قديما قيل "همالة الغني... وموت الفقير" في الحديث عن الأمور التي لا يسمع بها الناس، لكن القاعدة انقلبت رأسا على عقب بالنسبة للأغنياء والشخصيات البارزة في المجتمعات الغربية على الأقل، مثلما هو حاصل حاليا وفي السنوات الأخيرة في أكثر من بلد أوروبي، من دون ذكر لفضيحة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في تسعينات القرن الماضي مع مونيكا لفينسكي. فبعد أن كانت الأنظار مشدودة إلى مسلسل فضائح رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني توجهت الأنظار هذا العام نحو فضائح أكثر إثارة في باريس، وفي شكل محدد نحو الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند وشريكة حياته فاليري ترايرويلار. وأعلن قصر الاليزيه أمس أن هولاند لن يتخذ أي إجراء قضائي بحق مؤلفة كتاب تضمن تشهيرا شخصيا به وبفاليري. فوفقاً لكتاب جديد صدر باللغة الفرنسية هذا الأسبوع عن دار نشر "بايوت" في باريس لمؤلفته اليزابث كوكارت ويحمل عنوان "المشاكس" أقام هولاند (58 عاما) علاقة غرامية مع فاليري (47 عاما) في عام 2000، في الوقت الذي كانت فيه متزوجة من دوني ترايرويلار وأيضا لها علاقة مع رجل ثالث هو باتريك ديفيديان (68 عاما)، أحد كبار مساعدي ساركوزي والوزير في حكومته مع علمها أن ديفيديان هو الآخر متزوج. فهولاند أقام علاقة مع فاليري في الوقت الذي كان يعيش فيه مع شريكة حياته الأولى سيغولين رويال، أم أبنائه الأربعة والزعيمة السابقة للحزب الاشتراكي الفرنسي. فمنذ أعلن هولاند في العام الماضي عن ترشحه عن الحزب الاشتراكي الفرنسي لانتخابات الرئاسة، التي جرت في ماي الماضي، وهزم فيها الرئيس ساركوزي، اتجهت عدسات المصورين نحو فاليري التي أكدت في عام 2007 أنها أصبحت شريكة حياة هولاند، بعدما أعلن انفصاله عن رويال التي خاضت معركة انتخابات الرئاسة في عام 2007 وخسرت أمام المرشح الديغولي نيكولا ساركوزي. أي أن هولاند كان يعيش مع امرأتين في وقت واحد، فيما كانت فاليري تعيش مع ثلاثة رجال في الوقت ذاته. ووفقاً للكتاب الجديد ظلت العلاقة الثلاثية بين فاليري وزوجها وعشيقيها حتى عام 2007، حين تفرغت فاليري لعلاقتها مع هولاند الذي انفصل عن زوجته في ذلك العام، وأنها تركت ديفيديان، وهو فرنسي من أصل أرمني، لأنه رفض أن يترك زوجته التي تزوجها قبل 30 عاماً وواصل العيش معها حتى الآن، وانفصلت عن زوجها دوني، نائب رئيس تحرير مجلة "باري ماتش"، فقط في عام 2007 ودخلت معه في صراع قضائي لم ينته الا في عام 2010 ولها منه ثلاثة أبناء. بل وفقا للكتاب اجتذبت فاليري في تلك الفترة نظر الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ذاته أثناء حضورها حفل خاص أقيم في قصر الاليزيه، وكان ساركوزي يقف الى جانب زوجته السابقة سيسيليا وممسكا بيدها عندما وقع نظره على فاليري، فهمس في أذن فاليري قائلا "انك جميلة جدا"، فنظرت إليه "نظرة موبخة"، وفقا للكتاب. لكن ساركوزي وفقا لمصادر مقربة منه قال لاحقا عن فاليري "ماذا هي تفكر نفسها؟ فهل تظن أنني لست جيدا لها"؟. وأعلن كل من فاليري وديفيديان أمس عن عزمهما رفع دعويين كل على انفراد ضد كوكارت مؤلفة "المشاكس" ودار نشر "بايوت"، نظرا للحرج الذي سببه لهما الكتاب الذي أحيا في أذهان الفرنسيين قصة فيلم "جول وجيم" للمخرج الفرنسي الشهير فرانسوا تروفو الذي يصور قصة علاقة ثلاثية شبيهة بين امرأة (جين مورو) ورجلين متزوجين، وأثار الفيلم ضجة واسعة وأصبح مثالاً للخيانات الزوجية وتعقيداتها. ووفقا لمحامي فاليري تستند دعواها على أن كوكارت "أكدت في كتابها على إشاعات غير مثبتة وتهدف لتلطيخ السمعة لفاليري وللأشخاص المحيطين بها"، أي ما معناه تلطيخ سمعة الرئيس هولاند. ونقلت صحيفة "الديلي تلغراف" أمس عن أليكس بوليهاغيت، وهو كاتب فرنسي أعان كوكارت على تأليف "المشاكس" أن الكتاب استند على "بحث معمق ونزيه"، وذلك "لكشف الغموض الذي يسود العلاقات الخاصة بين السياسيين والصحافيين" في شكل عام. ففي الوقت الذي أقامت فيه فاليري العلاقة الثلاثية مع ديفيديان وهولاند كانت تعمل مع زوجها دوني في مجلة "باري ماتش" وما زالت حتى الآن. وأشار بوليهاغيت إلى أن فاليري أقامت العلاقة مع ديفيديان وهولاند في فترة كان الرجلان يشغلان منصب الأمين العام كل في حزبه، ديفيديان في الحزب الديغولي وهولاند في الحزب الاشتراكي. ويتساءل بوليهاغيت ما هو أثر مثل هذه العلاقة التي أقامتها فاليري مع الرجلين فأن "تقيم امرأة ما علاقة مع زعيم اليسار وفي نفس الوقت مع زعيم اليمين في أي بلد، مسألة ليست بسيطة"، وييف "فأين هو الخط الأحمر، ومتى يتم اجتيازه". وتتهم فاليري أحد الصحافيين الذين استند الكتاب على مواد أعدوها بناء على طلب خاص من المؤلفة والذي ادعى أنه حصل على المعلومات التي زود المؤلفة بها من فاليري ذاتها، أنه كاذب، وتقول فاليري أنه لم تلتقه في حياتها. ومع أن الاليزيه أعلن عدم إقدام هولاند على رفع دعوى ضد مؤلفة الكتاب والناشر، إلا أن وزير العدل الفرنسي ميشيل توبيرا أعرب أمس عن دعمه لفاليري وقال "من الواضح أنها تعرضت لكشف أسرار حياتها، أنها تعرضت لمعاملة سيئة". فيما هاجم الأمين العام للحزب الاشتراكي الفرنسي هارلم ديزيه الكتاب بشدة، وقال إنه "لمن الطبيعي أن تتخذ فاليري إجراءات قضائية ضده، حين يتم الاعتداء على خصوصيات الإنسان وتردي الإشاعات مثل الحقائق". وأضاف "إنني أرفض أن تختصر الحياة العامة وتقتصر على زوايا الثرثرة في الصحف. علينا أن نفصل بين الشؤون الشخصية والشأن العام ووضع حد لاستغلال وسائل الإعلام للحياة الخاصة للناس".