اصبحت تحتل حقوق الحقوق الانسان او حل حقوق الانسان لمشكلاتنا اليوم مكانة مهمة من عالمنا المعاصر اذ اصبح احترام معيارا من معايير الديمقراطية و الحداثة و التقدم , ولايمكن الاكتفاء بالاعتراف بهذه الحقوق في المجالات المعنوية المرتبطة بالحقوق السياسية و المدنية , بل لابد من توفير الشروط حمايتها اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا. إن إدراك حقوق الإنسان يجب أن يخضع للفهم المنطقي لماهية الحقوق وهذا يتطلب فعليا تكريس الوعي بالحقيقة التي تبنى عليها حقوق الإنسان وتنظيماتها والتي تلتزم بها الكثير من المجتمعات التي ساهمت في دعم وتفعيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
حتى ان حقوق الانسان ليست قوانين تحرر على الورق و لاقرارت تصدر عن المجتمع الدولي او السلطات الوطنية فحسب, وانما هي ثقافة ينبغي ان تترسخ في الاذهان , و تمتزج بالسلوك الانساني لتغدو ممارسة حقيقية و مقياسا للاستهجان كل ما يتنافى مع حقوق الانسان و كرامته متأصلةلديه .
ودليل على اننا اليوم في حاجة ماسة الى الديمقراطية بين الدول قبل الديمقراطية في داخل القطر الواحد دون أي نزوع نحو الهيمنة و الاستعلاء والى صياغة نظام جديد حقيقيلتعزيز حقوق الإنسان و تكريس سيادتها لا القفز على هذه السيادة و تجاوزها.
مع انه أسهم التطور التاريخي النظري في وضع مبدأ حقوق الانسان في اطار تشريعي وقائي يحد من اية سلطة سوغتلنفسها المساس بالفرد من حيث كرامته و مصالحه , حيث يوقف الافراد انفسهم اذ حاولوا المساس بحقوق بعضهم بعضا , وهي نقلة نوعية اسبغت على هذا المبدأ سمة النظام القانوني الملزم منذالإقرار بالإعلان العالمي سنة 1948 ,فاصبح الحق ابن القانون كما يقول اهل الإختصاص.
« فهل إعادة النظر في مفهوم حقوق الانسان تعتبر ترفانظريا». ان الدعوة الى اعادة النظر في مفهوم حقوق الانسان و ممارستها ليست ترفا نظريا لأنها ضرورة اخلاقية موجهة الى كل الدول لتكون النتائج مشتركة وتحضى برضى الجميع . للعمل الملتزم من اجل القضاء على الاسباب التي تزرع العدوانية و الكراهية و تعويضها بالتسامح بوصفه نهجا يقود الى احترام غنى الثقافات و تنوعها و انماط التعبير المختلفة ,و ايضا صيغ تجلياتها كما يؤدي الى قبولها وتنميتها مما يجعل التسامح مبدءا و شرطا ضروريا لبقاء الإنسان وسعادته ومن هنا ادعو الى اليقظة المستمرة لمواجهة التحديات التي تقف اليوم في وجه منظومة حقوق الإنسان من جهة وبين الخوف من افتضاح امرها عندما تنتهك هذه الحقوق .
و ان الكثير من أفراد المجتمع يدركون ثقافة حقوق الإنسان بطريقة تتجاوز بهم بيئتهم الاجتماعية، ولعل السبب في ذلك أن الجانب المعرفي في حقوق الإنسان اجتماعيا يعتبر مفقوداً إلى حد كبير وذلك بالتأكيد مرتبط بالحداثة في تشكيل مؤسسات حقوق الإنسان.في الحقيقة أن هذا النقص المعرفي يتطلب تكثيفا للوعي الحقوقي ونشر هذا الوعي في المؤسسات التربوية ومن خلال المؤسسات القضائية وتعريف الأفراد بما لهم وما عليهم في مراحل مبكرة من حياتهم لكي تصبح الثقافة الحقوقية جزءاً من بنائهم المعرفي.
إن الخلط الذي تواجهه ثقافة الحقوق في تعريفها وتحديد مسارها وتداولها بين فئات المجتمع لاشك انه بسبب ذلك النقص المعرفي الذي انعكس على الكيفية التي يعرف بها أفراد المجتمع ثقافةالحقوق، حيث تتعرض الكثير من القيم الحقوقية إلى الإفراط في تعريفها مما جعلها تخرج عن مسارها القانوني ويتم تفسيرها وفق مهارات معرفية غير دقيقة.