سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التلفزيون العمومي حمى استقلاليته من تدخل حكومة بنكيران قبل أن يهديها على طبق من ذهب لشركات الإنتاج بإرغام الخلفي على تعديل دفاتر التحملات لتمكينها من تعديل عقودها القديمة دون المرور من طلبات العروض
عندما أعلن وزير الاتصال مصطفى الخلفي عن مضامين دفاتر تحملات الإعلام العمومي في مارس الماضي، قامت الدنيا ولم تقعد بعد أن خرج مسؤولو التلفزيون العمومي وفي مقدمتهم العرايشي وسيطايل والشيخ، للدفاع عن استقلاليتهم عن التوجه الحكومي الذي ارتآه الخلفي لهم في دفاتر التحملات. فمنهم من نبه إلى أنها بداية أسلمة التلفزيون ومنهم من وصف الخلفي بأنه صار مدير برمجة بالقناتين دون علمهما ومنهم أيضا من ذهب أبعد من ذلك ليقول إن التلفزيون العمومي ينفذ سياسة الدولة لا سياسة الحكومة، في فصل فقهي دستوري لا أحد يمكن ان يتحمل تبعاته مستقبلا، حتى المنظرون له. لكن ما إن وضعت الحرب على دفاتر التحملات أوزارها بعد نشرها بالجريدة الرسمية، حتى صار نفس مسؤولي التلفزيون ممن كانوا بالأمس القريب يتباكون على استقلاليتهم، رهينة ضغوطات شركات الإنتاج. فصارت القناتان الأولى والثانية وهما تعملان على تنزيل ما تنص عليه هذه الدفاتر مستعبدتين بضغوطات المنتجين ممن أرادوا أن تجدد العقود معهم دون المرور من مسطرة طلبات العروض. وهو ما يفسر اليوم كل هذه الجلبة التي رافقت تطبيق هذه الدفاتر لدرجة أن البعض صار ينظر لما سمي "سنة بيضاء تهدد التلفزيون" وكأن التلفزيون المغربي اعتاد ألوان أخرى غير البياض. فقبل شهرين، بعثت مجموعة من شركات الإنتاج رسالة إلى عبد الإله بنكيران للتدخل كرئيس حكومة من أجل تجميد العمل بآليات الحكامة التي تتضمنها دفاتر التحملات الجديدة حتى يتسنى للتلفزيون تجديد عقوده القديمة معها وبالتالي تجاوز حالة الجمود التي يعرفها قطاع الإنتاج والتلفزيون على حد سواء، على أساس أن يكون هذا التجميد لفترة انتقالية قد تصل إلى سنة في انتظار إحداث لجن الانتقاء التي تنص عليها الدفاتر وإطلاق طلبات العروض. مراسلة المنتجين لبنكيران جاءت عقب عدم قدرة المجلس الإداري للشركة الوطنية على الحسم في هذه النقطة عندما طرحها العرايشي، حيث أكد هذا المجلس أن القرار يتجاوزه وبالتالي يتطلب قرارا سياسيا، أي حسما من عند رئيس الحكومة، وهو ما يفسر اليوم إقدام الحكومة على تعديل دفاتر التحملات تحت ضغط شركات الإنتاج لتمكينها من تجديد عقودها مع التلفزيون دون المرور من مسطرة طلبات العروض وذلك لفترة انتقالية تمتد لستة أشهر. في البداية أحدثت دفاتر التحملات أزمة سياسية وهو ما برر التدخل الملكي وإعادة تعديلها من طرف الحكومة، لكن اليوم خلقت أزمة مصالح مالية، لم تقو الحكومة على مجاراتها، مما جعل بنكيران سخيا مع المنتجين المحتجين ومكنهم مما يطالبون به، ولو مؤقتا.