صرح مغني الراب، توفيق حازب، الملقب بالبيغ، ونسبة لقبه تعود إلى جثته الضخمة، أنه اكتشف خلال توشيحه بالوسام الملكي، بأن الملك يتحدث بالدارجة، أو بالعربية العامية التي يستعملها المغاربة في تداولهم اليومي... تشير صفحة ويكيبديا إلى أن توفيق حازب هذا، حاصل على شهادة جامعية عامة تخصص حقوق وهو بصدد إعداد إجازة في نفس التخصص، مما يعطي لإكتشافه أعلاه دلالة خاصة... لأنه مواطن جامعي، المفروض فيه أن يكون لتصريحه بعض العمق، وأن يعرف دون حاجة لتذكير الآخرين بها، أن الملك إنسان مغربي، يتحدث العامية بشكل عادي وهذا هو جوهر الموضوع... تصريحه كان سيكون ذا مغزى، لو أن الملك حدثه بلغة أخرى غير الدارجة، في إطار الاستغراب من ذلك لا الابتهاج له...
الدلالة الموازية لهذه السطحية هي أن البيغ المعروف بنجاحه في أغنية الراب بالتأكيد، لكن المعروف أيضا بنوعية الراب المشبع بالكلام الساقط والمبتذل، والذي يعم شوارعنا وأحياءنا، والذي كان سببا في لقبه بالخاسر قبل البيغ، وبعد توشيحه بالوسام الملكي، اصبح يمثل نموذج للشباب الناجح في الوطن، والذي يجب الإقتداء به، في نجاحه بالتأكيد، لكن أيضا في سطحيته وهزالة تفاعله مع ما يجري حوله وبه من الأحداث، دون الحاجة إلى استعمال ترسانة المعارف التي أهلته لأن يُعِدَ الإجازة في شعبة إسمها الحقوق كي يحلل ويدقق تصريحاته، سواء المتعلقة بحديث الملك بالعامية، أو بما صرح به سلفا من مواقف بغية الإدلاء بدلوه في شؤون سياسية اتضح الآن أنها أكبر منه بكثير، ونعني بها كل المواقف ابتداءً بتهجمه على حركة عشرين فبراير إلى دعايته المجانية للتصويت على الدستور...
لتصريح البيغ وجه آخر، إن جردناه من صفته وشهرته، وهو أن المغاربة لم يألفوا حديث الملك بالدارجة، لأنه في خطاباته يستعمل عادة لغة عربية إدارية مستعصية على الإدراك في الكثير من الحالات، ومشبعة بمصطلحات قانونية ودستورية تنم على افتقار لحس التواصل لدى كاتبها، دون أن نسجل أنها من مكامن الضعف في حرب التواصل التي يخوضها الملك ضد بنكيران في الهيمنة على الفضاء السياسي... لنستحضر فقط كيف كان الملك الراحل، الحسن الثاني، بليغا في استعماله لهذه اللغة، وكيف كانت رسائله، حتى الغاضبة منها والأكثر عنفا، تصل إلى كل المواطنين، ولنستحضر ايضا كيف يستأسد بنكيران، سواء من على منبر قبة البرلمان أو في لقاءاته التواصلية العمومية وهو يستعمل لغة عامية بسيطة، تمتح من الموروث الشعبي، ومن ما تجود به الطبيعة من حيوانات وأنهار وغابات...
مع ضرورة تسجيل أنه بعد 14 عشر سنة، زمن الجلوس على العرش، وزمن التواصل بلغة عربية فصيحة، هي على كل حال ليست لغة اكثر من نصف المغاربة الأميين، تستوجب مراجعة وجرأة من أجل دمقرطة هذا التواصل، وجعل كل المواطنين على مسافة واحدة من فهم وإدراك ما يقوله رئيس الدولة ... دون الحديث طبعا على ضرورة تشريح حالة البيغ، ليس كنموذج للفنان الناجح، بل كنموذج لمنتوج التعليم الفاشل في هذا البلد...
لعل حالته، بما تمنحه من وفرة في الكمية كفيلة برسم معالم هزيمتنا في هذا التعليم...