الكل يتساءل ما سر كل هذه الإعادات وإعادة الإعادات التي أتخمت بها شبكة برامج التلفزيون العمومي المشاهدين المغاربة؟ الجواب بسيط جدا. عدم قدرة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على منح وثيقة مكتوبة لفيصل العرايشي الرئيس المدير العام للتلفزيون تسمح له بتجميد العمل بآليات الحكامة التي تتضمنها دفاتر التحملات الجديدة خصوصا طلبات العروض حتى يتسنى للتلفزيون تجديد عقوده القديمة مع شركات الإنتاج بطريقة مباشرة بهدف تجاوز حالة الجمود التي يعرفها قطاع الإنتاج والتلفزيون على حد سواء، على أساس أن يكون هذا التجميد لفترة انتقالية قد تصل إلى سنة في انتظار إطلاق طلبات العروض الخاصة بفترة خارج رمضان. العرايشي سبق أن طلب هذه الوثيقة من الخلفي وزير الاتصال، لكن هذا الاخير أكد على ان القرار يتجاوزه، بل هو بيد رئيس الحكومة، على اعتبار أن دفاتر التحملات هي دفاتر حكومة وليست دفاتر قطاع وزاري وبالتالي فالحسم يجب أن يأتي من عند رئيس الحكومة.
وبالتالي فالعرايشي يحتمي بالخلفي والخلفي يحتمي ببنكيران وبنكيران يحتمي بالحكامة ما عدا إذا كان بنكيران قد قرر أن يكون سخيا مع التلفزيون وشركات الإنتاج وتجميد العمل بدفاتر التحملات حتى يتكمن الطرفان من تجديد عقودهما القديمة دون طلبات عروض. لكن خطوة مثل هذه قد تكلف بنكيران غاليا، إذ قد يتهم "بالتوظيف المباشر" ولو مؤقتا للمنتجين في التلفزيون دون مباراة والتي هي في هذه الحالة طلبات العروض، في الوقت الذي اشترط على المعطلين من حاملي الشهادات من أصحاب محضر 20 يوليوز الشهير، اجتياز المباريات إن هم أرادوا وظائفهم
أمام هذا المأزق، شرع التلفزيون ومعه منتجوه ممن ألفوا الاستفادة من الكعكة التلفزيونية، في التسويق لإمكانية مراسلة الديوان الملكي بهذا الخصوص، أملا في اللعب مرة أخرى بالورقة السياسية الشهيرة التي تقول إن التلفزيون ينفذ سياسة الدولة لا سياسة الحكومة، في نظرية سياسية وقانونية جديدة ما كانت لتولد لولا صعود الإسلاميين للحكم، ورددتها معه إما عن وعي أو غير وعي، مجموعة من الأطياف السياسية والمدنية والمؤسساتية.
فهل يراهن التلفزيون على إدخال التلفزيون عنوة في "سنة بيضاء" للقول إن التلفزيون قتل على عهد بنكيران. أم هي مقاومة الساموراي على الطريقة المغربية كما يبديها التلفزيون حتى لا يقال إن الحكامة وصلت إلى التلفزيون على عهد الحكومة الملتحية.