نجيب عبد اللطيف في لحظة مستقطعة من الزمن المدرسي بكل ضغوطاته المعلومة ، كان النادي الثقافي لمؤسسة برانزران التاهيلية بالفقيه بن صالح ، على موعد هام ، بوصلته الابداع الروائي والضيف الكاتب عبدالله عدالي الزياني الذي صنع بإصداره رواية " حرائق المائة عام " الحدث الثقافي بالمدينة وحلحل كل المحافل الأدبية على قلتها بالمدينة . افتتح اللقاء مدير الثانوية الأستاذ كتاني خليفي مرحبا بالضيف وباقي الحاضرين ، ونوه بالجمهور التلاميذي فيما اثنى الاستاذ صالح طنطاوي على المتفوقين من نزلاء الداخلية وأوصى المتعثرين على بذل الجهد والاجتهاد . حضر الأستاذ برناكي بوعزاوي مفتش مادة اللغة العربية ، وبمهارة المدرس والمربي ، سجل حضوره بإتقان ، غايته شحذ الهمم لإعادة الاعتبار للقراءة ومصاحبة الكتاب وتعميم عدوى القراءة ولوعتها التي ابتلي بها وكشف لذتها الجميلة أمام جمهور القراء المفترضين من التلاميذ ، بين كل فقرة وفقرة كان الأستاذ يجهز عدته العلمية والمعرفية لتقديم الدليل القاطع على ان فعل القراءة لن يبور ، بين الفينة والأخرى يعود إلى الرواية المحتفى بها ليستطلع أمام الجمهور الحاضر عوالمها عله يحفزهم على قراءتها . صوت نسائي لم يتخلف على المشاركة والحضور ، أستاذة فاعلة في الأندية كما باقي الأخريات ولو كان عددهن قليل في مجال تنشيط الحياة المدرسية ، إنها الأستاذة فاطمة أكلاز . انحازت إلى المرأة وكانت مداخلتها هي رصد لصورة المرأة في رواية عبد الله عدالي . ركزت قرائتها للرواية على شخصيتين اعتبرتهما تكشفان عن بؤر للتأثير والتوتر لذى الراوي الكاتب ، الأولى رحمة بنت علال المولودي والدة الراوي ، علاقتها به لها من القوة ما جعلها تحرك العديد من الأحداث بل وتتحول بدورها إلى شاهدة على جزء من الحرائق التي اكتوت به ومعها الطفل الذي كانه الراوي ، تقاسم معها الفواجع والفرح و الترحال بين امتدادات جغرافيا بني عمير وأرضيها المتقلبة بين زمان الخصب والجوائح ثم الدارالبيضاء المشرعة أما كل المتناقضات منذ عهد الاستعمار . أما الشخصية الثانية فهي عائشة ملهمة الراوي الكاتب ، علاقته الغرامية بها بقدر ما كانت تطفئ حرقته بقدر ما تحولت إلى لهيب يحرق الراوي عندما بلعن الفقر الذي ابعده عنها وهي التي تنتمي إلى اسرة ميسور في أحياء بولو الراقية . لقد أسهبت المتدخلة كثيرا في تشخيص ملامح الشخصيات الداخلية والخارجية لتعرج على ان الرواية تعج بصور خصية عن واقع المرأة ومعاناتها في الرواية دون ان تنسى المقارنات التي عقدها الكاتب غير ما مرة مابين الأسرة المغربية وأسرة مسيو كوكو هذا المعمر الذي كان موظفا بمطار أنفا. فعل القراءة ليس بالأمر الهين في زمن اليوم ، لهذا اصر النادي الثقافي على تفعيل مبادرة القراءة وزرع الحماس في نفوس الحاضرين من جمهور التلاميذ ، فكان السبيل هو جرهم إلى عوالم الرواية وتشويقهم من خلال استعراض مقاطع من الرواية وتلاوتها عليهم ، استهلت القراءة التلميذة صباح بنت الياقوت باختيارها لجزء من الفصل الخامس فيما اختار التلميذ محمد مكموح جزءا من الفصل الأول اما التلميذ عادل المصطفى فقد اختار الجزء الأول من الفصل الثاني اختتم اللقاء بكلمة المحتفى به الكاتب عبد الله عدالي ، وضح فيها سياقات كتابة روايته منذ هجرته الى أمريكا وذكر الحاضرين بمحددات تاريخها وازمنتها المتعددة وما تضمه بيت ثناياها من تراث ثقافي وقيمي وأحداث لها اتصال بزمن الحكي وموضوعاته المتشعبة بهذا المعنى اضحت رواية " حرائق المائة عام " وثيقة تاريخية وشهادة صادقة عن مجال بني عمير وإذا كانت موغلة في المحلية فإن دقة الوصف فيها وعمق المأساة والحياة التي تفيض بها تجعل منها رواية عالمية متماسكة الأسلوب وغنية بمخزونها الثقافي والأنتروبولوجي ولهذا تستحق القراءة