على شاكلة معدلات النمو التي سبق أن وعدت بها حكومة بنكيران المواطن المغربي، أخلف التلفزيون العمومي وعوده التي سبق أن أطلقها بداية هذا السنة، ليختم العام بمعدلات نمو إعلامي تقارب الإفلاس. فبالرغم من كون التلفزيون قد شكل نقطة الاصطدام الأولى لما بعد دستور 2011 بين الدولة والحكومة نصف الملتحية بسبب ما عرف بأزمة دفاتر التحملات، إلا أن ذلك لم يساهم إطلاقا وخلافا لما كان منتظرا، في تطوير الأداء الإعلامي للتلفزيون العمومي. حيث ختم التلفزيون العمومي سنة 2012 بنسب مشاهدة متدنية. إذ تراجعت القناة الأولى إلى نسبة 7 بالمائة، في حين لم تتجاوز نسبة مشاهدة القنوات العمومية الست الأخرى باستثناء القناة الثانية، نسبة 5 بالمائة. في المقابل، استمر الإقبال المتزايد للمغاربة على القنوات الأجنبية بنسبة قاربت 60 بالمائة. أما نسبة التجهيز بأجهزة الاستقبال الرقمي الأرضي، فلم تتجاوز 4 بالمائة على بعد سنتين فقط من الانتقال الكلي لهذا النوع من البث. أما على المستوى التدبيري، فختم التلفزيون السنة كما بدأها. تجدد توترات المطبخ الداخلي بسبب "ما للإدارة وما للمستخدمين" وما رافقها من احتجاجات نقابية وتسابق على مناصب المسؤوليات بمنطق التزكيات والتوصيات على حساب منطق الكفاءة. والنتيجة تعطيل الكثير من مصالح التلفزيون كخدمة عمومية. حيث سادت داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وعلى مدى سنة، حالة من الترقب بسبب انتظار الإعلان عن هيكلتها الجديدة وذلك بهدف ضمان انسجامها وملاءمتها مع مضامين دفاتر التحملات الجديدة وكذا الغلاف المالي للعقد البرنامج. وازداد التوثر بعد تسرب معلومات تتحدث عن اتجاه العرايشي إلى تعيين مجموعة من الأشخاص في مناصب شاغرة مثل مديرية القناة الأولى والإنتاج والبرمجة. أما سياسيا، فانهمك التلفزيون العمومي خلال هذه السنة في صراعه مع حكومة بنكيران أكثر من انشغاله بخدمة المشاهد المغربي، لدرجة صار يظهر معها كطرف سياسي يشتغل فوق رمال معادلة سياسية حركها صعود الاسلاميين للحكم. فبعدما التزم حربائيا بخطاب تعددي خلال الحملة الدستورية ثم غازل سهوا حكومة بنكيران، عاد لينقلب عليها وعيا بكثافة حضورها إعلاميا. فعلى مدى الستة أشهر التي أعقبت تشكيل الحكومة، التزم التلفزيون بنفس أساليبه السابقة في التعامل مع الحكومات المتعاقبة، بمعنى التغطية المكثفة لأنشطة الحكومة ومنح الأفضلية للوزراء وللمجالس الحكومية والمجالس الوزارية والاستقبالات والتدشينات والسفريات الرسمية للحكومة، بالإضافة إلى الخرجات الشهرية لرئيس الحكومة بالبرلمان كمقتضى دستوري جديد. دون إغفال بعض البرامج الخاصة مثل استضافة بنكيران في بث مشترك بين القناتين معا يوم 6 يونيو ليشرح للمغاربة أسباب الزيادة في أسعار الموز والبطاطس والمازوط... لكن مع تزايد شعبية رئيس الحكومة وانزعاج المعارضة منها، فهم أصحاب الحل والعقد التلفزيوني أن من الضروري إجراء تعديل في مسار تعامل التلفزيون العمومي مع الشأن الحكومي. حيث أصرت القناتان الاولى والثانية على اعتماد شبكة برامج معادة كليا منذ رمضان الماضي للإيهام بقتل الحكومة للتلفزيون. كما تم اعتماد برامج سياسية بمواضيع تتقاطع كلها عند خطاب الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تتهدد المغرب بالإضافة إلى التغطية الموسعة التي حظي بها مؤتمر حزب الاستقلال وصعود شباط أمينا عاما لحزب الميزان بالإضافة إلى الميزان الخاص الذي كالت به القناتان تصريحاته التي تشير إلى إمكانية إجراء تعديل حكومي ووصفه لأداء بنكيران بالبطيء، نفس الشيء بالنسبة لأشغال المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة والذي خصصت له تغطيات موسعة في نشرات الأخبار. دون نسيان حلقة برنامج "مباشرة معكم" التي خصصت لمناقشة وضعية المرأة، والتي دفعت ببسيمة الحقاوي إلى اتهام القناة بتوريطها في بلاتو غير متوازن انتصر لذوي "النزوعات العلمانية"، أو تخصيص حلقة من نفس البرنامج في سابقة هي الأولى من نوعها، لمرشحي الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي والتي اكتفت بالهجوم على بنكيران.