من استهانوا ب"الفايسبوك" جرت بأخبارهم الركبان، فبعضهم طار هربا وبعضهم زج به وراء القضبان بينما لقي آخرون حتفهم بعد دحرهم. إنه "الخطر الأزرق" الذي أصبح وسيلة المعدمين وسلاحا للعزل، في مجابهة الأحداث وفي خلق التداعيات.
وفي المغرب، يبدو أن "الفايسبوك" ومعه زميله "التويتر" قد دخلا على خط الحملة الانتخابية، وأصبحا أكثر أهمية من وسائط التواصل الأخرى مع الناخبين.
ومن يرد استمالة الناخبين ليس عليه سوى إنشاء حساب له في العالم الافتراضي، فهذا الأخير يوفر له كوة يطل منها على "أهدافه" صباح مساء، ويقدم جردا عن منجزاته أو يتعهد بتحقيق العجب العجاب بعدما توصله صناديق الاقتراع إلى كرسي البرلمان. وباستطاعة المواقع الاجتماعية قلب الموازين لقوى سياسية في مواجهة أخرى، والعهدة على التعليقات الواردة على الدعايات التي ينبري لها مرشحون على صفحات هذه المواقع. وأصبح مرشحون للانتخابات التشريعية المقبلة، يراهنون على الكم الكبير لمرتادي الشبكة العنكبوتية في المغرب، فهم بالضرورة أكثر من مشاهدي التلفاز وقراء الجرائد أو حتى من يصيخون السمع فقط للأثير، وبهذا ف"الفايسبوك" و"التويتر" تحولا بين عشية وضحاها إلى رحبة تعرض فيها برامج حزبية سرعان ما تتذيل بتعليقات تكاد تمثل "ترمومتر" لنبض الناخبين. وقد أطل أحد المرشحين عن حزب "مترهل" يخبر "صديقاته وأصدقائه" "الفايسبوكيين"، أنه قرر التواصل معهم، وأنه سيتقبل انتقاداتهم ومؤاخذاتهم بصدر رحب.. حقا إن العالم يتغير بسبب "الفايسبوك". وكان فريق من الباحثين العاملين بجامعة دبي للإدارة الحكومية بالإمارات العربية المتحدة، أكدوا مستهل السنة الجارية، أن 2 مليون و450 ألف مغربي يستعملون الموقع الاجتماعي "فايسبوك"، وهذا الرقم مرشح أن يكون ارتفع كثيرا بعد تداعيات الموقع الاجتماعي ونجاعته في تغيير معالم دول عربية أخرى. على أن نفس الدراسة أكدت أن 38 بالمائة من مستعملي "الفايسبوك" تمثله الإناث في حين تتركز نسبة الشباب المنتمين للفئة العمرية الأقل من 29 سنة وفوق ال15 ضمن الصدارة عربيا بنسبة 81 بالمائة.
وأوضح فريق البحث، ضمن النتائج التي تصبو مراقبة تعاطي بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط مع موقع "الفايسبوك"، بأن 41 بالمائة من المغاربة يتصدرون العالم العربي بلجوئهم ل"الفايسبوك" و"التويتر" ومواقع أخرى.. وذلك رغما عن المرتبة المتواضعة التي يتموقع فيه المغرب في لائحة ترتيب استعمال الانترنيت بحلوله في الرتبة 12 من بين 20 دولة همتها هذه الدراسة.
لكن في المقابل، تظل المواقع الاجتماعية بعيدة عن الرقابة، فكيف يضمن احترام موعدي بداية ونهاية الحملة الانتخابية لاستمالة الناخبين وتقريع المنافسين السياسيين؟ سؤال قد ينتظر جوابا له حتى آجل غير مسمى. وكما أصبح العالم الافتراضي، مدعاة للمشاركة في الانتخابات التشريعية بالمغرب، فإن البعض من رواد الشبكة العنكبوتية آثروا التندر وتبادل النكت والمستملحات تجاوبا مع الحملة الانتخابية التي انطلقت منذ يوم السبت المنصرم، فهذا يسمي حزبه "التيطانيك" والذي سيجنب الغرق كل من صوت عليه، وآخر يعد المواطنين ب"طائرات" ستوزع عليهم في حال فوزه، مع رفع الأجور المقرون ب"تسريع الكونيكسيون"، على أن يتم تحسين مستوى التعليم بالمغرب وتمكين التلاميذ من أيام عطل أكثر مما هي الآن، فيما آخر يؤكد أن صوته أضحى يساوي الكثير، محيلا إلى "طفرة" تصيبه كل خمس سنوات تغير قيمته.