خلفت الحلقة الأخيرة من برنامج 90 دقيقة للإقناع على قناة ميدي 1 تي.في والتي استضافت الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، مجموعة من ردود الفعل داخل الحكومة، كما أثارت إشكالا تلفزيونيا كبيرا وضع الهاكا في حرج كبير. إذ لم تستبعد مصادر مطلعة أن تكون اللهجة القوية التي تكلم بها بنكيران خلال خرجته البرلمانية يوم الجمعة الماضي أي خلال اليوم الموالي لبث البرنامج، كرد فعل على الاستفزازات التي قام بها حميد شباط خلال استضافته بالبرنامج المذكور، حيث لم يتردد في جلد الحكومة رغم أن حزبه مشارك فيها. وكان نصيب حقائب الصحة والتعليم والاقتصاد والتشغيل وافرا من انتقادات شباط، أضف إلى ذلك أنه لم يجد أدنى حرج في تبادل عبارات الود والتنسيق العلني مع ضيف البرنامج الطالبي العلمي ممثل التجمع الوطني للأحرار عن المعارضة البرلمانية. فرغم أن هذا الأخير تمت استضافته على أساس أنه الضيف المفاجأة من أجل أن يشكل في البلاتو خصما سياسيا لشباط، إلا أن المفاجأة الحقيقية كانت هي التقارب والتنسيق الكبير الذي ظهر بين الطرفين وإجماعهما على هزالة الحصيلة الحكومية، لدرجة أن العلمي لم يتردد في نعت شباط بصوت المعارضة داخل الحكومة، وهي الصفة التي لم ينزعج منها شباط، بل رحب بها بشكل استفز حتى مقدمة البرنامج إكرام بنشريف التي وجدت نفسها مجبرة على تذكير ضيفيها بدورهما بالبلاتو تماشيا مع اختلاف قبعتيهما السياسيتين.
وأضافت ذات المصادر أن ما نشر في الصحافة قبل البرنامج من كون بنكيران قد اشتكى من شباط للملك أثناء لقائهما الأخير، خلق "دفعة معنوية" لشباط لتقوية هجومه على الحكومة ورئيسها رغم تكذيب هذا الأخير لهذا الخبر، لأن زعيم الاستقلال أحس بأنه صار يفقد بنكيران توازنه، على الأقل على المستوى الإعلامي. استياء الحكومة من تصريحات بنكيران عكسه أول تصريح إعلامي للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله، الذي اعتبر أن ما جاء على لسان حميد شباط، بخصوص وزير الصحة، الحسين الوردي، ضمن برنامج "90 دقيقة للإقناع" يعدّ "مستوى متدنيّاً جدا في عالم السياسة".
من جهة أخرى وضعت تصريحات شباط الهاكا في حيرة من أمرها، على اعتبار أنها تضيف ذات المصادر، ستجد صعوبة في احتساب هذه التصريحات، هل ضمن الحصة المخصصة للأغلبية أم ضمن الحصة المخصصة للمعارضة في تقارير التعددية التي تصدرها. علما أن الهاكا تضع الاستقلال ضمن الأغلبية لكن تصريحات شباط كلها معارضة للحكومة، أضف إلى ذلك أن الحصة الزمنية التي خصصت له كبيرة، إذ بلغت أكثر من ساعة. وهي الحصة التي قد تشكل حصة حزب واحد طيلة السنة في قناة تلفزية معينة. وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها هذا الخلط بين دور المعارضة والأغلبية من طرف الاستقلاليين خلال مرورهم بالتلفزيون.
حيث سبق أن فعلها مثلا فؤاد القادري في برنامج "قضايا وآراء" أثناء مناقشة الميزانية، وعمر احجيرة في برنامج "مواطن اليوم" على ميدي 1 تي.في، حيث أظهرا المسافة التي صار يحتفظ بها الميزان من حكومة بنكيران وبالتالي محاولة تحسيس الرأي العام على الأقل إعلاميا، بأن الاستقلاليين على العهد الشباطي صاروا تدريجيا في حل من ميثاق الأغلبية الحكومية، وهو ما فتئ شباط يصرح به أو بالأحرى يهدد به منذ صعوده أمينا عاما.