سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدرجة 0 من أخلاقيات المهنة بقناة العزوزي. إشهار مقنع في نشرة أخبار، ومدمن حشيش بوجه مكشوف يعترف بجناية “استهلاك المخدرات".. هذا ما تقوله قوانين دولية في “انتهاكات" قناة طنجة.
يبدو أن قناة “ميدي آن تي في" العمومية التي يديرها عباس العزويزي، خريج المدرسة العليا للتجارة بباريس، مصرة في بحثها عن موضع قدم بالسوق، على اعتماد الاستراتيجية المغربية السيئة الذكر في الاعلام “إن أردت توسيع انتشارك وأنت جديد في سوق ضيقة، فقم بخرق أخلاقيات المهنة"، وبينما يبدو أن مدير القناة لم يتخلص بعد من جبة الرجل القادم من عالم الاقتصاد والأعمال الى عالم الإعلام والاتصال، هذا الأخير من المفترض أنه خدمة عمومية لا يجب أن تخرج عن أداء أدوار أهمها: الإخبار والتحسيس والترفيه. والإخبار يتم حسب إعلان مبادىء جمعية رؤساء تحرير الصحف الأمريكية عن “طريق إمداد الناس بالمعلومات وتمكينهم من إصدار الأحكام على قضايا العصر"، فرغم أن تحقيق التوازن المالي للمؤسسات الاعلامية، لن يتأتى بدون إشهار، فإن الأمر نظمته القوانين والأعراف صونا لجوهر الخدمة العمومية وحقوق الرأي العام او الجمهور، وإليكم الواقعتين وما تقوله الأخلاقيات فيها.
إشهار مقنع
نشرة الأخبار المسائية للقناة يوم أمس الجمعة، وبالضبط في الدقيقة العاشرة من عمر النشرة، بثت القناة الطنجاوية، تقريرا تيليفزيونيا عن تفاصيل “خدمة جديدة مجانية" إسمها « ميديتيل كاش» (في الحقيقةيبقى الأمر منتوجا تجاريا للشركة ولو كان بالمجان) جديدة للزبناء، حيث ركزت كاميرا القناة على صور مبيانية عرضها مدير الشركة في حفل نظم صباح أمس بالبيضاء، كما بثت القناة في الربورتاج ايضا صورا لواجهة وكالة تابعة لشركة الاتصالات المذكورة (انظر الصورة)، بالإضافة إلى بث تصريح لمدير مديتيل أخذ منه في موقع يبرز العلامة التجارية للشركة بشكل مبالغ، مما يشير الى أن الامر كان مقصودا.
هذه الواقعة، تأكدت “كود" أنها بالفعل نموذج ل“الدرجة الصفر في أخلاقيات المهنة" بقناة العزوزي، حيث اطلعت “كود" على نماذج دولية وإقليمية عدة، فوجدت أن هذا التقرير الاخباري عن منتوج مديتل، تتوفر فيه كل العناصر التي تجعله إشهارا مقنعا، ومنها البند رقم 12 للهيئة الوطنية المستقلة لأخلاقيات الصحافة وحرية التعبير بالمغرب. والذي جاء فيه بشكل صريح وكما متعارف عليه دوليا: “لا يخلط الصحفي بين عمله المهني القائم على الإخبار والتعليق، ومهنة الإشهار الهادفة إلى الدعاية والترويج التجاري أو السياسي . ويرفض نشر أو بث الإشهار المقنع الذي يمكن تمريره ، ضمنيا ، كأخبار". أما ميثاق الشرف الاعلامي العربي، ففقد حذر من “خطورة استفحال ظاهرة الخلط بين المادة التحريرية والمادة الإعلانية باعتباره عدوانا على حق القارئ في الإعلام ومخالفة صريحة لقواعد العمل الصحفي وأخلاقياته، والتشديد على تحريم عمل الصحفيين بالإعلانات".
نموذج سيء بوجه مكشوف
رغم أن القناة الطنجاوية سبق أن نبهتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، بخصوص الخروقات الاخلاقية والقانونية التي ارتكبتها في برنامج “مسرح الجريمة"، خصوصا إنجاز وعرض حلقة عن قضية “الراقصة والفيدور" وأطوار المحاكمة لم تكن قد انتهت بعد، فإن منطق التجارة والأعمال لمديرها في البحث عن رفع نسبة المشاهدين من أجل أرباح إعلانية اكثر، لا يبالي لا بالتنبيهات ولا بالانذارات، فلجأت القناة تحت مسمى “برامج القرب"، إلى إنتاج برامج تعتمد الإثارة وعرض قصص النماذج “السيئة" في المجتمع، والحديث هنا عن “قصة الناس"، الذي لا يحمي حتى الجمهور الناشىء من خلال عدم إضافة علامة الحد الأدنى لسن المشاهدين الذين من حقهم مشاهدة كل حلقة، وآخر سابقة أقدم عليها البرنامج، هي استضافة مستهلك للمخدرات، وبث مشاركته دون إخفاء وجهه.
كانت الحلقة لتمر بمهنية عالية، ويأخذ الناس منها العبرة، لو استضافت مواطنا نجح في التعافي من الادمان (مرض مزمن) وأقلع عن استهلاك المخدرات وتقديمه كنموذج ويشارك تجربته الخاصة مع آلاف المشاهدين، لكن قناة عباس العزوزي، وبحثا عن إثارة فاشلة، وفي مشهد يبرز عقم النموذج المغربي في إنتاج برامج الواقع (تيلي غي-ياليتي)، استضافت المواطن المذكور، وتركته يعترف أمام المشاهدين بأنه يواصل استهلاك المخدرات، فزيادة على انتهاك خصوصيته، وتقديم نموذج سيء في المجتمع، فأكثر من ذلك، نستحضر القاعدة القانونية “الاعتراف سيد الادلة"، وهنا يمكن الاستغراب، كيف أن القائمين على انتاج البرنامج والقائمين على بثه، لا يعلمون بخطورة ما جاء في الحلقة، ولا حتى بعقوبة مستهلك المخدرات في القانون الجنائي المغربي، حيث نص المشرع في في المادة 8 من ظهير 21 / 09 / 1974 على أنه “يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها 500 درهم و 5000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات".
في علاقة هذا الموضوع، بنا تقوله أخلاقيات المهنة، نجد أن المجلس الاعلى للاعلام السمعي البصري، بفرنسا، أصدر عدة قرارات بهذا الشأن بخصوص برامج الواقع وعلاقتها بحماية المشاركين فيها، وشروط مشاركة القاصرين، وفي قرار له بتاريخ 28 غشت 2008، جاء فيه “من أجل ضمان حماية الأمن والصحة العامين، يمنع بث أي نوع غير مشروع من المخدرات أو كل شخص يستهلكها باستثناء برامج الأخبار والأفلام الوثائقية وافلام الخيال العلمي، ويمنع أيضا معالجة هذه المواضيع (في الاعلام) بطريقة ايجابية أو المعالجة بغموض موضوع استهلاك المخدرات".
في حلقة “الحشيش" من برنامج “قصة الناس"، نجد ايضا أن الضيف فيها اورد أسماء لمجموعة من العقاقير وعلامات الأدوية التي توصف للمدمنين، فبدا مرة أخرى القائمون على القناة أنهم لا يعلمون أن الاقلاع عن الادمان بصفته مرضا مزمنا، يتم في مراكز خاصة تعتمد برامج صارمة، والأدوية هي بحد ذاتها أنواع من المخدرات لعلاج الاكتئاب المزمن بعد الاقلاع، ودواء ذكره الضيف، لا يمنح إلا بوصفة كما حاول الكثيرون الانتحار به، لكن قناة العزوزي ورغم كون البرنامج مسجلا وليس مباشر، تركت هذه “الانتهاكات" لقوانين المهنة وأخلاقها تمر بشكل عادي.