سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النظام الفرنسي الاستبدادي يضرب مؤخرات أطفاله في خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان! وقفة أمام السفارة الفرنسية، والحكومة المغربية تطالب هولاند بضبط النفس واحترام كرامة الأطفال الفرنسيين
يا له من ترف. المجلس الأوربي لحقوق الإنسان ينتقد فرنسا، ويعتبرها الدولة الوحيدة في الاتحاد، التي لا يوجد فيها قانون صارم يجرم ضرب الآباء والأمهات لمؤخرات أطفالهم. أي أن فرنسا، في نظر المجلس، دولة لا تحترم حقوق الإنسان، ومازال الصغار فيها يتلقون علقة ساخنة في مؤخراتهم، دون أن يحاسب أو يعاقب أحد الوالد والوالدة المجرمين. وفي نشرات الأخبار، وفي الجرائد، هذا هو الموضوع الذي يناقشه الجميع اليوم في فرنسا، من علماء نفس وفلاسفة ولسانيين ويسار ويمين وأنصار بيئة، كأن كل الجرائم انتهت في العالم، وكل الانتهاكات، ولم يعد من موضوع يشغل بال الأوربيين إلا ضرب الآباء لمؤخرات أطفالهم. غريب أمر هؤلاء الأوربيين، وغريب أمر مجلسهم، الذي يبدو أنه لا شغل له، ولم يعد يجد قضية ما ليناقشها، ولأنه يشعر بالضجر وبغياب الاحتجاجات والانتهاكات، فقد قرر تسلية نفسه، بمؤخرات الأطفال. والمصيبة أن كثيرين في المغرب يسهرون على متابعة الإعلام الفرنسي، وما تقدمه قنواته من أخبار، ورغما عنا نتابع مع الفرنسيين هذه النقاشات الغريبة والعجيبة، ونتأثر معهم، ونذرف الدموع، بينما نحن نعيش في عالم آخر، عالم مازالت فيه الحياة مثيرة، ومازالت مجتمعاتنا وسلطاتنا وقوانينا تقدر النرفزة والغضب وفقدان السيطرة والأعصاب المشدودة، وحق الآباء في سلخ فلذات أكبادهم وتعليقهم وتهديدهم بالقتل. إن الإفراط في حقوق الإنسان يقتل الإنسان ويلغي طبيعته ونزعته إلى العنف، والنتيجة هي إنسان لا عواطف له ولا غيرة. فما أجمل منظر أم في المغرب وهي تصفع صغيرها في الشارع العام، وتجره من يده أو قدمه، وما أجمل بكاء الطفل، وهو يتمرغ في التراب ويلعن أمه ويسبها على مرأى من المارة والبوليس، ثم يأخذ مسافة ويقذفها بالحجارة. وما أروع منظر أب وهو يركل ابنه كما يركل لاعب كرة خطأ مباشرا أو ضربة جزاء، والولد هارب والأب يلاحقه، ليشده من شعره ويطوف به ويشبعه ضربا، وأثناء ذلك، يتوعده بعقاب أشد، حين عودتهما إلى البيت. أما بخصوص الضرب على المؤخرة، فلا يلجأ إليه عادة إلا الآباء المغاربة الذين يدللون أبناءهم أكثر من اللازم ويفسدون تربيتهم بدغدغتهم في هذه المنطقة من أجسادهم، والتي لا يشعرون بألمها، كما هو الحال مع الصفع والركل وجذب الشعر والسوط والكي. يدل هذا النوع من النقاش الحقوقي أن الحضارة الغربية وصلت إلى الباب المسدود، ولم تعد قادرة على تقديم أي جديد، ولم تعد محتاجة إلى أي شيء، ولذلك تخترع حقوقا مثيرة للسخرية، وتنتقد فرنسا، وتؤنبها، لأن الفرنسين، مازالوا مصرين على ضرب أولادهم في مؤخراتهم، بعد أن اكتشفوا متأخرين أن حقوق الإنسان ليست كونية، وما يقبله مجتمع ما ليس بالضرورة أن تقبله كل المجتمعات الأخرى، وذلك حسب اختلاف الثقافات والمعتقدات والعادات والتقاليد المتوارثة. فنحن مثلا لا نكتفي بضرب الأولاد، بل نشغلهم ونمنحهم راتبا وأحيانا لا، ونزوجهن وهن بنات تسع، ليتمتعن بالجنس وبالحياة الزوجية واللذة، كما أننا نرسلهم للجهاد ونزنرهم بالأحزمة الناسفة، ونعودهم منذ الصغر على السفر في الطائرات والنزول في المطارات، فيزورون تركيا، ومنها ينتقلون إلى العراق وسوريا، ليتدربوا على الرجولة والشجاعة وليعتمدوا على أنفسهم وليتمتعوا بالسياحة والتجوال، وليموتوا قبل الأوان، وليذهبوا إلى الجنة قبل البلوغ. لقد خلقنا الله لنضرب بعضنا بعضا، والزوج الذي لا يشوه وجه زوجته ليس زوجا، ولذلك نتمتع في جرائدنا يوميا بهذه الأخبار، وعندما تغيب هذه الحوادث عن صفحات الجرائم نشعر بأن شيئا ما ليس على ما يرام في البلد، وأن الرجال يتخنثون، والنساء يسترجلن، وأن العالم أصبح مقلوبا والقيم انعدمت والطبيعة البشرية تزعزعت. إنه من ناحية أخرى، وفي إطار الانتقام ورد الصاع صاعين، درس قدمه الأوربيون لفرنسا، التي تتبجح علينا بحقوق الإنسان وبثورتها وحريتها، بينما هي مازالت تسمح لمواطنيها بضرب أبنائهم على مؤخراتهم دون أن يحاسبهم القانون. وعندما سيأتي عندنا مدير مخابراتهم فمن حقنا أن نعتقله، دفاعا عن مؤخرات الأطفال الفرنسيين، أما إذا زارنا وزير خارجيتهم فسنجرده من ثيابه، ونهينه، لعدم احترام فرنسا لحقوق الإنسان، واعتدائها على كرامة صغارها، مستقبل فرنسا وشبيبتها وجيلها الصاعد. ياله من ترف أوربي. ويا لغرابة خطاب حقوق الإنسان في دول تحترم هذه الحقوق ويا لفضيحة فرنسا إنها الدولة الأخيرة في أوربا التي مازال فيها الأطفال عرضة لعلقة ساخنة من أولياء أمورهم على مؤخراتهم الطرية. ويا لجهلنا نحن بما يجب علينا متابعته من أخبار، وبدل أن نتفرج على الجزيرة، ونشاهد أطفال داعش، وصغار حماس المقاتلين، وكتاكيت أنصار الله في اليمن، ومغامرات الأطفال في الشوارع والحروب، وقناة طيور الجنة التي تعلم الرضيع والبرعم الصغير كيف يصبح إرهابيا قبل أن يحتلم، نعيش الاستلاب ونتابع نقاشا لا يعنينا، ويتعلق بأطفال ليسوا أطفالنا، ونتأثر ونتضامن مع مؤخرات الصغار الفرنسيين، ثم ونحن نفعل ذلك، لا بد أن يكون أحد منا رمى طفله من النافذة، لأنه أزعجه ولم يتركه يتابع نشرة الأخبار الفرنسية، وخبرها الرئيس، المتعلق بانتقاد مجلس حقوق الإنسان الأوربي لاستمرار دولة فرنسا المنهجي في انتهاك حقوق الإنسان، وعدم سنها لقانون يمنع ويجرم ضرب الأطفال على مؤخراتهم. يا لفضيحة فرنسا يا لفضيحة الاتحاد الأوربي ويا لفضيحة جمعياتنا الحقوقية ودولتنا وحكومتنا التي تتعامل مع دولة مازالت تسمح بضرب الأطفال على مؤخراتهم دون أن يدعو أحد إلى مقاطعتها ودون أن يطالبها أحد بضبط النفس أو استدعاء سفيرها على الأقل واستفساره عن هذا الخرق السافر والانتهاك الجسيم. ودون تنظيم وقفة وتمزيق العلم الفرنسي وإضرام النار فيه من المناضلين الأشاوس، الذين تيبست قلوبهم وماتت مشاعرهم النبيلة، ولم ترِق ولم تتضامن مع الأطفال الفرنسيين، الذين يعانون من القمع والاعتداءات المستمرة من النظام المخزني الفرنسي الاستبدادي الرجعي.