غادر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء ستافان دي ميستورا مدينة العيون، بعد الزيارة اللي قادتو إلى حاضرة الصحراء، واللي تلاقى فيها بسلطات ومنتخبي الجهة، وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، والعديد من الفعاليات المدنية والحقوقية، وهي الزيارة اللي كتندرج فإطار جولتو الإقليمية اللي كتهدف إلى إجراء مشاورات مع مختلف الأطراف المعنية بالنزاع الإقليمي حول الصحرا، قبل إعداد تقريره السنوي اللي غايتم عرضو على أنظار مجلس الأمن الدولي شهر أكتوبر المقبل، وكذا بحث سبل تحريك العملية السياسية اللي كتقودها الأممالمتحدة بهدف إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه لهذا النزاع، للي إلى باقى معمر وعطل مسار الاندماج بالمنطقة المغاربية، وأطال معاناة ساكنة مخيمات تندوف بالتراب الجزائري كثر من خمسة عقود. العيون نجحات فكسب الرهان.. ومرافعة المنتخبين عن الوحدة الترابية للمملكة صنعات الفرق لقد مكنت التحضيرات اللي شرفات عليها السلطات المحلية للمدينة بتعليمات من والي جهة العيون الساقية الحمراء عبد السلام بكرات، وكذا الترتيبات اللي سبقات الزيارة والاجتماعات المكثفة التي أشرف على عقدها لإنجاح هذا الحدث، من تهيئة الظروف اللازمة لإجراء اللقاءات والاجتماعات المبرمجة فظروف عادية وسلسة. وفهاد الإطار التقى الوسيط الأممي بالفعاليات المدنية والحقوقية، كما التقى بالمنتخبين الممثلين الشرعيين للساكنة، وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، فضلا عن لقاءاته مع بعض مناصري أطروحة البوليساريو، في صورة تعكس الجو الديمقراطي اللي عاشت فظلو أقاليم المغرب الجنوبية، فالوقت اللي كتظل فيه قيادة البوليساريو ترفض السماح لمن يخالفونها الرأي بمخيمات تندوف، بإيصال أصواتهم لمبعوثي الأممالمتحدة المتعاقبين خلال زياراتهم لهذه المخيمات. الحدث اللي كان بارز فهاد اللقاءات كانت الكلمة الهامة للعمدة ديال العيون مولاي حمدي ولد الرشيد، التي ألقاها باسم المنتخبين، والتي قدم من خلالها عرضا مفصلا تضمن مرافعة قوية عن الوحدة الترابية، كما تناول أهم الأوراش التنموية التي عرفتها مدينة العيون، وما تطمح له ساكنة الصحراء من هذه الزيارة، حيث بسط ولد الرشيد أمام الديبلوماسي الأممي وبلغة الأرقام، أهم المشاريع التنموية الكبرى المنجزة بهذه الربوع، والتي غيرت وجه هذه الأرض التي تركها المستعمر السابق قاعا صفصفا مفتقدة لأبسط مقومات الحياة، لتتحول بعد عودتها إلى حضن الوطن بعد المسيرة الخضراء سنة 1975، إلى ورش كبير للتنمية المفتوحة على مختلف الأصعدة. ولد الرشيد عدد المنجزات والنجاحات المحققة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس سنة 2015، وهو الورش الكبير الذي يضع المواطن في صلب الأولويات، ويستهدف خلق دينامية تنموية مستدامة قادرة على خلق فرص الشغل للأقاليم الجنوبية، والذي بفضله تم تشييد العديد من البنيات القاعدية الكبرى، كالمستشفى الجامعي الكبير، إلى الكليات والمعاهد في مختلف التخصصات، مرورا بالساحات والفضاءات الخضراء إلى الأسواق النموذجية والملاعب والفضاءات الرياضية والمراكز الصحية، وغيرها من البنيات التحتية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والخدماتية وغيرها، ما مكن من تحويل المدينة إلى قطب تنموي واعد، كل ذلك تحقق يضيف ولد الرشيد أمام أنظار دي ميستورا والوفد المرافق له، مع الحرص على تمكين الساكنة من تدبير شأنها المحلي من خلالها ممثليها المنتخبين الذين أفرزتهم صناديق الاقتراع في انتخابات شفافة وديموقراطية شفافة ونزيهة بشهادة تقارير الأمين العام للأمم المتحدة. كما نقل رئيس المجلس الجماعي للعيون للوسيط الأممي رسالة ساكنة الأقاليم الجنوبية، والتي تؤكد على دعمهم الكامل لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، وعلى أنه هو الحل الواقعي الوحيد والأوحد الذي من شأنه إنهاء هذا النزاع، ووضع حد لمعاناة أهاليهم في مخيمات تندوف بالتراب الجزائري المستمرة منذ ما يناهز نصف قرن من الزمن. كلمة ثبت من خلالها م.حمدي ولد الرشيد ومن جديد، أنه رجل دولة بامتياز من خلال عرضه الشامل حول الواقع الذي تعيشه الأقاليم الجنوبية للمملكة، معززا كلامه بأدلة وشواهد كثيرة من المنجزات المحققة على الأرض، بعيدا عن الدعايات المغرضة، وكذا نقله لرسالة قوية وواضحة إلى الأممالمتحدة عبر مبعوثها إلى الصحراء، بأن ساكنة هذه الأقاليم، متمسكون بالبيعة التي في أعناقهم للعرش العلوي المجيد والتي توارثوها كابرا عن كابر، وأنه لا حل لهذا النزاع المفتعل خارج إطار الحكم الذاتي. رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء س.حمدي ولد الرشيد من جهته، والذي شكل حضوره الفاعل أحد الأعمدة الجوهرية والضمانات الأساسية لإنجاح هذه المحطة الوطنية المفصلية، بإعتباره العضو البارز في الوفد المغربي المفاوض، والرئيس المنتخب لإحدى جهتي الصحراء المعنية بالنزاع، وأحد أبناء المنطقة الذين تولوا زمام الشأن العام منذ ريعان شبابه، مقدما نموذجا خاصا ومشرفا للنخب التي تشرف على تدبير الشأن العام، حيث نقل الرسالة المطلوبة إلى الوسيط الأممي ومن خلاله إلى المنظمة الدولية، بلغة ديبلوماسية وبأسلوب رجل الدولة المتمرس، مؤكدا على أن الحل الواقعي والعملي والوحيد لهذا النزاع قد قدمه المغرب، وأن هذا الحل يحظى برضى الساكنة ودعم أغلب دول العالم، معريا تمترس الجبهة خلف طروحات بائدة تجاوزها الزمن وأقبرتها قرارات الشرعية الدولية. رئيس جهة العيون الذي نجح في الإستئثار بإنتباه المبعوث الأممي قدم شروحات وافية عن المراحل التنموية التي قطعتها الجهة بفضل العناية الملكية الخاصة التي تحظى بها الساكنة والمنطقة على حد سواء، مؤكدا أن النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية والذي تفضل عاهل البلاد بإطلاقه سنة 2015 شكل ثورة تنموية شاملة، لامست مختلف مناحي الحياة بالصحراء سواء ما يتعلق بالبنية التحتية وتشييد الموانئ والمطارات والمؤسسات التعليمية والصحية، في رؤية ملكية متبصرة يضيف المسؤول الأول بالجهة تؤكد عزم المملكة المغربية على كسب رهان التنمية وتوفير العيش الكريم للسكان، بعيدا عن معاول الهدم والخراب والدمار التي يحملها دعاة الإنفصال وعرابيه بالداخل والخارج. ولأنه وكما يقال ليس من رأى كمن سمع، أبت سلطات ومنتخبو العيون إلا أن ينظموا جولة للمبعوث الأممي شملت عددا من المشاريع والأوراش التنموية الكبرى المنجزة بالمدينة، حيث وقف دي ميستورا بشكل ميداني، على ما أنجز بحاضرة الأقاليم الجنوبية من نهضة تنموية غيرت وجه المدينة، وذلك بفضل المشاريع الكبرى ذات البعد الاستراتيجي وأوراش التأهيل الحضري التي أنجزت باستثمارات ضخمة من الدولة، وبإشراف القائمين على تدبير شأنها المحلي من أبناء المنطقة تخطيطا وتنزيلا وإبداعا، وكل ذلك ما كان ليتحقق لولا العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لهذه الأقاليم من أجل جعلها مركزا دوليا للاستثمار، ورافعة كبرى لدعم وتعزيز الإشعاع الدولي للصحراء. مشاريع وأوراش عملاقة دفعت المبعوث الأممي الى الثناء على الملك محمد السادس وعلى النخبة السياسية المحلية والسلطات ونجاحها في تنزيل هذه المشاريع الكبرى خدمة للمنطقة ولعنصرها البشري، متعهدا بنقل ما شاهده بأم عينيه الى المنتظم الدولي وتضمينه بإحاطته الدورية لمجلس الأمن الدولي. لقد شكلت الأجواء الإيجابية والعادية التي مرت فيها الزيارة، أكبر رد على كل المغرضين الذين أرادو تحويلها إلى مناسبة للعنف، وجر حاضرة الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى مستنقع الفوضى، فرغم حملات التحريض التي باشرها خصوم الوحدة الترابية للمغرب، والدعوات التي أطلقتها بعض الأبواق المحسوبة على البوليساريو للخروج إلى الشارع بغية إحداث البلبلة، والتي كشفت وهن طرحها وفشل مشروعها، إلا أن رد ساكنة العيون كان واضحا وجسد وعيها بتلك المخططات والمناورات التي لا تحمل الخير لها. فقد ظل المواطنون خلال الساعات التي قضاها مبعوث الأممالمتحدة بين ظهرانيهم، يمارسون حياتهم بشكل عادي، غير آبهين بتلك الدعوات، واضعين كل ثقتهم في ممثليهم الشرعيين لنقل رسالتهم إلى المبعوث الأممي، حول تشبثهم بمغربيتهم ودعمهم الكامل لمقترح الحكم الذاتي الذي سيمكنهم من تسيير شؤونهم بأنفسهم بعيدا عن الطروحات الانفصالية البالية، من دون إغفال الدور الهام لجهود السلطات المحلية والأمنية، التي تمكنت من التصدي بكل احترافية وحزم وفي إطار الاحترام الصارم للقانون، لكل تلك المحاولات اليائسة والمحدودة الرامية للعبث بأمن واستقرار المدينة خلال هذه الزيارة. زيارة جات فزمن إنتصارات الدبلوماسية الملكية وههلاك الطرح الإنفصالي رغم أن زيارة المبعوث الأممي إلى الصحراء الديبلوماسي الإيطالي-السويدي ستافان دي ميستورا إلى المنطقة تبدو عادية وطبيعية، حيث تدخل في إطار مهمته التي تتطلب إجراء اتصالات ولقاءات مع الأطراف المعنية، بغية الدفع باتجاه استئناف العملية السياسية المجمدة، إلا أنها تختلف عن سابقتها من زيارات المبعوثين السابقين للهيئة الدولية، حيث جرت مياه كثيرة تحت جسر هذا النزاع، في ظل المتغيرات المتسارعة وغير المسبوقة التي عرفها، والانتصارات المحققة من الديبلوماسية الملكية على صعيد تكريس الوحدة الترابية والحسم النهائي لهذا الملف. ففي السنوات الأخيرة شهد نزاع الصحراء تحولات كثيرة بعد توالي المواقف المؤيدة للطرح المغربي من العديد من الدول من مختلف أصقاع العالم، تحولات كان عنوانها البارز، هو التغير الذي شهدته مواقف عدد من القوى الدولية الفاعلة في هذا الملف لصالح دعم الوحدة الترابية للمغرب، وتأييد مبادرته للحكم الذاتي التي قدمها سنة 2007، خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية صاحبة القلم في صياغة مشاريع قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالنزاع، التي اتخذت قرارا تاريخيا في دجنبر 2020 يقضي بالاعتراف بسيادة المملكة المغربية على الصحراء، وكذا موقف المانيا الفيدرالية وإسبانيا المستعمر السابق للإقليم التي أعلنت في مارس 2022 دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي معتبرة إياها الحل الكفيل بوضع نهاية للنزاع، إلى جانب افتتاح العديد من الدول العربية والافريقية لقنصليات وتمثيليات ديبلوماسية بالأقاليم الجنوبية، في أرقى تجسيد للاعتراف بالسيادة المغربية على هذه الأقاليم، فضلا عن اعتراف دولة إسرائيل بمغربية الصحراء، ودعم العديد من القوى الإقليمية والدولية الوازنة للمبادرة المغربية، في مقابل الانحسار الكبير لأطروحة البوليساريو وجبهة الدول الداعمة لها بقيادة الجزائر وجنوب افريقيا، خاصة مع سقوط كل الأوراق التي ظلت البوليساريو توظفها للتأثير في مجريات الأحداث، كان آخرها ورقة الكركارات، بعد قيام المغرب بالتأمين الكامل لهذا المعبر الحدودي في نونبر 2020، وتمديد جداره الدفاعي إلى الحدود مع الجارة موريتانيا. كل تلك المكاسب كانت حصادا طبيعيا للتحركات الديبلوماسية الناجعة التي باشرتها الرباط بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله على أكثر من محور، خاصة في إفريقيا بعد العودة للاتحاد الإفريقي الذي شكل لسنوات عديدة معقلا آمنا للبوليساريو ظلت تصول فيه وتجول مستغلة غياب المملكة، عودة مكنت من وضع حد لكل تلك المحاولات للزج بالمنظمة القارية في النزاع، كما تراجعت العديد من العواصم الإفريقية عن مواقفها الراديكالية الداعمة لأطروحة الجبهة، مفضلة الوقوف في مربع الحياد، والانخراط في دعم جهود الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي متوافق بشأنه يكون مقبولا من جميع الأطراف، تحركات ديبلوماسية في كل الاتجاهات، صاحبتها مواقف حازمة عبرت عنها المملكة تجاه أصدقائها وشركائها، والتي أكدها جلالة الملك في خطبه السامية، حيث أوضح بأن المغرب لن يقبل بعد اليوم بالمواقف الضبابية، وأن الصحراء "هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم"، مشددا جلالته في خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2022، على أن هذا الملف "هو المعيار الواضح والبسيط، الذي تقيس به المملكة صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات". أما بخصوص العملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة لحل النزاع، فقد ظل المغرب متمسكا بموقفه الثابت والحازم المؤكد على الأُسس التي يجب أن تحكم هذه العملية التي تشرف عليها وبشكل حصري الأممالمتحدة، والقائمة على أن حل نزاع الصحراء، لا يمكن تصوره إلا في إطار احترام السيادة الكاملة للمملكة على أقاليمها الجنوبية، على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفي إطار مسلسل الموائد المستديرة، وبحضور الأطراف المعنية وعلى رأسها الجزائر، في ظل التأكيد على تمسكه التام بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المبرم سنة 1991 تحت إشراف الأممالمتحدة، رغم إعلان الطرف الآخر عن تنصله من الالتزام بهذا الاتفاق، مع التشديد على أن المملكة لن تتوانى عن الرد ضد كل ما من شأنه أن يمس أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. معطيات ديبلوماسية وميدانية لا شك أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء ستافان دي ميستورا لن يغفلها خلال إعداد تقريره السنوي المزمع رفعه إلى مجلس الأمن الدولي، بالتزامن وانعقاد جلسات بحث النزاع، وذلك قبل نهاية ولاية بعثة الأممالمتحدة "المينورسو" التي تنتهي مع نهاية الشهر القادم. وفالختام وبعدما سالت أو أسدل الستار على زيارة الوسيط الأممي، يمكن القول وبدون مبالغة أن مدينة العيون بسلطاتها المحلية والأمنية ومنتخبيها وفعالياتها المدنية والاجتماعية، قد نجحت في كسب رهان استقبال الموفد الأممي، حيث شكلات أجواء الأمن والاستقرار اللي كتنعم بها المدينة فكنف المملكة المغربية، والنهضة التنموية التي شهدتها في مختلف المجالات، في ظل المكاسب الديبلوماسية والميدانية المحققة على صعيد تعزيز الوحدة الترابية للمغرب، أبهى صورة عن الوضع في الصحراء الذي من المرتقب أن ينقله مبعوث الأممالمتحدة إلى مجلس الأمن في تقريره الذي سيقدمه شهر أكتوبر المقبل.