نشرت جريدة الأسبوع الصحفي على صفحتها 22 من عدد الخميس 19 يونيو، مقالة عجيبة في سافلة الصفحة بعنوان "من يستحق التكريم من أبناء وجدة؟" أثارت استغرابي كقارئ كما تكون بدون شك قد أثارت استغراب الكثيرين، ممن اطلعوا عليها من أبناء الجهة الشرقية خاصة والمغاربة عموما، لما ورد فيها من تحامل سمج مجاني، على مجموعة من الشخصيات المغربية المرموقة والوازنة، التي كان لها دورها الكبير في مسار المغرب الحديث والتي مازال بعضها يفني بقية العمر في خدمة وطنه بتفان ونكران ذات، ولعل ذلك ما دفع بهم إلى الاعتذار عن حضور حفلات التكريم ومهرجانات الخطابة، التي يدرجها البعض في برنامجه الاستباقي للدعاية الانتخابية. ويستغلها البعض ليلمع اسمه الصغير ويحشره ضمن قائمة الكبار. إن ما ورد في هذه المقالة الوضيعة من ترهات وسفاسف. لا يستحق الاهتمام. فأحرى الرد والتعليق لولا انها نشرت على صفحات جريدة وطنية عرفت بجديتها ومصداقيتها ونقاء سريرة صاحبها.
ويبدو من محتوى المقال ان الكاتب الذي يحذر الشعب من البقاء في دار غفلون هو الذي يقبع فيها وحده دون أن يدرك ذلك.
وإلا، فكيف يخلط ويتخبط ويهذي في هرطقته التي لا يستقيم لها معنى ولا يفهم منها مغزى.
فهو يرى ان احمد عصمان وزليخة نصري والحسين بن حربيط وعزيز حسين وعلال السيناصر الذين اعتدروا عن حضور حفل التكريم في قول، وشطب المنظومون على أسمائهم في اخر لحظة في قول اخر. هم أشخاص لم يقدموا للبلاد أي شيء يذكر.
والإجابة على هذا يعرفها القاصي والداني ولا حاجة لشرح الواضحات اللهم إلا إذا كان كاتب المقال يعتقد بأن الواجب الوطني هو استغلال الوظائف والمناصب الوطنية لخدمة البلدة والقبيلة وتحويل مجهودات الدولة لخدمة المصالح الجهوية والفئوية وحدها، فالوجدي والمراكشي والتطواني. ينبغي أن لا يخدم منطقته الأصلية في حدود برامج الدولة. وإنما عليه أن يحول ميزانية وطاقات البلاد لبلدته وجهته. وهذه فلسفة عجيبة وغريبة.
أسرار خطيرة أخرى كشف عنها الصحفي العبقري لفضح سلوكات الشخصيات الوجدية الكبيرة.
فأحمد عصمان له أخوين اشتغلا في وزارة الداخلية ضمن أوائل الأطر الوطنية المتخرجة من المدارس الفرنسية. وفي عرف هذا الصحفي، فإن تلك جريمة إذ كان على عصمان أن يمنع أهله من الوظائف. عزيز الحسين كانت جريمته المشهودة. انضمامه إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، في حين كانت خطيئة بنحربيط هي العمل في ديوان الداخلية أيام البصري. ولم يجد الصحفي خلال تحرياته عن علال السيناصر سوى جريمة إنشاء مدرسة بالرباط لتعليم المغاربة ثم طلاقه من زوجته. دون نسيان خلافات الأسرة التي حشر فيها المحقق الالمعي انفه.
أما السيدة زليخة نصري، فعليها لترضي صاحبنا أن تسارع إلى تحويل ميزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كلها لفائدة جنان البوسعيدي، الذي حباه الله بالحظوة لدى هذا النابغة المتفرد.
اعتقد أن الصحفي الذي درَّج هذه التدريجة. اعماه الغضب لأنه لم يقف بجانب ثلة الكبار في حفل تكريم كان من المفروض ان يجمع الهاب والداب والذي كان مقررا له ان يوجه رسالة شكر وامتنان إلى جلالة الملك، فكان أن خبط في مقاله خبط عشواء واندلق منه الحبر.
وعلى العموم فإن تلك الثلة الخيرة التي تواجدت في أوراش بناء المغرب منذ الاستقلال، يعرف جميع المغاربة كما يعرف التاريخ ما لها. وهي مكونة من رجال ونساء، هم أيضا بشر لهم هفواتهم وحياتهم الخاصة، ولكن هممهم العالية ومحبتهم واخلاصهم للوطن لا يضاهيها سوى ذوبان سكان الشرق في عشق هذا الوطن الذي رسموا بأرض حماه حدود الهوية المغربية التي حرم على أي دخيل تجاوزها.
وفي الأخير، لا يسعني إلا ان ادعوا الله مع الداعين، أن يتدارك الصحافة بعنايته ويقيها شر الدخلاء حتى لا تنحط إلى درك أكثر سفالة واسفاف.