سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مناوشات على قرار الزيادة في ثمن الحليب.هذه الزيادة لها دلالتها السياسية أيضا، فالرسالة تقول أن الذين كانوا يطالبون بابتعاد الملك عن الاقتصاد، يتحملون المسؤولية. فها هي سنطرال، ما إن غادرها الملك حتى ضربت بعرض الحائط القدرة الشرائية للمواطن
لا زلت حائرا حول كيفية التعامل مع قرار الزيادة في مادة الحليب التي أقرتها الشركة الفرنسية "سنطرال" مؤخرا، لولا الفايسبوك اللعين وبعض الجرائد الوطنية لما سمعت بالخبر، فأنا عادة لا أنتبه لبقايا الصرف التي يعيدها لي البقال، والأنكى من هذا كنت أسعى دائما للتخلص من القطع المعدنية الصفراء الصغيرة التي تفضل عن ثمن الحليب السابق، إذ كنت كلما اقتنيت نصف لتر، أجد في يدي قطعتين صفراويتين، واحدة بقيمة عشرين سنتيم والأخرى بعشر سنتيمات وهي مجموع الثلاثين سنتيم التي تفضل عن الخمسين فرنك المكونة لثلاثة درهم ونصف ثمن الحليب الجديد... كنت غالبا أزور صيدليات مباشرة بعد اقتناء الحليب، حيث أتذرع باقتناء أي دواء، ضمادات المعدة التي تداوي حرقة البلعوم، عوازل طبية، مقويات جنسية أو ما شابه وذلك فقط كي أضع الثلاثين سنتيم في علبة حديدية تضعها جمعيات تهتم بشؤون الطفولة وما شابها فوق كونطوارات الصيدليات... حين حاولت معرفة مدى أثر الزيادة على "الجماهير الشعبية"، اكتشفت باندهاش كبير شبه تقبل لهذا القرار، فالبواب يعتبرها زيادة غير محسوسة بالمرة، ربما لأنه لا يقتني الحليب باستمرار ويكتفي بالشاي أو بقهوة سوداء لا غير، آخرون ممن هم منتمون إلى هذه الجماهير عبروا عن عدم اهتمامهم... عدم الاكتراث في حد ذاته مؤشر خطير، فهو يدل على التدني الفظيع في القيمة الإقتصادية للنقد المغربي، فالعشرين سنتيم المضافة إلى نصف ليتر غير محسوسة حتى بالنسبة للطبقات الفقيرة جدا، وهذا تحصيل حاصل، إذ يكفي مراجعة سلوك الشحاذين والأطفال على حد سواء وأنت تمد إليهم "ربعة دريال" وكيف يرفضونها وقد تصل بهم الوقاحة إلى معاقبتك بالسب والشتم لأنك ناولتهم إياها... هذه الزيادة لها دلالتها السياسية أيضا، فالرسالة تقول أن الذين كانوا يطالبون بابتعاد الملك عن الاقتصاد، يتحملون مسؤولية ما قد تكون له من تداعيات سيئة على المواطن، فها هي سنطرال، ما إن غادرها الملك حتى ضربت بعرض الحائط القدرة الشرائية للمواطن، وأضافت العشرين سنتيما إلى نصف ليتر، وهي الزيادة التي لم يكن ليقررها الملك ضد مادة حيوية للمواطن... وقد تكون لها قراءة أخرى، في شبه تجريب لرد فعل الشارع ضد الزيادات القادمة في إطار إصلاح صندوق المقاصة، مع فارق القدرة الشرائية للنقود في الزمن، نتذكر جيدا كيف وضع المغرب على حافة الخطر جراء زيادة عشرة سنتيمات في الخبز في سنة 1981 والتي بصمت تاريخنا بما يسمى انتفاضة يونيو وما أسفرت عنه من ضحايا نعتهم غير المأسوف على رحيله، ادريس البصري بشهداء كوميرة... السياقات تختلف بالتأكيد، وعشرون سنتيم لسنة 2013 تبقى هزيلة وضعيفة بالمقارنة مع عشر سنتيمات قبل هذا التاريخ ب 33 سنة... عدم الاحتجاج عليها، رغم تحريض النهج الديمقراطي للجماهير الشعبية على ذلك في بيانه الأخير، ناتج ربما على الحالة النفسية السيئة للمواطن المغربي، والذي خرج مؤخرا من حالة احتقان كبيرة مست وجدانه ومشاعره في العمق، ونعني بذلك قضية دانيال كالفان والعفو الخاطئ الذي تمتع به، مما يفيد أنه لن يبالي بإجراء بسيط مثل هذا ولو مس قدرته الشرائية، نظرا لحالة اليأس والانهزامية التي حصدها مباشرة بعد هذا الاحتقان، وفي رؤية متآمرة، قد تكون من حسنات هذا الخطأ، الإعداد النفسي لهذا الشعب من أجل تمرير كل الإصلاحات المرفوضة شعبيا ومنها إصلاح صندوق المقاصة... هي على أي مناوشات .... تمس الحليب في بياضه الصافي لا غير...