اكذبوا ..إكذبوا ..حتى تصدقوا أنفسكم" وزير الدعاية النازي غوبلز من باب أنصر أخاك هازما أو مهزوما ، نظم فرع الإخوان المسلمين في المغرب ، شبيبة الحزب الحاكم ،البي جي دي ، مهرجانا خطابيا ، إحتفلوا من خلاله بالنصر المبين لحركة حماس ،والهزيمة النكراء والشنعاء التي حصدتها إسرائيل وجيشها الورقي ،الذي جعلته صواريخ حماس ،الأشبه بمفرقعات عاشوراء ،كالعصف المأكول.
خلال هذا الجمع الإحتفالي البهيج ، تم الإتصال هاتفيا، بالإسلامي كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الاسلامية ،فرع الإخوان المسلمين بإسرائيل ، وبالمناسبة هذا الرجل ينتمي لمايعرف بعرب إسرائيل ،وهو حامل للجنسية الإسرائيلية! الخطيب عبر عن غبطته الشديدة وفرحه الغامر ،بالإنتصار الكاسح الذي حققه هنية ورفاقه ، ثم أضاف بسريالية طافحة : "هذا منعطف جديد في تاريخ الأمة"، مشيرا أن ما بعد "تاريخ 26 غشت ليس هو ما قبله". ما أن ختم المتحدث "الفلسطيني" أو بالأحرى الإسرائيلي كلامه ، حتى زعق جميع الحاضرين بعبارات التكبير والتهليل وأناشيد النصر . يقول المثل المغربي : شكون يشكر العروسة نهار العرس أكثر من أمها . من الطبيعي أن يحول إخوة الدرب وعباد نفس الأيديولوجيا ، إخفاقات إخوانهم وهزائمهم النكراء ،إلى إنتصارات ظافرة.
في تعليق ساخر على الفايسبوك ،قال المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي ، سليط اللسان وبارد القلب ، أفيخاي أدرعي : لقد شاهدت صور قادة حماس وهم يحتفلون بالنصر على شاشة التلفاز ،وقد كانت وجهوهم شاحبة وشديدة البياض، يبدوا أنه النقص في ڤيتامين "دي" . الحقيقة قد تصدر أحيانا من أفواه الأعداء ، فهؤلاء القادة ،قد إبتلعتهم الأرض ،هم وعوائلهم في الوقت الذي كانت الأسر الفلسطينية تقدم القتيل تلو الأخر . واليوم يحملون شارات النصر الوهمية أمام الحشود و كاميرات الفضائيات .
حماس أدخلت القطاع ،كما هي عادتها ، في حرب لا طاقة له بها ، 51 يوما من التدمير والتقتيل ، مئات الضحايا ،تكاد حماس تفتخر بموتهم ،لأنها قد تسببت في إرسالهم إلى الجنة، ميليارات الدولارات فقدها الإقتصاد الغزواي المتهالك أصلا ، بنية تحتية تم دكها بالكامل، ،مدارس ومساجد وجامعات ومستشفيات ومراكز توليد طاقة ومصفاة البترول..كلها أصبحت أثرا بعد عين . لكن كل هذا لايهم ،فالضحايا والجرحى لهم جمعيات الإغاثة والصليب الأحمر ، والبنيات التحثية المهدمة لها قطر والدول المانحة ..الأهم أن يبقى القادة قادة ، وليذهب الغزاويون والقضية والوحدة الوطنية إلى الجحيم.
لقد أصبحت غزة سوق سوداء يباع ويشترى فيها النصر ، الساسة في إسرائيل يستخدمونها من أجل رفع أسهمهم لذى الناخب الإسرائيلي ،فالدم الفلسطيني أفضل من أي حملة إنتخابية ،مهما بلغ نجاحها . أما حماس وقُوادها ،فتستثمر أي عدوان إسرائيلي ، من أجل الرفع من شعبيتها المتهاوية في القطاع ، والتغطية على فشلها في حل الأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي يعانيها المواطن الغزاوي.
النصر يا سادة لايعني التحصل على إتفاق يعيد جميع الأطراف إلى النقطة صفر ، أي يوم قبل العدوان ، وليس هو التحصل على بضع أمتار إضافية من أجل الصيد ! إن النصر الحقيقي لن يتم إلا بتحقيق توازن القوة والرعب ، والعمل على تأسيس وحدة وطنية ، وترك العقائد الأيديولوجية والمصالح الشخصية جانبا ، وإجبار الطرف الإسرائيلي بطرق ذكية على العودة إلى طاولة المفاوضات ، فالنصر أحيانا يتحقق بالحكمة ، كما فعل مانديلا وغاندي ، وليس بإرسال تلك الصواريخ الشبيهة بمواسير قنوات الصرف الصحي .