"صمت دهراً ونطق كفراً" .. هذا هو حال حكومة بنكيران. فالحكومة صمتت خمسة أشهر وعندما قررت أن تتخذ قراراً يهم الحياة اليومية للمواطنين، قررت الزيادة في أسعار المحروقات. انها حكومة غريبة بامتياز وفي كل شيء، ابتداءً بهيكلتها مروراً بتشكيلتها ووصولاً إلى ايديولوجيتها. حكومة تجمع بين الاسلامي والاشتراكي التقدمي والليبرالي، لا يمكن أن تنتظر منها إلا مولوداً مشوهاً لأن زواجها في الأصل باطل. وبما أن المغرب هو أجمل بلد في العالم، فقد كان في حاجة لأجمل حكومة في العالم كذلك. وبالفعل، السيد بنكيران اليوم يقود أجمل حكومة في العالم. فحكومتنا الحالية هي أول حكومة في العالم يكون أول قراراتها الفعلية هو الزيادة في الأسعار.
حكومتنا الحالية هي أول حكومة في العالم ترفع أسعار النفط داخل البلد عندما ينخفض سعر البترول في العالم. فثمن البترول قفز من 126 دولار إلى 83 دولار حالياً، وعندما كان السعر العالمي مرتفع كانت الدولة تتحمل الفرق وعندما انخفض السعر العالمي قررت الدولة الزيادة في الأسعار.
حكومتنا الحالية هي أول حكومة تصلح صندوق المقاصة الذي يستفيد منه الأغنياء والشركات الكبرى بالزيادة على الفقراء والطبقة المتوسطة، فأول متضرر من هذا القرار هم الطبقة المتوسطة التي تشتري اليوم سيارة بشق الأنفس للتنقل والتخلص من محنة النقل العمومي. هذه الطبقة اليوم تجد نفسها أمام 500 درهم إضافية كل شهر في مصاريف البنزين، ولن تستطيع بعد اليوم برمجة أي نشاط خلال عطلة نهاية الأسبوع أو تغيير جزء من أثاث البيت أو أشياء أخرى لأن ثمن البنزين ارتفع. وبهذا تكون الحكومة قد حرمت قطاعات اقتصادية كثيرة (السياحة، الصناعة، الخدمات ...) من دخل الطبقة المتوسطة التي تعول عليها معظم اقتصادات العالم.
حكومتنا هي أول حكومة في العالم تزيد في الأسعار ويقول وزراؤها بأن القرار في مصلحة الفقراء. عن أي فقراء يتكلمون؟ عن سائقي سيارات الأجرة الذين سيدفعون 1000 درهم إضافية شهرياً لأن ثمن البنزين ارتفع ؟ أم يتحدثون عن الفقير الذي سيدفع الزيادة في تعريفة الحافلة وسيارة الأجرة ؟ أم أن القرار في مصلحة الفقير الذي سيشتري الخضار والفواكه بأثمنة مرتفعة لأن ثمن النقل سيرتفع ؟ أم يتحدثون عن الفقراء الذين سيطردون من عملهم لأن شركاتهم لن تتحمل الزيادة في تكلفة الانتاج ؟ عن أي فقراء تتحدثون أيها السادة الوزراء بوليف والخلفي والدويري ؟
منطق حكومتنا الحالية الاقتصادي لم يدرس في أي جامعة في العالم. حكومتنا الحالية هي أول حكومة في العالم لها وزيرين في المالية ويسير صندوق مقاصتها وزير ثالث مكلف بالشؤون العامة والحكامة. ولأنه فعلاً حكيم فقد فقد صوابه وقرر تهييج الشارع ومحو الفقراء من الوجود.
حكومتنا الحالية هي أول حكومة في العالم تتراجع عن نسبة نموها ثلاث مرات في ستة أشهر، فبعد أن وعدت ب7% خلال الانتخابات تحدثت عن 4,2% في قانون المالية قبل أن تتراجع من جديد خلال الأسبوع المنصرم وتتمنى تحقيق 3% و"شوف تشوف".