مُتابعة طارق البراني/ف.ب.ص أونلاين : انتقدت النقابات التعليمية الأربعة بجهة بني ملالخنيفرة، خلال المسيرة التي نظمتها صبيحة يوم الأحد، الوضعية المزرية التي بات يعيشها قطاع التعليم والارتباك الحاصل في الدخول المدرسي الحالي وما يعرفه من اختلالات في تدبير البنى التربوية واكتظاظ في الأقسام وتفريخ للأقسام المشتركة، محذرة من تفاقم أزمة المدرسة العمومية والإجهاز على حق التلميذ في تعليم ذي جودة وفاعلية. ونددت بالحيف الذي مس مكتسبات الشغيلة التعليمية بعدما أقدمت الحكومة السابقة خلال الأيام الأخيرة من ولايتها على سن مجموعة من القوانين المجحفة في حق الموظفين. وجاءت المسيرة، التي انطلقت من أمام سينما فوكس وجابت شارع محمد الخامس بمدينة بني ملال، كخطوة احتجاجية ضمن مسلسل نضالي سطرته ثلاث نقابات في شهر غشت الماضي، وهي الجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، وشمل تنظيم سلسلة من الوقفات أمام الأكاديمية الجهوية للتعليم ورفع شارات الاحتجاج من طرف الأساتذة، غير أن النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التحقت بهم في هذه المحطة الأخيرة. ورفعت الفعاليات النقابية المشاركة في المسيرة شعارات قوية تندد بالمأساة التي تهدد المدرسة العمومية اليوم، من قبيل "هذا عيب هذا عار المدرسة في خطر"و"واك واك على شوهة المدارس باعتوها" و"هذا تعليم طبقي ولاد الشعب في الزناقي". وقال صالح حيون، الكاتب الجهوي للجامعة الحرة للتعليم بجهة بني ملالخنيفرة، بأن تنظيم هذه المسيرة هو تعبير عن سخط موظفي قطاع التعليم من تسلط الوزارة الوصية والحكومة السابقة وممارساتهما اللامسؤولة في تسيير هذا المجال الحيوي، في وقت يدعي الكل بإصلاح المنظومة التعليمية غير أن الواقع يقول عكس ذلك والوضعية آلت إلى أقل ما كانت عليه قبل الإصلاح. وكشف المصدر ذاته، أن اٍجراء تقليص البنية وتكديس التلاميذ لتفييض أساتذة وتنقليهم إلى مؤسسات أخرى ألحق أضرارا مادية واجتماعية ونفسية بالأساتذة، وجعلهم يعيشون نوعا من اللاستقرار وهو أمر سينعكس لا محالة على عطاءاتهم وكفاءتهم تجاه التلميذ. وطالب صالح حيون بتعجيل وزارة التربية الوطنية في إخراج النظام الأساسي الجديد لموظفي هذا القطاع، وتحيينه وفق ما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة، ورفع الحيف عن ضحايا النظامين 85-2003 بعدما تجاهلت الوزارة ملفهم المطلبي وظلوا يقبعون في السلم العاشر لسنين طويلة، سيما أن اغلبهم يشرفون على التقاعد أو وافت المنية بعضهم وهم يحملون هذه الغصة. في ذات السياق، أكد بركات محمد، الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم وعضو الفدرالية الديمقراطية للشغل، على أن هذه المسيرة جاءت كرد فعل، من جهة، على الهجوم الممنهج الذي يستهدف إضعاف المدرسة العمومية، ضاربا مثال الدخول المدرسي الحالي وما شابه من تعثرات أفقدته قيمته ومكانته. ومن جهة أخرى، نظمت هذه المسيرة لمواجهة تراجع الحكومة السابقة عن مكتسبات التقاعد وضرب القدرة الشرائية للموظفين والشغيلة بصفة عامة، واللجوء اٍلى فصل التكوين عن التوظيف بعدما أظهرت نيتها في ترسيخ مبدأ التعاقد والذي ظهرت بوادره الأولى في ملف توظيف 10000 إطار تربوي، إضافة إلى ضرب منظومة التعاضد بإصدار مرسوم يتعلق بإعادة النظر في هذه المنظومة بشكل يقوي شركات الصيدلة وأطباء القطاع الخاص ويضرب عمق التضامن، سيما ذلك الذي يهم الجانب الصحي. وبدوره وصف الحسين حرشي، عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الوضعية الحالية ب"الكارثية" وأوضح أن قطاع التعليم يعرف نقصا مهولا لم يسبق له مثيل في الموارد البشرية. وعزى ذلك إلى تنصل الدولة من مسؤولية التوظيف وإحلال نظام التعاقد، في وقت لازال المجتمع المغربي غير مؤهل اقتصاديا لمواكبة الإجراءات التي أقبلت الحكومة السابقة على تصريفها في المجالات العمومية كالصحة والتعليم والتشغيل والتي لا تخدم سوى أجندة وتوصيات المؤسسات الدولية. ودعا المصدر ذاته، إلى الإبقاء على احتضان التعليم من طرف الدولة باعتباره مستنبت ومستقبل الجيل الحالي والناشئة القادمة رغم توجهات الوزارة لإرساء مسالك التكوين المهني والتقني، مشددا على أن التعليم الخصوصي ليس بديلا، ولن يكون بديلا في ظل الظروف الاجتماعية المزرية التي تعيشها أغلبية الأسر المغربية وطالب بفتح مجال التوظيف أمام الكفاءات الشابة وتكوينهم بشكل بيداغوجي بدل التلاعب بمصير أجيال الغد بإسناد تلك المهمة لشركات "المناولة".