يستعد ستافان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، للقيام بأولى جولاته الميدانية في المنطقة الإقليمية منذ تعيينه في هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع، سعيا منه إلى تحريك الملف الذي ظل "مجمدا" بعد استقالة المبعوث السابق هورست كوهلر. وبحسب مصادر دبلوماسية أممية أدلت بتصريحات لوكالة "إيفي" الإسبانية، يرتقب أن يزور ستافان دي ميستورا المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو في مقرها بتندوف في الفترة الممتدة من 12 إلى 19 يناير الجاري، دون تحديد تواريخ رسمية للزيارة من طرف الأممالمتحدة، حيث سيلتقي بجميع أطراف النزاع مثلما أكد ذلك قرار مجلس الأمن الدولي. وبهذا الشأن، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأممالمتحدة، إن "المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية يحضر لأول جولة إقليمية في المنطقة قصد بعث العملية السياسية"، مضيفا خلال مؤتمره الصحافي اليومي أن "ستافان دي ميستورا على اتصال بجميع أطراف النزاع". قرارات دولية وبالنسبة إلى الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية الموساوي العجلاوي، فإن "ستافان دي ميستورا مطالب بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي إزاء قضية الصحراء المغربية، خاصة ما ورد في التقرير الأخير للأمين العام بشأن خارطة الطريق المتعلقة بالملف". وأوضح العجلاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "دي ميستورا لا يتوفر على خيارات كثيرة حيال قضية الصحراء المغربية، بل لديه خارطة طريق سطرها سلفاً أنطونيو غوتيريس، تنبني أساسا على كون النزاع الإقليمي يشمل أربعة أطراف". وتابع المحلل السياسي ذاته بأن "المبعوث الأممي عليه التأكيد على أهمية الحل السياسي المتوافق عليه، دون أن يستحضر بتاتا مسألة الاستفتاء وتقرير المصير، ويجب عليه كذلك أن يأخذ التحولات الجديدة بعين الاعتبار، لا سيما الأفق الدبلوماسي المغربي الجديد متعدد المسارات". واستطرد بأن "المغرب يبني علاقاته الاستراتيجية مع كل القوى الكبرى في العالم، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنه ينسج علاقات حيوية مع الصين في الوقت نفسه، إلى جانب روسيا"، خالصا إلى أن "الموقف الدولي بات يتوجه نحو الحل السياسي من خلال الاعتراف بمغربية الصحراء". صعوبات سياسية عبد الواحد أولاد ملود، باحث سياسي في الشأن الإفريقي، أورد من جانبه أن "الزيارة الأممية إلى المنطقة الإقليمية تتماشى مع مخرجات قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك القرار الأخير رقم 2602 الذي حث جميع أطراف النزاع على استئناف المشاورات السياسية من خلال العودة إلى الموائد المستديرة". وقال أولاد ملود، في حديث لهسبريس، إن "الجزائر تحاول التملص من مسؤوليتها إزاء النزاع الإقليمي، بدعوى أنها غير معنية بأي مفاوضات أممية، وهو ما تحاول ترجمته على أرض الواقع من خلال عرقلة المسار السياسي لقضية الصحراء المغربية، مما يستدعي تدخل القوى الدولية بغية الضغط عليها حتى تتجاوب مع القرارات الأممية". وأكد الباحث ذاته أن "ستافان دي ميستورا سيواجه لا محالة العديد من الصعوبات في مسار تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، بفعل تعنت جبهة البوليساريو ورفض الجزائر الجلوس إلى طاولة المفاوضات"، مشددا على أن "الزيارة تأتي في ظل القفزة التنموية التي عرفتها الأقاليم الصحراوية بعد استقطاب المستثمرين الأجانب خلال السنوات الأخيرة". وتأتي هذه الزيارة الأممية المرتقبة، تبعا لعبد الواحد أولاد ملود، في ظل المنعطف الدبلوماسي الذي شهدته قضية الصحراء المغربية، وهو ما عبر عنه بالقول: "هناك متغيرات كثيرة في السنتين الأخيرتين، أبرزها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وتأمين معبر الكركرات، وإرساء قنصليات بالأقاليم الجنوبية، في مقابل خرق اتفاق وقف إطلاق النار من قبل البوليساريو، وإقدام الجزائر على قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب".