— تناسلت في الأونة الأخيرة رزم من المقالات والتحقيقات والأخبار التي تتناولت التشيع والشيعة المغاربة، وكأن أيدي خفية تحرك أقلاما معينة من أجل الكتابة عن هذا الموضوع "المصيري", ونفخ روح القلق والتوجس فيه،بل إن أحد الفقهاء المتخصصين في الخضر والفواكه وعلاقتها بما بين أرجل الأحياء والأموات من النساء ،قد إنبرى هو الأخر إلى تكفير وتخوين شيعة المغرب ، حيث اعتبرهم سوس ينخر جسد الوطن وخطر يتهدد الأمة ،أكثر من خطورة داعش وإسرائيل!
على الرغم من الخطوات التي قطعها المغرب من أجل التأسيس إلى مجمتع تعددي ، يكفل حق الإختلاف والتعبير للجميع ، فإن "سندروم الفطوكبيوز" لايزال قابعا في وعي ولاوعي ،عدد كبير من الساسة والنخب ، حيث يؤمن غالبيتهم ، بأن المغاربة نسخ لبعضهم البعض، ولا مكان للنشوز والتفرد ، فجميعنا نعتقد مذهب الدولة..الإسلام السني المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف الجنيدي..وكل من يحيد عن هذا الإجماع المفروض ،فهو مارق وكافر ،مفارق للجماعة ،مناوئ للملة والدين والوطن..فإن تشيع فهو عميل لإيران وإن ألحد فهو لفرنسا وأمريكا من التابعين ، أما إن إختار المثلية فهو ذيل من ذيول الشيطان..والعياذ بالله.
لم يدرك هؤلاء بعد أن زمن التنميط و الأنموذج الواحد ،قد انتهى..ولم يعد بإمكان أحد فرض تصورات موحدة وعقائد شاملة على الجميع ،في زمن الفضائيات المفتوحة والأنترنت, وتعدد وتنويع وسائط المعرفة.
إن المغربي الشيعي أو الملحد أو البوذي أو اليهودي أو المسيحي ..هو مواطن كباقي المواطنين..له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات..يؤدي الضرائب وقد يخدم هذا الوطن أكثر من غيره..فالوطنية والمواطنة غير مرهونة بالعقيدة والمذهب ,بل هي حق مكتسب لكل مغربي ومغربية ،لاينازعه ولاينتزعه منه أحد.
إن من حق أي مواطن مغربي إعتناق مايشاء من الأفكار والمعتقدات والتعبير عنها ،وإنشاء جمعيات وملتقيات من أجل إسماع صوته ،في ظل مايسمح به قانون البلاد، وليس من حق أي شخص أخر، التحريض عليه أو تخوينه أو الدعوة إلى المساس بسلامته الجسدية، فقط لأنه تبنى فكرا أو مذهبا مخالفا لما تؤمن به الغالبية.