يسدل اليوم السبت ثامن دجنبر 2012 على الدورة الثانية عشر لأهم مهرجان فني بالمغرب وهو المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. دورة وكما واكبتها "كود" كانت "كبيرة" من حيث البرمجة (خاصة أفلام المسابقة الرسمية) ومن حيث التكريم (خاصة تكريم السينما الهندية) لكنها كانت "صغيرة" من خلال حروب خفية غير باردة بين المنظمين. حروب أثرت على الأجواء العامة للتنظيم وسممت علاقات متوترة أصلا بين عدد من رؤوس المهرجان. هذا الارتباك والتوتر اغضب رئيس مؤسسة مهرجان الفيلم الامير مولاي رشيد الذي لم يستسغ استمرار تلك الحروب رغم انه نزل بثقله هذه السنة من خلال حضور رجالاته الدائم في كل تفاصيل المهرجان. وهذا الامر يطرح سؤالا "هل المهرجان مازال بحاجة إلى رعاية القصر من خلال الأمير مولاي رشيد؟.
لقد انطلق المهرجان بإرادة وإشراف الملك محمد السادس قبل 12 سنة، كانت الظروف الدولية غير مواتية بعد أحداث 11 شتنبر الإرهابية لإقامة مهرجان دولي للسينما لكن الملك الذي منح تطبيق هذه الرغبة للراحل المنتج الفرنسي ومنظم المهرجانات دانيال توسكان دوبلانتيي وكان أزولاي أندري مستشار الملك صلة الوصل. التدخل الملكي كان كبيرا، بعد ان بدأ المهرجان شق طريقه وقعت تغييرات ابتعد الملك ومستشاره عن التنظيم والإشراف العام وأسندت المهمة إلى الامير مولاي رشيد وأنشئت مؤسسة للمهرجان وعين نائبا للرئيس هما نور الدين الصايل وفيصل لعرايشي وحصلت "بيبليك سيستم"الفرنسية على عقد لتنظيم الدورات وعوضت ميليتا زوجها الراحل وعينت مديرة للمهرجان.
كان ذلك قبل ست سنوات فهل بلغ المهرجان من النضج ما يجعله في غنى عن إشراف الامير المباشر؟ لا اعتقد ان مهرجان مراكش الدولي للفيلم بلغ هذه المرحلة، لذا فالحاجة إلى الأمير كبيرة لكن يجب ان تحدد مهام واضحة لرجالاته كي لا يستمر اختباء عدد من مسؤولي المهرجان وراء الامير. هذا الامر يشكل جزءا من مهرجان يحتاجه المغرب كثيرا.
بخصوص الفرنسيين واستمرارهم في الهيمنة على اهم فقراته فان الامر يحتاج إلى تحديد ما يشبه خارطة طريق لتحديد مراحل خروج مرحلي للفرنسيين، إذا كانت فقرات اساسية من المهرجان ليس في قدرة المغاربة القيام بها خاصة اختيار الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية (ذلك يحتاج إلى تعبئة جيش يطوف العالم بحثا عن الأفلام، فهي مسألة إمكانيات فقط) ثم اختيار أعضاء لجنة التحكيم واختيار المكرمين، فمن غير المعقول ان تسند أمور بسيطة كالحراسة والتكلف بالنقل لفرنسيين. الامر مازال قائما رغم ان عمر المهرجان 12 سنة. مصادر أوضحت ل"كود" ان هذا التوجه في إسناد مهام أكثر للمغاربة بدأ وسيستمر بوتيرة اسرع في الدورات المقبلة، وأضافت ان الامير أكبر المدافعين عن هذه الفكرة التي تقتضي تكوين المغاربة ليس في تكوين الشباب في السينما فقط كما شرع المهرجان في ذلك، بل في التنظيم الاحترافي
هذا الامر يمر بعد أحداث تغييرات كبيرة، احد مستشاري الرئيس الذي كان مشرفا على الجانب المالي وكثرت تحركاته كثيرا هذه السنة تحدث لبعض المشرفين عن قرب تعيين كاتب عام جديد مكان جليل لعكيلي الذي تعرض لهجوم كاسح من الاصدقاء والاعداء هذه السنة ويتحدث عنتعويضه باسم فاسي والاكتفاء بنائب واحد للرئيس في شخص الصايل نور الدين، لكن مقربون من الامير نفوا ل"كود" ذلك وأكدوا انه لا تغيير. سوى في البروتوكول والتواصل. رغم هذا النفي فان المؤشرات تؤكد تغييرا قريبا وغضبة الامير مولاي رشيد هذه الدورة من هذه المؤشرات.
هناك من يتحدث عن تحكم "الفاسة" في مهرجان مراكش من خلال التحاق أسماء فاسية وتهميش أبناء مراك، هذا الامر يرد عليه مسؤول بالمهرجان ل"كود" نقاش مغلوط اخرجه البعض لعدم إثارة النقاش الحقيقي فمهرجان الفيلم يبحث عن الكفاءات لا على ترضية العائلات وهو ما بدأ العمل فيه وسيستمر
الأهم في كل هذا ان المغرب في حاجة إلى مهرجان مراكش السينمائي وهذا المهرجان في حاجة إلى تجديد وتطوير وهذا لن يتم في الوقت الراهن إلا بإشراف أكبر للأمير وبتعيين شخص واحد يشرف على كل تفاصيل التنظيم ويقضي على التطاحنات التي شوهته كثيرا