ذهب إلى السعودية ليعمل بيده. ذهب ليزين للسعوديين منازلهم. ذهب بيد الصانع المغربي الحذقة. ذهب لأنه يتقن بيده تزيين البيوت بالجص. ذهب جباسا. ذهب ليعمل. وذات يوم وجدوا عنده محفظة مواطن بنغالي. واتهموه بالسرقة. وحكموا عليه بقطع يده.
يد الجباس. يد المغربي. يدنا جميعا. ستقطع في السعودية بتهمة سرقة محفظة بنغالي.
اليد التي تلوح. اليد التي تربت. اليد التي تشبك باليد. اليد التي تضم. اليد التي تطوع الجص. يد الجباس. اليد التي عندما تكسر نثبت عظامها بالجس. اليد الحانية. يدع الصانع. وبتطبيق أحكام الشريعة في المملكة العربية السعودية ستقطع.
من المهن المطلوبة في السعودية أن تكون جباسا، ولذلك يذهب المغاربة بكثرة، ليجبسوا بنايات ودور السعوديين. يذهبون بأيديهم، ولأقل خطأ، يقطعونها. ما أعدل القانون في السعودية. وكم هم حريصون على تطبيق الشريعة في حق شاب مغربي ليست له إلا يده التي يشتغل بها ويعيل بها أسرته، وأمه التي تبكي حسرة وتناشد الملك كي يتدخل.
وما أبشع الجريمة التي ارتكبها، والتي رأت العدالة السعودية أنه يستحق عليها حكم قطع اليد. لقد ضبطوه يحمل محفظة نقود ليست له، وأصدروا حكمهم. هكذا. وببساطة قاتلة ومرعبة. قطع اليد في السعودية حكم سهل وعادي، ويشبه تقليم الأظافر، ويشبه عمل مانكير، والسياف ينتظر أن يأمروه بتنفيذ الحكم.
لكنها يدنا جميعا. يد جميع المغاربة. لأننا لا نقبل أن يعاقب مغربي بهذه الطريقة الوحشية، والجريمة، ما هي جريمته، محفظة ليست له في جيبه. وبنفس الغيرة الوطنية التي أبانت عنها الدولة خلال الأزمة مع فرنسا، على الدولة أن تتدخل لمنع وقوع هذه الجريمة في حق مواطن مغربي، ذهب إلى السعودية ليشتغل بيده، ونخشى أن يعود إلينا بلا يد.
السعودية، كما نعلم صديقة للدولة المغربية، ومن واجب الصداقة احترام المواطنين المغاربة واحترام كرامتهم، واحترام آدميتهم. نحن في المغرب لا نستوعب أن تقطع يد إنسان كيفما كان وبأي مبرر كيفما كان، فما بالك بضبط محفظة نقود في جيبه، والمتهم شخص في مقتبل العمر، ولا بد أنه قدم خدمات للسعوديين بتلك اليد، يد الصانع، الذي ترك أهله وبلده وأصدقاءه، بحثا عن عمل، وعن أجر يتقاضاه، ليجد نفسه في النهاية مهددا بفقدان هذا العضو من جسده، الذي بفضله يعمل ويرسل ما حصل عليه إلى أسرته.
إنها يدنا جميعا يد جميع المغاربة يد الجباس، ويد الشاب التي سيربت بها على رأس صغيره، وسيحتاجها لممارسة المهنة التي يتقنها، ولأخذ طفله إلى المدرسة. ونرفض أن تتوقف حياته، ويتوقف مستقبله، وتهان إنسانيته، لأنكم عثرتم على محفظة نقود في جيبه. وإذا حصل ونفذتم هذا الحكم، فكل أيدي العالم ستشير إلى السعودية، وكلها ستتهمكم، وتفضح هذه العدالة التي حكمت بقطع يد شاب مغربي، بسبب محفظة، قال إنه عثر عليها، وكان يريد تسليمها لرجال الأمن.
ونحن ننتظر تدخل الدولة المغربية لإنقاذ مواطن من مواطنيها، نرفع أيدينا إلى السماء الأيدي التي يتوضأ بها المؤمنون ويتضرعون بها الله وينقذ بها البشر بعضهم البعض يد الصانع التي لا نستوعب أن يحكم حكم عادل ببترها بتهمة محفظة في الجيب.