تم أول امس تنصيب اللجنة التي ستعمل على إعداد مشروع مدونة للصحافة والنشر كما تم خلال نفس اليوم تنصيب اللجنة العلمية التي ستعمل على صياغة كتاب أبيض للسينما. طريقة جديدة اهتدى لها وزير الاتصال مصطفى الخلفي لتقليص سلطاته التدخلية المباشرة في القطاعات التي تشملها اختصاصات وزارته مثل السينما والصحافة والنشر والتي كانت تعد حتى وقت قريب مجالات حصرية لوزارة الاتصال لم تكن يوما موضوع نقاش عمومي، على عكس ما أصبح عليه الأمر اليوم على عهد حكومة بنكيران. في المقابل، ستمكن هذه الطريقة من ضمان انفتاح أكبر على المهنيين لتنظيم أمورهم بأنفسهم واكتفاء الوزارة بالتأطير عن بعد. وهو ما تعكسه عمليا مبادرة تنظيم المناظرة الوطنية للسينما منتصف الشهر الجاري والتي سيعقبها كتاب أبيض حول الفن السابع برئاسة عبد الله ساعف. من جهة أخرى، ستفوض الوزارة للجنة المساري قيادة عمليات تشاورية واسعة لإعداد مشاريع القوانين المرتبطة بالصحافة والنشر والصحافيين المهنيين والمجلس الوطني للصحافة والحق في المعلومة. وقبل هذين الملفين، كان الخلفي قد ترك لوكالة المغرب العربي للأنباء ولمجلسها الإداري حرية إعداد ميثاقها الأخلاقي بنفسها دون تدخل من الوزارة الوصية. أسلوب الخلفي الجديد في التعامل مع ملفات الوزارة الحساسة، أملته تجربته مع دفاتر تحملات التلفزيون العمومي. فخلال النسخة الأولى من هذه الدفاتر لشهر مارس الماضي، تبنى الخلفي مقاربة اشتغال قوامها تنزيل برنامج حكومة بنكيران في المدينة المحظورة للتلفزيون العمومي، وهو ما خرج سليم الشيخ وفيصل العرايشي وسميرة سيطايل ينتقدونه، بل ومنهم من شرع في التنظير لفكرة دستورية جديدة مفادها الفصل بين سياسة الدولة وسياسة الحكومة، أي أن الحكومة لا وصاية مؤسساتية لها على التلفزيون، بحكم كونه "جهازا سياديا". وهو ما يفسر التعديلات التي أدخلت في ما بعد على دفاتر تحملات الخلفي من طرف اللجنة الوزارية التي ترأسها نبيل بنعبد الله والتي شملت في مجملها تقليص مجال تدخل السلطة التنفيذية في شبكة البرامج وذلك من خلال الإكثار من عبارات "إن أمكن" و"بصفة تدريجية" و"حسب الإمكانيات المتوفرة"، مما أعاد لأصحاب التلفزيون شيئا من تحكمهم في شبكات البرامج، لكن الخلفي عاد من الباب الخلفي للدفاتر ليكبل هؤلاء بالتزامات خاصة بالحكامة والشفافية والمحاسبة.