في مشهد مؤلم عنوانه التهميش والاحتقار لساكنة المغرب العميق في أبهى صورهما ، قامت ساكنة من دوار إغرضان التابع ترابيا لجماعة فم العنصر إقليمبني ملال بنقل سيدة مريضة تبلغ من العمر 26 سنة ليلة أمس الخميس 25 ماي 2017 على نعش المخصص لنقل الأموات لمدة تجاوزت ساعتين ونصف من الزمن ، كان رجال المنطقة يتناوبون في حمل المريضة على الأكتاف للوصول إلى أقرب نقطة تصلها الطريق وهي منطقة إغرغر ، حيث تنظرهم هناك سيارة إسعاف لنقل المريضة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي بني ملال. هذا المشهد المؤلم والمألوف بالنسبة لساكنة هذه المنطقة وأمثالها والتي تعيش في عزلة وتهميش بكل ما تحمل الكلمتين من معنى ، اعتقدنا أننا سنقطع معه في مغرب ما بعد دستور 2011 و مغرب حقوق الإنسان ، هذا المشهد المقرف والذي ترك غصة في حلوق كل مغربي ومغربية شاهد مقطع قصير من الفيديو الذي يؤرخ لهذه المهزلة التي تبين بالواضح قيمة المواطن المغربي عند مسؤولينا ، مقطع فيديو لدقائق معدودة يبين لنا جميعا أن ما يتم الترويج له في الخطابات الرسمية شيء والواقع شيء آخر ، مما جعل متتبعي هذه المهزلة على الفضاء الأزرق يستنكرون ويتساءلون ألهذه الدرجة نحن رخيصون في مغربنا الحبيب ؟ ألهذه الدرجة بلغ استهتارنا بصحة هؤلاء القرويين من ساكنة أعالي الجبال الذين حرموا لسنوات طويلة من كل شيء من الطريق والتعليم والصحة ، فما كان من مسؤولينا عوض الاجتهاد في تعويضهم عن سنوات الحرمان والتهميش ، إلا أن أمعنوا في احتقارهم بل في نسيانهم كما جاء على لسان نسوة الدوار اللائي رافقن المريضة . كان بالإمكان تفادي هذا المشهد المؤلم المستفز ، لو أن المروحية الطبية لمصلحة الإسعاف الطبي الاستعجالي ( سامو04 ) التابعة لجهة مراكشآسفي استجابت لنداء الساكنة بعد الاتصال بالمندوب الإقليمي للصحة ببني ملال وأحالهم عليها ، لكن طاقم المروحية الذين تم الاتصال وبعد أخبارهم الساكنة بأن المروحية ستصل إلى إغرضان في غضون 40 دقيقة لنقل السيدة المريضة ، وبعد انتظار الساكنة لمدة طويلة اتصل طاقم المروحية بساكنة المنطقة ليخبروهم بإلغاء المهمة لسبب واه وهو " أن المروحية غير مرخص لها بالطيران ليلا " مع العلم أن أول اتصال بهم كان على الساعة الثالثة بعد الزوال ، الأمر الذي دفع الساكنة لحمل السيدة المريضة لأزيد من ساعتين على الأقدام حيث سيارة الإسعاف. فتحول الأمل بعد ذلك إلى ألم ونحيب وبكاء على التهميش والإقصاء والحكرة الذي أحست به الساكنة منذ الاستقلال ، ومع ذلك صبرت وكلها أمل أن الحكومات المتعاقبة والمسؤولين الجهويين والإقليميين سيتذكرونهم يوما وترق قلوبهم لأحوالهم وأوضاعهم ، إلى جانب كون المريضة أما تركت رضيعا صغيرا بدون حليب مما جعل حياته وحياة والدته مهددتين. واستنكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي ازدواجية معايير تعامل المسؤولين في مثل هذه الحالات ، حيث تسخر كل الإمكانيات بما فيها المروحيات الطبية و التابعة للدرك الملكي حينما يتعلق الأمر بالسياح الأجانب ، فيما يتم التنكر في أغلب الحالات لساكنة الجبال ، مما يطرح السؤال عن تكليف ميزانية الدولة أموالا طائلة لشراء هذا النوع من المروحيات للتدخل المستعجل إنقاذا لأرواح المواطنين والمواطنات في المناطق النائية ، أم أن هناك مواطنون من الدرجة الأولى وآخرون غير مصنفين. وأفادت مصادر الجريدة أنه بعد وصول السيدة المريضة إلى المستشفى الجهوي ببني ملال حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلا تلقت العلاجات الأولية ونقلت إلى الجناح الخاص بمرضى الأمراض الباطنية وأمراض الدم.