— لاتنهَى عن خُلق وتأتي بمثله ****عار عليك إذا فعلت عظيمُ. الشاعر
ينص الفصل 220 من القانون الجنائي المغربي على : "من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك ، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائة إلى خمسمائة درهم".
"ويعاقب بنفس العقوبة من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أوالمياتم، ويجوز في حالة الحكم بالمؤاخذة أن يحكم بإغلاق المؤسسة التي استعملت لهذا الغرض، وذلك إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات".
هذا القانون البائد ،يجعل الدولة المغربية ،تتناقض مع روح دستورها الجديد ، الذي وإن لم يؤكد بشكل مباشر على حرية الإعتقاد و عدم الإعتقاد، حيث تم حذف هذا الفصل في اللحظات الأخيرة ،تحث تأثير التيار المحافظ في لجنة اعداد الدستور ، لكن الفصل السادس من الدستور ،يقول بأن " الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية" . إن هذا الفصل يؤكد وجود أقليات دينية فوق التراب المغربي، ويضمن حرياتها الدينية، من أجل إرساء دعائم الاستقرار الديني والعقائدي للنظام المغربي، وذلك من خلال تحميل الدولة مسؤولية ضمان ممارسة الشؤون الدينية الفردية للمواطنين.
مسمار أخر تم دقه في نعش هذا القانون ، موافقة المغرب ، مطلع هاته السنة على مشروع قرار أممي تقدمت به أزيد من ستين دولة في مجلس حقوق الإنسان حول حرية الدين أو المعتقد خلال ختام الدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وينص القرار الذي تم تمريره بالتوافق دون اللجوء إلى التصويت، «على ضرورة حماية حق كل فرد في اختيار معتقداته وإظهارها وممارستها بالتعليم والممارسة والتعبد وإقامة الشعائر علانية، كما يؤكد القرار الذي صوتت عليه كافة الدول الإسلامية الحاضرة، على حرية الأفراد في أن يكون أو لا يكون لهم دين أو معتقد.. بما في ذلك حقه في تغيير دينه أو معتقده».
إن الدولة بإبقائها على هذا القانون ، تتناقض مع جوهر الدستور والإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها ، ومن جهة أخرى تعتبر أن المواطن المغربي ، إنسان قاصر فكريا ،وليس في استطاعته التمييز بين الصالح والطالح، واعتناق مايراه مناسبا له ،من افكار ومعتقدات ،فالله ليس في حاجة لمن يحميه ، والدين ذو البناء المتين ،لن تزعزعه أفكار وحجج الأخر. إن الفصل 220 يعتبر حَجْرا على الفكر وومَلَكَة النقد ،وإقصاء للأخر وحقه في التعبير والمسائلة والنقد والتشكيك ،وسعيا إلى التأسيس لفلسفة الفكر الواحد والرب الأوحد ، وبعث الروح في محاكم تفتيش من نوع جديد.
إن هذا الفصل يكشف إزدواجية معايير الدولة المغربية ،ونفاقها وعدم تعاملها بالمثل ،ففي الوقت الذي يتم فيه تصدير أئمة مغاربة نحو أوروبا وأمريكا وكندا ..من أجل تعليم الدين ونشره في صفوف الجالية المغربية وغيرهم من مواطني هاته الدول ، التي تفتح أبوابها على مصراعيها ، أمام الأخر وحقه في الدعوة إلى فكره ومعتقده، تضيق المملكة على كل من يسعى إلا ممارسة حقه في اعتناق مايشاء والدعوة إليه ، سواء كان مواطنا مغربيا ،أو مقيما او زائرا أجنبيا.