تبدو لنا التهمة غريبة ومبالغ فيها وغير قابلة للتصديق.
كل شيء يمكن تخيله إلا أن يدعم علي أنوزلا الإرهاب، وما لا يمكن تصديقه هو أن الأمر يتعلق بمجرد فيديو.
لقد شاهدنا الفيديو وشاهده الوزراء وقدمه بنكيران لحزبه وأدانته الأحزاب، لكنه يبقى مجرد فيديو، ونشره مجرد خطأ ولا يستحق كل هذه الفضيحة والضجة والإساءة إلى سمعة المغرب.
إذا كان الفيديو فقط هو سبب إدانة الصحفي فهو لا يكفي لتهمة بهذا الحجم، وهذا يدفعنا إلى أن نشك في عدالتنا وفي قضائنا، وأن نفترض أن ما يتعرض له علي أنوزلا هو انتقام من مواقفه السابقة.
أما إذا كانت القضية أكبر من ذلك الشريط، فيجب أن نعرف التهمة بالضبط، كي نصدق ما يحدث لزميل لنا، يقدره الجميع، ويحترمون مهنيته وأخلاقه العالية وتجربته الصحفية.
الفيديو لوحده غير مقنع أمام هول التهمة
الفيديو لوحده يجعلنا نشك في العدالة
ونخاف ونشعر بالفزع.
الذين يحبون علي ويقدرونه وهم كثر ليسوا مناضلين ولا سياسيين ولا يتاجرون بمحنته ولا يستغلونها لأهدافهم الخاصة.
الذين يحبون علي يلحون كي يبقى علي أنوزلا صحفيا وليس مناضلا، لأنها ليست مهنته التي يتقنها.
لقد أخذوه عنوة من الصحافة، والذين يحبونه يجب أن يعيدوه إليها لتبقى قضيته قضية حرية صحافة وليس شيئا آخر.
لم يكن علي أبدا مع جهة ما، لقد جالس الجميع وتحدث إلى عدد من المسؤولين، لكنه ظل مستقلا ومحترما من الجميع، لأنه مستقل.
لذلك لا تورطوه في حساباتكم، ولا تجروه إلى جهتكم.
لا تتضامنوا مع علي رجاء
لا تفرضوا على زملائه الحقيقيين أن يتراجعوا إلى الخلف
لا تسرقوا الأضواء بمحنته
لا تدافعوا عنه أيها المحامون
شكرا للأمير
شكرا لمواقعه
شكرا للصحفيين المنفيين
شكرا لكم
نحن لا نريد علي أنوزلا إلا صحفيا وليس بطلا ولا مناضلا ولا زعيما