لنقلها بكل صراحة، هناك ثلاثة عناصر كانت وراء مسرحية الاتهامات التي وجهها مصطفى الحيا عن حزب العدالة والتنمية إلى عمدة الدارالبيضاء الدستوري محمد ساجد، بخصوص وجود شبهات حول صفقة 400 مليون درهم الخاصة بمحطة معالجة المياه العادمة بسيدي البرنوصي، وهي الاتهامات التي كانت جلسة 6 يونيو2013 مسرحا لها. أولا: أن العمدة ساجد حسب العارفين ضاق ذرعا من سطوة «الخوانجية»، وبدأ يتململ لوقف هيمنة حزب «المصباح» على أحد أهم الملفات بالدارالبيضاء ألا وهو ملف صندوق الأشغال
.Fonds de traveaux
إذ أن تحرك محمد ساجد لوقف صرف 160 مليون كتعويض لا يستفيد منها سنويا سوى ثلاثة أفراد يعملون تحت إمرة منتخبي حزب العدالة والتنمية أجج غضب منتخبي «المصباح»، خاصة وأن أحد هؤلاء الثلاثة (ع.ع) يعتبر الذراع الأيمن لمصطفى الحيا يشتغل مهام ما يشبه «مدير ديوانه»! وهو موظف تم استقدامه من خارج المجلس ويتقاضى 45 ألف درهم شهريا من صندوق الأشغال! في الوقت الذي تتوفر البلدية على 1500 إطار (مهندس دولة، مهندس، متصرف، إلخ..)...
تململ ساجد أملاه النزيف الذي يعرفه صندوق الأشغال وانهيار قوته التمويلية للاستثمارات في مجالات الماء والتطهير والكهرباء، خاصة بعد قرار الحكومة باقتطاع 100 مليون درهم سنويا من حساب هذا الصندوق لتسديد متأخرات التقاعد لموظفي لاراد سابقا (ليدك حاليا)، علما بأن هذا الاقتطاع الذي يمثل 25 في المائة من موارد الصندوق سيستمر إلى عام 2019. وإذا أضفنا إلى ذلك أن صندوق الأشغال يسدد تعويضات بقيمة 160 مليون سنتيم لثلاثة موظفين يعملون لفائدة منتخبي حزب المصباح آنذاك نعي حجم الامتعاض الذي أبداه ساجد. وهذا ما يقود إلى النقطة الثانية المتمثلة في تلكؤ الحكومة الملتحية برئاسة عبد الإلاه بنكيران في الاستجابة للمطلب القاضي بإرجاع 100 مليون درهم تنهبها خزينة الدولة من حسابات تعامل الدر البيضاء مع شركة المياه «أم الربيع».
ثانيا: الدارالبيضاء تشتري حصتها من الماء من مؤسستين: المؤسسة الأولى هي الشركة التي يسيرها (ONEE) الفاسي الفهري
التي تزود العاصمة الاقتصادية بما يقارب 75 في المائة من حاجياتها، في ما الربع المتبقي من الماء الشروب تشتريه بلدية محمد ساجد من شركة أم الربيع الفرنسية التي أسسها الاستعمار الفرنسي عام 1924 لتزويد المدينة بالماء (وما زالت تزودها به إلى يومنا هذا). وحسب السعر الذي حددته وزارة الشؤون العامة (يترأسها نجيب بوليف، القيادي الإخواني)، فإن الدارالبيضاء تشتري الماء ب 4.34 درهم للطن بالجملة من مؤسسة الفاسي الفهري. وحسب وزارة بوليف، فإن هذا السعر حدد بناء على مجموعة من المعايير تدخل في إطار كلفة إنتاج الماء بالسد ومعالجته ورسوم مفروضة على سكان الدارالبيضاء لوحدهم للتضامن مع الأقاليم الجنوبية وللتضامن مع العالم القروي المحروم من الماء، وهو ما يفسر لماذا فاتورة الماء غالية جدا بالبيضاء مقارنة مع باقي المدن. لكن شركة أم الربيع غير معنية بهذا السعر، لأن الاتفاقية المبرمة بينها وبين الدولة تلزمها ببيع الماء للدار البيضاء بالسعر المحدد للمكتب الوطني للماء، إلا أن جشع الحكومة جعلها تتغاضى عن تسديد الدارالبيضاء ثمن 4.34 درهم للطن الواحد (متر مكعب) لشركة أم الربيع بالنظر إلى أن هذه الشركة تتوصل فعليا ب 4.34 درهم، لكنها تأخذ فقط 2.34 درهم للطن عن مبيعاتها وتحقق مع ذلك هامش ربح معقول ثم تحول ما يقرب من درهمين إلى الخزينة العامة للملكة لحساب الدولة كفائض(!) علما بأن الدولة مطالبة بإرجاع درهمين عن كل طن إلى سلطات الدارالبيضاء. وسنويا تصل كمية ما تجنيه الخزينة العامة من عملية القرصنة هاته حوالي 100 مليون درهم، لاسيما وأن حاجيات الدارالبيضاء من الماء التي تشتريها من شركة أم الربيع تصل إلى 53 مليون متر مكعب سنويا. وبالتالي إذا ضربنا هذا الحجم في درهمين يعطينا المبلغ المذكور.
ولما طالب ساجد حكومة بنكيران بإرجاع هذا المبلغ عبر الدعوة إلى تكتل برلمانيي المدينة للضغط على الدولة (تتوفر «الوطن الآن» على نسخة من التقرير الذي صاغه ساجد حول هذه الجريمة)، ووجه بالرفض من طرف حزب المصباح، لأن بنكيران في ورطة اقتصادية على المستوى الوطني ويحتاج إلى كل درهم ولو كان منهوبا من مدينة أخرى، فضلا عن كون العدالة والتنمية يتوفر على 50 في المائة من النواب البرلمانيين بالبيضاء، مما خلق الإحراج للحزب الأغلبي، خاصة وأن بنكيران الذي تشبث باقتطاع 100 مليون درهم من صندوق الأشغال لتمويل العجز في تقاعد موظفي ليدك، وتغاضت مصالحه عن إرجاع الموظفين الثلاثة إلى مصالحهم الإدارية الأصلية لتوفير 160 مليون سنتيم كتعويض يتوصلون به من صندوق الأشغال وفشله في ابتكار آليات جديدة لتمويل حاجيات الدارالبيضاء جعلته يعطي الضوء الأخضر لأنصاره لزرع الألغام أمام محمد ساجد لمنعه من إحراج بنكيران وللانتقام منه.
ثالثا: وهذه هي النقطة التي أفاضت الكأس، فساجد هو رئيس لجنة التتبع
Comité de suivi
الخاصة بعقدة ليدك، وهي لجنة تضم منتخبي البيضاء وعين حرودة والمحمدية وشركة ليدك والولاية ووزارة الداخلية، وهذه اللجنة هي التي تتولى من خلال ذراعها التقني المصلحة الدائمة للمراقبة
(SPC)
الإشراف على الصفقات الكبرى الخاصة ب«ليدك». ونظرا لانشغالات ساجد وأسفاره العديدة، فإن الجهل التشريعي لدى باقي المنتخبين جعل مصطفى الحيا يستغل ذلك ويستحوذ على منصب محمد ساجد في الرئاسة، علما بأن من ينوب عن ساجد في لجنة التتبع والإشراف على عمل المصلحة الدائمة للمراقبة، حسب القانون، هو رئيس بلدية المحمدية محمد لمفضل، وإذا لم يحضر هذا المسؤول ينوب عنه رئيس بلدية عين حرودة عبد اللطيف الجيراري، أما باقي المنتخبين فهم مجرد أعضاء شانهم شأن باقي ممثلي الإدارات المعنية البالغ عددهم 20 عضوا (انظر الإطار رقم 1 حول هذه اللجنة).
وهذه التساهلات كان محمد ساجد يغض عنها الطرف في الولاية الجماعية السابقة، إلا أن تغيير المعطيات الجيوسياسية بالمغرب في السنة الحالية جعلت محمد ساجد يراجع تنازلاته لمصطفى الحيا، وحرص على أن يطبق القانون بحذافيره كلما تغيب. أي أن ينوب عنه رجل الأعمال محمد لمفضل رئيس بلدية المحمدية وليس الحيا. وهذا ما أغاض هذا الأخير، خاصة وأن الصفقة التي ذكرت في جلسة 6 يونيو2013 وتم تبادل الاتهامات بشأنها هي صفقة كان يرأس اجتماعاتها مصطفى الحيا وكانت حكومة عبد الإلاه بنكيران ترعى كل تفاصيلها.
ففي يوم 26 أبريل 2012 تم الإعلان عن طلب عروض دولي لإنجاز محطة التصفية بالبرنوصي وسحبت 22 شركة كناش التحملات. وفي شهر غشت 2012 قدمت العروض من طرف المقاولات. ويوم 19 أكتوير 2012 اجتمعت اللجنة الخاصة بدراسة العروض بحضور ممثلي المصلحة الدائمة للمراقبة (التي كان يشرف عليها الحيا ولو أن اختصاصها تقني) وممثلي الولاية وممثل وزارة الداخلية وممثل شركة ليدك. وبعد دراسة العروض تبين أنها غير مطابقة
فكان من اللازم العودة إلى لجنة الإدارة،Infructueux
Comité de pilotage
التي يرأسها والي الدارالبيضاء لدراسة الحل البديل، خاصة وأن الإعلان عن طلب عروض دولي آخر سيتطلب انتظار ستة أشهر إضافية دون وجود ضمانات بأن المشاركين سيكونون في المستوى علما أن الآجال المحددة لإكمال مشروع محاربة التلوث بالساحل الشرقي للدار البيضاء من طرف الملك محمد السادس هي نهاية سنة2014 .
لجنة الإدارة اهتدت إلى اعتماد تقنية قانونية تتجلى في تحويل طلب العروض إلى صفقة متفاوض حولها
Marché negocié
وتم إعداد الإطار القانوني في بداية نونبر 2012 تحت إشراف الكاتب العام لوزارة الداخلية المهندس نورالدين بوطيب.
وبتاريخ 12 دجنبر 2012 بدأت الشركات تسحب كناش التحملات. ويوم 26 فبراير2013 تم إيداع عروض المقاولات العشر التي تقدمت للصفقة.
عقب دراسة هذه العروض كان على اللجنة اتخاذ القرار التقني، وهو ما تم يوم 15 مارس 2013، إذ احتفظت اللجنة بعرضين: العرض الأول تقدمت به مجموعة
groupement
مغربية فرنسية تضم شركة ديكريمون الفرنسية و«سوجيا ماروك» المغربية، فيما المجموعة الثانية مكونة من شركة بلجيكية واترلو وأخرى مغربية تنحدر من مدينة أكادير وهي صوطراديما.
وفي هذا اليوم (أي فتح الأظرفة) كان ممثلو الدارالبيضاء حاضرين في المصلحة الدائمة للمراقبة يتقدمهم محمد ساجد ومصطفى الحيا ومحمد فهيم ورشيد كمال وررئيس بلدية عين حرودة عبد اللطيف الجيراري، علما بأن هؤلاء الأعضاء سبق لهم وحضروا اجتماعا أوليا بالولاية عقد يوم 14 مارس 2013 في إطار لجنة التتبع، كما أن الحيا هو من ترأس اجتماعا يوم 21 دجنبر 2012 حضرته الشركات المتنافسة وتم فيه عرض شريط Projection وألقى الحيا كلمة رحب فيها بالاستثمارات الأجنبية ببلادنا وأعطى ضمانات بأن هذه الصفقة تحظى بالعناية والمراقبة اللازمة، كما طمأن الحاضرين بأن الحكومة التي يرأسها زعيم حزبه جاءت لتعبيد الطريق أمام كل استثمار وطني أو أجنبي. علما أن هذا الاجتماع ترأسه الحيا وأقيم بمكاتب المصلحة الدائمة للمراقبة.
دراسة العروض أظهرت أن المجموعتين المذكورتين تقدمتا بمبلغ يفوق المبلغ المتوفر لبلدية الدارالبيضاء (400 مليون درهم). إذ طالبت شركة ديكريمون وسوجيا ماروك (المجموعة الأولى) ب493 مليون درهم لإنجاز محطة تصفية المياه بالبرنوصي، فيما المجموعة الثانية (واترلو مع الشركة المنحدرة من أكادير) طالبت ب 526 مليون درهم.
في هذا الإطار، واستحضارا للآجال المرسومة لإنجاز الورش الخاص بتطهير الساحل الشرقي (انظر الإطار رقم 2). طلبت اللجنة من الشركات مراجعة المونطاج المالي للعرض ليكون مطابقا للغلاف المتوفر للبلدية. وأعطيت لهما مهلة أسبوع لإعداد تصور آخر.
وبالفعل اجتمعت اللجنة مجددا يوم 22 مارس 2013 وتبين أن ديكريمون أنزلت العرض إلى 478 مليون درهم، فيما واترلو اقترحت 505 مليون درهم عوض 526 مليون درهم في الأول. فتم إلغاء العرض الثاني واحتفظت اللجنة بعرض ديكريمون على أساس فتح مفاوضات معها للوصول إلى عتبة 400 مليون درهم. وهي المفاوضات التي انصبت بالأساس على الخصائص التقنية للمشروع دون المساس بماهية المنظومة وبدون تجاوز سقف 400 مليون درهم. وبتاريخ فاتح أبريل 2013 انطلقت المفاوضات الرسمية بين السلطات العمومية وشركة ديكريمون لتنتهي يوم 5 أبريل 2013 بالاتفاق على إنجاز المحطة بسيدي البرنوصي بغلاف قدره 39 مليار سنتيم (انظر الإطار رقم 3).
لكن المراقبين أغفلوا عنصرا رابعا يفسر هذه «الضجة الفارغة» بين عمدة الدارالبيضاء ونائبه مصطفى الحيا. وتتجلى في أن محمد ساجد يتميز بأحد أكبر العيوب ألا وهي كونه ودودا وغير صدامي ولا يرغب في المواجهة مع أي كان سواء انتمى إلى المعارضة أو إلى السلطة أو إلى الصحافة أو إلى الجمعيات. إذ لو كان صداميا، يقول هؤلاء، لبادر إلى إشهار كل المحاضر التي كان مصطفى الحيا حاضرا في اجتماعاتها للتداول في كل صفقات ليدك التي كانت تحصل على مباركة كل أعضاء لجنة التتبع والمصلحة الدائمة للمراقبة (بما فيها الحيا) لدفع الرأي العام للبحث عن أسباب خرجات نائبه وأسباب سكوت حزب الاستقلال والبام والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري عن عدم توضيح الأمور علما أنهم ممثلين بدورهم في اللجنة المذكورة الجهاز الوصي على مجموع صفقات ليدك وعلى تسيير التدبير المفوض برمته.
الإطار رقم 1
ما هي لجنة التتبع؟
لجنة التتبع هي أرفع آلية من الآليات التي تم إحداثها عقب إبرام عقد التدبير المفوض مع شركة «ليدك». وتتكون هذه المصلحة من 20 عضوا موزعين بين 9 أعضاء يمثلون المنتخبين و9 أعضاء يمثلون شركة «ليدك» وعضو يمثل الوالي وعضو يمثل وزير الداخلية.
وبخصوص المنتخبين فهم موزعين كما يلي: ستة أعضاء يمثلون بلدية الدارالبيضاء واثنان يمثلون بلدية المحمدية وواحد يمثل بلدية عين حرودة. وبجانب اللجنة السياسية أحدث المشرع مصلحة دائمة للمراقبة (SPC) تعتبر الذراع التقني للجانب المغربي، والتي أشرف ساجد شخصيا في أواخر سنة 2012 على تطعيمها وتقويتها بخبراء في هذا المجال على الصعيد الوطني، لكي يحدث التوازن التقني مع «ليدك» ومع مجموعتها، إلا أن ذلك لم يرق لنائبه الخامس لأن رئيس المصلحة -والعهدة على الراوي- ليس من أنصار حزب «المصباح».
وبخصوص الأعضاء الستة المنتمين لبلدية الدارالبيضاء فهم: العمدة (محمد ساجد عن الاتحاد الدستوري)، محمد فهيم (حزب الاستقلال)، رشيد كمال (الحركة الشعبية)، سليمان زعواط (الاتحاد الدستوري)، حسن بنعمر (التجمع الوطني للأحرار)، مصطفى الحيا (حزب العدالة)، عبد القادر بودراع (حزب البام).
رئيس هذه اللجنة حسب القانون هو العمدة محمد ساجد ونائبه الأول هو رئيس بلدية المحمدية محمد لمفضل ونائبه الثاني هو عبد اللطيف الجيراري رئيس بلدية عين حرودة.
الإطار رقم 2
منظومة محاربة التلوث بالساحل الشرقي للبيضاء
الفضل في إنجاز منظومة محاربة التلوث بساحل الدارالبيضاء الشرقية يعود إلى الملك محمد السادس الذي أمر عام 2010 سلطات الدارالبيضاء بضرورة إنجاز هذا المشروع المهيكل الضخم، خاصة بعد أن لاحظ الملك غياب أي رؤية لدى المسؤولين المحليين في إنصاف المنطقة الشرقية للبيضاء لكونهم تواطؤوا مع اللوبيات لتجهيز غرب وجنوب غرب الدارالبيضاء فقط. الملك لم يكتف بإلزام المسؤولين بإنجاز هذا المشروع، بل قيدهم بآجال زمنية حددت في متم 2014 لإتمام المنظومة البيئية بالساحل الشرقي للولاية (140 مليار سنتيم).
وحينما نقول منظومة، فلأن المشروع مترابط برمته، إذ لا معنى لإنجاز قناة من روش نوار إلى سيدي البرنوصي إن لم تعالج المياه العادمة. ولا معنى لإنجاز قناة كبيرة من لويزية إلى البرنوصي (مرورا بالمحمدية وزناتة) بدون معالجة للمياه. فضلا عن ذلك لا فائدة من بناء محطة للمعالجة بسيدي البرنوصي بدون وجود قناة تفريغ داخل البحر بطول 2 كلم وسط المحيط، ولا فائدة من هذه المشاريع كلها إن لم تكن محطة البرنوصي قادرة على معالجة وتصفية المياه العادمة. من هنا الحرص الملكي على تسمية المشروع بالمنظومة البيئية المتكاملة، خاصة وأن هذا المشروع هو الأول من نوعه بالمغرب، لأن محطة العنق التي أنجزت في عهد «لاراد» هي محطة للعزل فقط (أي تعزل الخشب والحجر عن الماء قبل رميه بالبحر) بينما محطة سيدي البرنوصي تنتمي إلى الجيل الجديد من المحطات بالنظر إلى أنها لن تكتفي بالعزل، بل ستقوم بالتصفية عبر حذف الزيوت والحجر وغيرهما قبل رمي المياه في البحر.
العروض الأولى حددت المحطة في سعة 11 متر مكعب في الثانية (ما يعادل 11 شاحنة صهريجية في الثانية)، لكن حاجيات الدارالبيضاء أظهرت أن المحطة الجديدة بالبرنوصي يمكن أن تكون مجهزة بآليات ومضخات من سعة 7.2 متر مكعب، على اعتبار أن حجم ما تنتجه الدارالبيضاء الشرقية والمحمدية ومحيطهما الجنوبي إلى غاية 2025 لن يتجاوز 7 متر مكعب، وهو موثق في المخططات المديرية للتطهير التي وضعت على أساس تصاميم التعمير لعام.2009
ونظرا لضخامة مشروع محاربة التلوث بالساحل الشرقي للبيضاء (140 مليار سنتيم) فقد اهتدت السلطات إلى تقسيمه إلى 10 أشطر لتحقيق هدفين: الهدف الأول السماح بمشاركة أوسع للمقاولات الوطنية، لأن ترك المشروع برمته في شطر واحد قد يصعب من مساهمة مقاولات مغربية، أما الهدف الثاني فهو ضمان الانسياب والتحكم في الورش الضخم.
وللإشارة، فإن محطة سيدي البرنوصي للمعالجة تم التنصيص عليها في وثائق التعمير عام 1984 عقب انتفاضة الدارالبيضاء في يونيو 1981، لكن «لاراد» لم تنجزها لغياب الموارد ولغياب الإرادة السياسية للمسؤولين. وكان على البيضاويين انتظار تدخل الملك محمد السادس لتحقيق هذا الحلم الذي سيسمح بتدفق الاستثمارات على الساحل الشرقي بعد الانتهاء من هذه المنظومة (تدفق الاستثمارات الخاصة بالفنادق، كورنيش، مطاعم، إلخ...) لتحقيق التوازن مع عين الذئاب من جهة ولتقريب البحر من 2.5 مليون نسمة يقطنون بشرق البيضاء من جهة ثانية.
الإطار رقم 3
رهانات محطة البرنوصي
صفقة محطة تصفية المياه بسيدي البرنوصي تعتبر من الصفقات الاستثنائية بالمغرب، ليس لحجمها (فهناك صفقات أخرى مماثلة ضخمة)، بل للرهانات المرتبطة بها المتمثلة في تتبع شخصي للملك لمشروع محاربة تلوث ساحل الدارالبيضاء الشرقي الذي يدخل في سياق رؤية محمد السادس الخاصة برد الاعتبار للمجالات الترابية المهمشة والمقصية من الاهتمام.
ولهذا الاعتبار تخضع الصفقة لمراقبة صارمة وتمثيلية استثنائية. ففضلا عن الأجهزة العادية الممثلة في الصفقات الأخرى التي تنوب عن السلطة المفوضة والسلطة المفوض لها، نجد بأن صفقة محطة سيدي البرنوصي لمعالجة المياه العادمة تضم بالإضافة إلى ممثلي البلدية و«ليدك» ممثلي كل من ولاية الدارالبيضاء وممثلي وزارة الداخلية، أي أن الجميع يكون على علم بما يجري ويكون على اطلاع بالإكراهات المطروحة وبالخيارات المتاحة.
ملحوظة: أنظر «الوقائع الكاملة للمواجهة بين العمدة ساجد ونائبه الحيا» في الصفحة 23-22 »