الكل يعتقد أن الوثيقة الدستورية متقدمة على الواقع السياسي الذي نعيشه، وبما أنه لم تستطع النخبة السياسية قلب موازن القوى لصالح ملائمة هذا الواقع لهذه الوثيقة، فإنه من المستحسن أن نعمل على مراجعة الوثيقة الدستورية، لنجرها إلى الأسفل، كي تلائم هي هذا الواقع لا العكس... الواقع يقول أن الحكومة هي صورية، وأن سلطة القرار ليست بيديها، لذا فأول المراجعات يجب أن تشمل الفصل 47 من هذه الوثيقة، لينص على تعيين الملك للحكومة من أعضاء ديوانه، وذلك بعد تحديد الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية.
لماذا تحديد الحزب الفائز بالأغلبية؟ ربما للضرورة الديمقراطية، على شاكلة الضرورة الشعرية.
الحكومة ستضع برنامجها للمصادقة أمام الملك أولا، مع التنصيص على أن ما سينجز منه هو بفضل السياسة الرشيدة لجلالته، وما لن ينجز أو سينجز بشكل سيء هو من مسؤولية الحزب الذي تصدر الانتخابات...
لماذا؟ وما هي المسوغات السياسية والديمقراطية لذلك؟ لا ادري، ربما هكذا بدون سبب، في إطار المزاج الذي يتحكم في المشهد السياسي، أو في إطار ما ألف المغاربة على نعته "مال مك مزغب؟"
في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، يجب التنصيص على أن كل الأخطاء التي ترتكبها حكومة صاحب الجلالة، أو يرتكبها جلالته، يحاسب عليها شواش الوزارات المعنية، لمسؤوليتهم المباشرة في تلك الأخطاء... الأخطاء التي يرتكبها هؤلاء الشواش، بمناسبة قيامهم بأعمالهم الخاصة بنظافة مكاتب الوزراء والمديرين، يعاقيون عليها بالسجن المؤبد.
يعين الملك الأغلبية والمعارضة من مجموع المنتخبين بشكل ديمقراطي في الاستحقاقات التشريعية، لا يهم اللون السياسي للأغلبية، كما لا يهم العدد الكمي للمعارضة، ويحدد مع كل فريق أوجه المعارضة وكيفية تصريفها، على أن التأييد هو ممارسة غير مقننه وغير محددة اشكال التصريف...
يحق للملك تعيين كثلة محايدة من وسط الأغلبية والمعارضة، على أن لا تتجاوز ربع المنتخبين، تكون لها صلاحيات تمطيط الأغلبية تارة أو المعارضة مرة أخرى، حسب التعليمات السامية لصاحب الجلالة...
يحق للحزب الذي فاز بالأغلبية أن يشكل حكومة الظل، سواء من المنتمين إليه، او من أغلبية يشكلها، على أن تمارس هذه الحكومة صلاحياتها في مقر حزبها، أو في مقرات أحزابها، ولها أن تتوهم أنها تسير البلاد وأنها تتخذ القرارات وما إلى ذلك...
في حالة تشكيل مثل هذه الحكومة، يحق لجلالته أن يحملها مسؤولية فشل البرنامج الحكومي، بدل تحميلها للحزب الأغلبي، ويزج بأعضائها في السجن، في حالة معاودة خطأ العفو على أحد مغتصبي الأطفال...
تعقد حكومة الظل مجلسا حكوميا، بدون برنامج، يكون الهدف منه إلتقاط الصور لفائدة القناة الأولى، ويشترط أن يكون التعليق يصوت مصطفى العلوي... على رئيس حكومة الظل، المعين من الحزب الأغلبي، أن يتحلي بالكثير من البشاشة والابتسام وهو يسير المجلس الحكومي...
كل شؤون المواطنين، من توفير الخدمات، وإشاعة الحريات والديمقراطية، والسير قدما نحو الحداثة والتقدم الإقتصادي والاجتماعي والفكري هي موكولة للمشيئة الربانية، وأي تدخل فيها أو مناقشتها سيتم معاقبتها...
بهذا، تكون وثيقتنا الدستورية تطابق واقعنا السياسي، ونرتاح قليلا من هذا التمزق بين كابوس الواقع ووردية الحلم.