هاتفني الزميل العزيز رشيد الصباحي مساء الاحد، في صوته شيء من الحزن على غير عادته، أحسست بانقباض شديد وأنا انتظره أن يبوح بما لديه، سألني عن رئيس اللجنة بدا لي السؤال غريبا، سكتت برهة مندهشة من السؤال وظرفيته استغلها ليبلغني وفاة السي إدريس بنعلي. رجالات المغرب يرحلون في صمت كان هذا تعليقي في لحظات صدمة حقيقية. . اعترف أنني لست مؤهلة للحديث عن رجل من قيمة إدريس بنعلي، لان هناك من هم أولى بذلك، الذين عايشوه عن قرب كأكاديمي واقتصادي ظل وفيا لقناعاته السياسية ورؤيته للمتغيرات التي عاشها المغرب بكثير من الاستقلالية والعفة وبعد النظر.
كنت متابعة لمقالاته وحوارا ته والمؤكد أن الكثير منا يتذكر مروره عبر القناة الثانية كمحلل اقتصادي ساهم بشكل كبير في إشعاعها في مرحلة البدايات. كنت التقي به في ردهات الإذاعة المغربية، أقف واسم عليه احتراما وتقديرا لنوعية من الناس لا تصادفها دوما. ابتسامته لا تفارقه أبدا ، وعينان تحملان أسئلة كثيرة ظل ينتظر أجوبة عليها إلى أن رحل في صمت وكبرياء.
لم ادر ان الأقدار والسينما ستجمعني به يوما في إطار لجنة الدعم عندما عين رئيسا لها في اعتراف جاء متأخرا تلفه مرارة الوقت والزمن الضائع. في اخر لقاء للجنة قبل أسابيع كان متعبا، متكئا على عكازه ليساعده على تحمل وهن المرض، قلقنا جميعا لوضعه الصحي، لكنه أبان عن نكران ذات كبير حتى في عز لحظات الألم عندما أصر على تأخير موعد التحاقه بمصحة في الرباط إلى حين انتهاء اللجنة من عملها. لم يفرط في فنجان قهوته ولا في ابتسامته التي كانت تخفي شيئا من الحزن ولا في حكيه المستمر عن أشياء عايشها. وفي حكيه هذا كان يطل دائما من نافذة التاريخ ليفسر ويحلل ماحدث وتوقعاته لما سيحدث.كان كل لقاء معه إضافة جديدة لنا.
رحل رجل نعرفه جميعا واكتشفته عن قرب وان بشكل متأخر. شكرا لك أيتها السينما .