من سخرية الأقدار أن تجمع حكومة بنكيران بين القناتين الأولى والثانية بعد سنوات من التنافر بينهما. فطيلة الأشهر الثلاثة الماضية، قاد القطب العمومي بقناتيه حربا شرسة على دفاتر التحملات التي أعدتها حكومة بنكيران، ونجح بذلك في تجميدها إلى غاية شتنبر المقبل في انتظار مراجعتها. كانت هذه الحرب هي المرة الأولى التي تجتمع فيها مصالح القناتين الأولى والثانية، بل إنهما قبل هذه اللحظة كانا في تنافس مستمر، تحول في بعض الأحيان إلى ما يشبه حرب الإخوة الأعداء عندما بدأت بعض الأصوات داخل دوزيم تتهم العرايشي بمحاولة قتلها عندما حجب الدعم العمومي عنها. لكن عندما ظهر الخصم المشترك، مصطفى الخلفي يتأبط دفاتر التحملات، ذابت كل الخلافات بين الاثنين وصارا يرددان اللاءات الثلاثة: لا للمساس بالاستقلالية، لا للتدخل في البرمجة، لا لأسلمة التلفزيون. وقبل أسبوع، عاد بنكيران لتوحيد القناتين مرة أخرى في خرجته التلفزيونة ليوم 6 يونيو والتي كانت ببث مشترك بين القناتين، وبصحافيين من المؤسستين في سابقة هي الأولى من نوعها لا تحدث إلا مع الخطب الملكية.
لكن وبمجرد أن وضعت الحرب على دفاتر التحملات أوزارها، عادت القناتان من جديد إلى تنافرهما السابق. والسبب، البرمجة الرمضانية. حيث يغيب التنسيق بشكل تام بينهما في الإعداد لشبكة برامج هذا الشهر بشكل يحقق نوعا من التكاملية التي ظل يرددها الجميع بوعي أو بدون وعي، بل إنهما دخلا في مقاربة تنافسية عن طريق تستر كل طرف عن شبكته الخاصة برمضان مخافة تسريبها، فيستند عليها المنافس لتحصيل مشاهدين كثر وبالتالي مداخيل إشهارية أكبر، مع الاحتماء من آلة النقد التلفزيوني التي تشتد في رمضان من كل سنة. هذا التستر على البرامج هو ما يفسر التأخر في الإعلان عنها ومواقيت بثها حتى الآن، علما بأن بلدان عربية أخرى مثل مصر رغم ظروفها السياسية المعقدة، شرعت في تسويق برامجها الرمضانية منذ الآن.
وعلى الرغم من وجود رئيس مدير عام مشترك بين القناتين هو العرايشي، فلا وجود لأي اجتماعات تنسيقية بين القناتين، بل عادا إلى احتراف لعبة الأمس وعنوانها: الحيطة والحذر من الآخر، كما يسميها معلقو الكرة المغربية. إنه دليل آخر على أن القطب العمومي مجرد اسم بدون مسمى.