كم من وليمة قدمتها أسماء اغلالو لمستشاري الرباط. الذين كانوا في صفها. كم من لحم محمر. ودجاج. كم من مشويات. وبسطيلة. كم من براريد شاي. وعصائر. وليمونادة. وفواكه جافة. كم من عشاء حضروه في صالونها. كم من مرة شبعت الأغلبية و تجشأت في ذلك الصالون الذي لن ينساه المغاربة. وفي النهاية يتنكرون لها. ويرغمونها على الاستقالة. دون أي كلمة شكر. ودون أن يعترفوا بكرمها. و بشساعة صالونها. و بسداديره الطويلة مثل أوتوروت. وحتى حزبها. وحتى الذين جاؤوا بها كي تكون عمدة. فعلوا ذلك. كي ينقلبوا عليها. وكما لو أنهم يلعبون. وكما لو أن تسيير عاصمة المغرب ليس مهما. ويجوز فيه الدفع بأسماء اغلالو. ثم العمل. بعد ذلك. على إزاحتها من موقعها. كمن يجرب. كمن يلهو. كمن لا يختار المرأة المناسبة في المكان المناسب. و دون أي تفسير. وقد تكون هذه السيدة فاشلة. وقد تكون غير موفقة. لكنها ضحية من جاء بها. ومن صوت لها. ومن اختارها. ومن أقحمها في هذا العالم دون أن تكون لها أي تجربة سياسية معروفة. ولا أي تدرج. ولا أي خبرة. ودون أن تجد الوقت الكافي لتصنع شبكة مصالحها. وعلاقاتها. وأتباعها. في كل الأحزاب. وفي المعارضة. وفي الأحياء. وفي الإدارة. كما فعل كل من سبقوها. وفي وقت قياسي تم التخلى عنها. و تسليمها على طبق من ذهب. لمن كان يرفض من البداية نزولها من فوق على العمودية. و لمن كان يرى نفسه هو الأحق بهذا المنصب. الذي يسيل لعاب ديناصورات العاصمة. من مختلف الأحزاب. والأسر السياسية. إنها ضحية ممارسة سياسية طارئة. وتدفع بالمرأة لمجرد أنها امرأة. فالحزب الذي تنتمي إليه. وبخفة. صار خصما لها. والمستشارون الذي صوتوا لها انقلبوا عليها. ولم يبق معها أحد. باستثناء رجال شداد. تستعملهم للدفاع عنها. لتصبح السيدة أسماء اغلالو وحيدة. ومعزولة. وغير مرغوب فيها. بينما الذين جاؤوا بها. لا يحاسبهم أحد على أخطائهم. ولا يدعو أحد إلى استقالتهم. ولا يتنكر لهم أحد. ولا يسألهم أحد عن الأسباب التي جعلتهم يدفعون بهذه المرأة في البداية. لينفضوا من حولها بعد ذلك. مانحين الضوء الأخضر لانطلاق عملية نهشها. والهجوم عليها. والبحث عن أخطائها. وأخطاء زوجها. في عبثية سياسية يصعب فهمها. مع أن أسماء اغلالو لم تكن لوحدها ومجرد اسم وكان معها حلفاء وكان معها من يوجهها من فوق. ويؤطرها. إلا أن لا شيء من ذلك نفعها ولا كونها امرأة ولا الحماس الذي أبدته في الأيام الأولى. ولا الشعارات التي رفعتها. ولا أغلبيتها. ولا المرات الكثيرة التي أولمت فيها لمن انقلبوا عليها. في صالونها الطويل الطويل الطويل والمكلف والذي كان يملأ عن آخره بالمستشارين وبما لذ وطاب. وبينما. وهم يلتهمون الحلوى. ويشربون الشاي. ويصفقون لها. كانوا يتآمرون عليها. ويجزمون أنها غير مؤهلة لتسيير مدينة بحجم الرباط. ويستعدون لليوم التالي بعد استقالة-إقالة أسماء اغلالو. متحلقين حول العمدة الجديد(ة).