تختلف وجهات النظر في حصيلة عمل حكومة السيد إدريس جطو بعد أكثر من سنة بين من يراها متميزة ساردا عدة مؤشرات يعتبرها دليلا على موقفه، معتقدا في الوقت نفسه أنه من الصعب تقييم عمل لازال في بدايته وأن الحكومة لازالت على طريق التصريح الحكومي، وتحتاج إلى وقت ليظهر عملها للعيان، وبين من يراها حصيلة وعود مستدلا بالواقع الاقتصادي والاجتماعي المزري الذي يصعب معه على المواطنين أن يقتنعو بان الحكومة فعلا حققت شيئا ما غير الخطابات والشعارات، بل إنهم يقولون بحصول تراجع على مستويات عديدة وخاصة على مستوى محاربة الفساد والإصلاح الإداري وتخليق الحياة العامة بدليل تراجع مرتبة المغرب على مستوى محاربة الرشوة من 52 إلى 70، وما شهدته الانتخابات المهنية والجماعية وتجديد ثلث مجلس المستشارين من استعمال للمال وماإلى ذلك من المظاهر المشينة والمسيئة للعمل السياسي وللمؤسسات المنتخبة وهي أمور لا يتطلب إصلاحها لميزانية ضخمة بقدرما تتطلب إرادة سياسية قوية، وفي الجانب الاقتصادي يؤكدون على أن رقم5,5 المتوقع فيما يخص معدل النمو لا يدل على تحسن في الوضعية الاقتصادية المغربية إذا وضع في سياقه الحقيقي لأنه مربوط بالتساقطات المطرية التي عرفتها البلاد هذه السنة، وأنه على العكس من ذلك دليل على ارتهان الاقتصاد المغربي لأحوال الطقس أكثر من أشياء أخرى قارة ومضبوطة. ومهما تكن وجهات النظر في حصيلة حكومة إدريس جطو بعد أكثر من سنة على بداية عملها فإن الواقع الاجتماعي اليومي للمواطنين وسيرالإدارة وحقيقة الوضع الاقتصادي المغربي على أرض الواقع حكم واضح وعادل وصريح على حصيلة فريق السيد إدريس جطو حيث لايخفى على المتتبع عدم انسجامه وارتباكه وهي معوقات لايمكن الحديث معها عن حصيلة حقيقة ومشرفة في مستوى انتظارات المغاربة وآمالهم. فهل ستعيد حكومة إدريس جطو النظر في طبيعة تدبيرها للملفات الحرجة أم أن السيف بلغ العزل وبات من الضروري أن يحصل تعديل حكومي في أفق ضمان الانسجام وتوحد الرؤية التي افتقدها فريق إدريس جطو وحالت دون تحقيقه المراد. رحوالهيلع (رئيس فريق التحالف الاشتراكي بالغرفة الثانية):الحصيلة لا تظهر بشكل فوري وهناك إصلاحات لم تذهب الحكومة فيها بعيدا تنبأ بعض المؤشرات بوجود تحسن على المستوى الاقتصادي وخاصة في المجال الصناعي، وهذا لن يكون له تأثير مباشر على الحياة اليومية للمواطنين لأن المشاريع لا تعطي نتائج فورية وهذا قد يظهر معه نوع من التناقض بين الحكومة التي تقول بان هناك تحسن، وبين المواطن الذي لم يحس بذلك بعد، باستثناء الفئات التي استفادت من الزيادة في الأجور، ثم هناك إصلاحات كبرى لازال الشعب ينتظرها لم تستطع الحكومة أن تذهب فيها بعيدا كإصلاح الإدارة وإصلاح القضاء ومحاربة الرشوة والفساد وهومجال يحتاج لعمل كبير. والذي يمكن قوله في الحقيقة هو أنه يجب انتظار النتائج الرسمية لكي يمكن للإنسان والمهتم أن يتوفر على فكرة جد واضحة عن الأداء الحكومي ونتائجه، قبل أن يصدر حكما في الموضوع، وإن كان المواطن كما قلت لم يلمس في واقعه اليومي تغييرا وتحسنا على المستوى المادي وعلى مستوى التعامل داخل الإدارة، وخاصة المواطن العادي، وهذا واضح ويرجع ذلك في اعتقادي إلى أن ما تقوم به الحكومة أو قامت به خلال سنة ويزيد لن يظهر الآن، ولايمكن أن يلمس بشكل فوري. وأظن أن نتائج الانتخابات الجماعية وما تلاها من تحالفات وتشاكسات، أثرت بنسبة ما على أداء الحكومة من حيث الانسجام بين فريقها، والذي كان عليه ساعتها أن يقدر المسؤولية، وأن تترفع بعض مكوناته عن بعض السلوكيات وعدم الانشغال بتداعيات الانتخابات، وكان يلزم الفصل بين انشغالات الحكومة التي كان يفترض أن تشغل الأغلبية وتحرص على الانسجام للنجاح، وبين الرغبات الذاتية لبعض الأحزاب، ولكن للأسف فقد طغت نزعة الانتصار للذات عند بعض الأحزاب والرغبة في الظهور بمظهر القوي، مما خلف رد فعل سلبي في الوقت الذي ينبغي فيه علاج الأمور بطريقة سياسية، لأنه كان من المفروض على من قبل بالدخول في الأغلبية أن يستمر إلى النهاية بعيدا عن حسابات الربح والخسارة. وأعتقد أن الحكومة بتركيبتها الحالية ورغم كثرة الأحزاب المشكلة لها لما يعنيه من الاختلاف وما إلى ذلك ، يمكنها أن تعطي حصيلة مشرفة إذا حرصت مكوناتها على الانسجام والالتزام بالمتفق عليه ونبذ الازدواجية(رجل هنا ورجل هناك) وتوحيد الرؤية. الدكتورلحسن الداودي (عضو الأمانة لحزب العدالة والتنمية):على الحكومة أن تقول الحقيقة للمجتمع ولا تخجل تظهر حصيلة حكومة إدريس جطو على أرض الواقع بشكل جلي عندما لا تتحمل الزيادة في الخبز بخمس أو عشر سنتيمات، فضلا عن تفاقم الإشكالية الاقتصادية والاجتماعية، وتزايد نسبة البطالة، وأما الإحصائيات التي تعطى عن وتيرة نمو المغرب سنويا فلا يصدقها الواقع، وإلا أين ذهب الفائض خاصة وأن ميزانية الاستثمار بقيت على ما كانت عليه في حين زادت المديونية، مع العلم أن الرقم الذي يعطى في وتيرة النمو يبقى مجردأكذوبة. أما بخصوص محاربة الفساد الإداري والمالي فأقول إن الحكومة مطالبة بأن تحاربه داخل الوزارات نفسها قبل غيرها، فالحكومة مطالبة بأن تحسن تدبير أمرها لأنها بذلك وحده ستحسن تدبير أمور المجتمع ومشاكله. إننا نريد من الحكومةأن تقدم لنا نتائج ملموسة، نراها على أرض الواقع بعيدا عن الخطابات التسويفية والاحتفال ببعض النقط الإيجابية، والسكوت عن الكثير، فأي تصريح يجب أن يأتي بالإنجازات بالأهداف وماذا أنجز وما لم ينجز ولماذا لم ينجز؟ وما العمل من أجل استدراك ما فات؟ ولكن للأسف التصريحات الحكومية لا تأتي إلا لتلميع صورة الحكومة، وهذا خطاب سياسوي يئس منه المجتمع، لابد أن نقول الحقيقة للمجتمع لكي يعرف ما ينتظره، لكن الحكومة خجولة وكذلك خطاباتها ولا تقول الحقيقة. إننا نتمنى أن يكون التصريح الحكومي المرتقب سليما من هذه العيوب وأن يطرح الاختلالات والإشكالات التي تعيق عمل الحكومة، وتنوير المجتمع بالحقيقة حتى يتفهم الواقع. خليل بوستة(الفريق الاستقلالي):الحصيلة متميزة وهناك الكثير ينبغي القيام به كفريق استقلالي وحزب مشارك في الحكومة نجد أن الحصيلة متميزة لأن هناك عدة أوراش فتحت وعدة مشاريع تقدم فيها المغرب من قبيل مدونة الشغل ومدونة الأسرة وإن كانت هذه الأخيرة مشروع لصاحب الجلالة نصره الله وجميع المغاربة، وكذلك هناك أوراش ماكرو اقتصادية مهمة جدا من قبيل الإسكان والتجهيز والمواصلات، قطاعات سار المغرب فيها بوثيرة جيدة، وهناك قطاعات اجتماعية التي قامت فيها الحكومة بمجهود جبار، بالمقابل لازال هناك ملفات تحتاج إلى عمل وخاصة في ميدان العدالة و محاربة الرشوة وترسيخ دولة الحق والقانون التي تعترف الحكومة نفسها أنها ملزمة ببذل مجهود في هذا الصدد، وقد كانت هناك معركة كبيرة لكي يتم إلغاء محكمة العدل الخاصة، وقد تحقق ذلك، وبعد رؤية ومشاهدة الحقل السياسي والجمعوي قرر جلالة الملك نصره الله العفو عن 33 معتقلا سياسيا. فهناك مسائل لا يجب تصغيرها والتقليل منها وأكيد أن هناك الكثير الذي يجب القيام به. أحمد حرزني (ناشط وفاعل يساري):كان على الحكومة أن تعدل برنامجها بعد أحداث 16ماي لقد أعطت الحكومة عدة وعود في بداية تشكيلها ولكن وقعت في الطريق أحداث 16 ماي التي برزت المشكل الاجتماعي، وكان أملي أن يقع على ضوءها مراجعة البرنامج الحكومي في اتجاه التركيز على المشاكل الاجتماعية، إلا أن أي شيء من ذلك لم يحدث مع كامل الأسف.فأنا أقول لايمكن تقييم حصيلة حكومة جطو على خلفية التصريح الحكومي فقط، لأن هناك أحداث حصلت في الطريق، وكان من المفروض أن يحصل التكيف معها وأن يدلي الوزير الأول بتصريح جديد يعدل البرنامج الحكومي في اتجاه رفع التحدي لمواجهة القضايا الاجتماعية لكن ذلك لم يتم، وبخصوص تركيبة الحكومة ومدى انسجامها فإني اعتقد أنها عكست نتائج انتخابات 27شتنبر,2002 ولا تهم نوعية التركيبة الحكومية بقدر ما يهم محتوى البرنامج الحكومي، والذي أكرر بأنه كان ينبغي على الأقل تحيينه بعد أحداث16 ماي في اتجاه التركيز على ماهو اجتماعي، بعدما كان قد ركز أساسا في البداية على تأهيل المقاولة والاقتصاد. زكريا السملالي (رئيس الفريق الديمقراطي الدستوري):حصيلة حكومة إدريس جطو حصيلة وعود وشعارات بالنظر إلى طبيعة الخليط المكون للحكومة، من أحزاب يسارية وأخرى كانت توصف بالإدارية وأحزاب لا لون لها ولا إيديولوجية، ومشاكل الانسجام داخلها لم تتمكن حكومة جطو أن تعرف سيرا عاديا، فضلا عن تكنوقراطية الوزير الأول وافتقاده لأي وزن سياسي، فالحكومة لم تتمكن من تجاوز المشاكل والحسابات السياسية في كثير من المحطات من قبيل الوعود التي أعطاها الوزير الأول قبل الانتخابات للنقابات استجابة لضغوط بعض الأحزاب، رغم غياب إمكانيات الوفاء بها، حيث تم رهن البلاد لسنين، بالمقابل استفادت الأحزاب الضاغطة من أصوات النقابات وأعضائها في انتخابات 12 شتنبر سواء تعلق الأمر بالموظفين أم برجال التعليم، واستغلت عددا كبيرا من أصواتهم، ولكن الإضرابات لم تتوقف بعد الانتخابات المذكورة لعدم وفاء الحكومة بالتعهدات، والكارثة أن الحكومات التي ستأتي من بعد ستضطر إلى أن تأخذ هذه التعهدات والاتفاقات بعين الاعتبار، وأكيد أن الزيادات في الأجور ستؤثر على تصريف الميزانية التي يفترض أن توجه نسبة مهمة منها نحو الاستثمار وتفعيل القطاع الخاص، بدل استهلاكها في التسيير، وهذا لا يعني أنني ضد الموظفين ورجال التعليم و...، وأحمل المسؤولية لمن مارست التغليط، وأقصد الأحزاب التي فكرت في مصلحتها فقط وليس في مصلحة البلاد، وها هم اليوم يجنون ثمار الغلط والمغالطة، ذلك أن العهود التي أعطيت لم تكن سوى شعارات انتخابية، فكانت حصيلة وعود، لأنه لا يمكن لأي وزير مالية كيفما كان سواء الحالي أو الذي سيأتي بعده أن يتعامل مع ميزانية تخصص أكثر من 60% للتسيير. من جهة أخرى أرى أن الأوراش التي سبق وأن فتحتها الحكومة السابقة ولازال يتكلم عليها الآن في هذه الحكومة لا تتعدى البعد الشعاراتي، من قبيل الحديث عن محاربة الفساد في الإدارة والرشوة والدفع في حسن التدبير، حيث كانت الحصيلة التي سجلت على الأرض عكس ذلك تماما، حيث ارتفعت نسبة الرشوة في البلاد وكذلك نسبة النفقات وغير ذلك كل ذلك أثر على مرتبة المغرب في تقارير وتنقيط مؤسسات دولية. وأعتقد أن حكومة بهذه التركيبة غير المنسجمة لن تسمح لأي وزير أول كيفما كان إدريس جطو أو غيره بتسيير وأداء أحسن، حيث تفتقد رؤية موحدة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي وغير ذلك من المعوقات التي لا يمكنها أن تترك للحكومة أن تسير إلى الأمام وتحقق إنجازات. من جهة أخرى أود أن أوضح بأن الحكومة لاتتعامل مع المؤسسة الدستورية بما يلزم من الاحترام، وأقصد البرلمان حيث لا تمنح المعارضة فرصة للتعبير عن رأيها بالشكل المطلوب، ففي الوقت الذي كان فيه معارضو الأمس يأخذون ساعة ونصف لتفسير التصويت على الميزانية أو ما شابه، نجد اليوم فريقا من المعارضة يأخذ 20 دقيقة أو 15 دقيقة، الأمر الذي أثر على طبيعة وجودة أشغال مجلس النواب فضلا عن كون أجوبة الوزراء روتينية ولا جديد فيها. وزيادة على ذلك قد احتكرت بعض أحزاب الحكومة الإعلام وفرض حصار على المعارضة، مما أضر ويضر باستقلالية وسائل الإعلام وموضوعيتها. ويريدون بذلك تصوير المعارضة وكأنها غائبة والحقيقة أنها مغيبة، وأسجل بهذه المناسبة بأن أحزابا في الأغلبية غير راضية عن موقعها والتي دخلت الحكومة بروح وطنية سواء بطلب أومراعاة للظروف التي حتمت ذلك، ومن الطبيعي أن يغادروا الأغلبية وينضموا لبعض أحزاب المعارضة ليكونوا أغلبية منسجمة ومن نفس الطينة. أخيرا أنا متيقن أن للسيد إدريس جطو نية صالحة، لكنه لا يمكنه أن يتحكم في المشاكسات والخلافات بين بعض أحزاب حكومته، فهو لا يملك أغلبية منسجمة. إنجاز محمد عيادي