تهامس الكثيرون عن الطريقة التي تمّ بها تشكيل لجان مكتب المجلس الإقليمي بالفقيه بن صالح ،وقالوا أن سيناريو إعداد اللجان كان خاضعا لمنطق القوة السياسية، لكن الملاحظ أن لا أحد استطاع التشكيك في ذلك جهرا لإعتبارات أوْعزها مستشارون إلى شخصية رئيس المجلس الإقليمي نفسه، الذي فاز بالرئاسة لولاية ثالثة بدون منافسة ، لكن بروح سياسية خفيفة استوعبت بقوة معنى التواصل والانفتاح مع / وعلى كافة التيارات السياسية ، وبحكم اعتبارات أخرى في غاية الأهمية ، تتصل بشخصية عامل الإقليم الذي استفرد بتقدير كل الفعاليات الإعلامية والسياسية والجمعوية ، واستطاع طيلة ولايته الحالية أن يكسب "رهان التّميّز" مع مختلف الأطياف الفاعلة بالإقليم. وعموما، وبغض النظر عن هذه الملاحظات المشاكسة، يبقى التخوف الكبير الذي يؤرق بعض منتخبي المجالس الجماعية ورؤسائها ،وخاصة الجُدد منهم ،يتلخص في سؤالِ راهن حول مدى قدرة الرئيس المنتخب على التنصّل من قبّعته السياسية والاشتغال باسم القوات الشعبية( بمعناها العام) لصالح كافة الجماعات الترابية، التي هي في أمس الحاجة إلى عُكاز صلب يُقوي ركائزها المنهوكة بفعل صراعات سفسطائية. حاجة هذا السؤال ،تفرضه بعض سيناريوهات السنوات الفارطة التي رأى فيها البعض إجحافا لبعض الجماعات دون غيرها ، وأوعز السبب إلى طبيعة النظارات التي ارتادها المتحكمون في دواليب المجلس ،والتي يقولون أنها كانت من طينة اشتراكية تنظر إلى جماعات دون أخرى بغض النظر عن سؤال الأولوية. أما الآن ، وبعد الإشارات الواضحة لعامل الإقليم الذي دعا من خلالها كافة الأعضاء أثناء دورة المجلس الإقليمي الأخيرة إلى النظر برؤية أفقية ،فإن واقعية العمل تقتضي استحضار جماعات ترابية تأخرت كثيرا عن ركب التنمية ، وأمست بفعل مسلسل الإقصاء والتهميش تشكل في واقع الأمر تجمعات سكنية سهلة الغليان والاحتقان، والنموذج من جماعة حد بوموسى القروية وأولاد عياد الحضرية على وجه الخصوص التي ظلت تعيش في ظل الألفية الثالثة، بِصرْف صحّي فوق سطح الأرض وبتعداد سكاني يقترب من الأربعين ألف نسمة وبدون مطرح للنفايات وبمرافق اجتماعية تحولت إلى وكر للطيور في ظل عقليات متحجرة أبت الانصياع لرهانات المرحلة ولقوة التدبير التشاركي . وللإشارة، فهي الجماعة الترابية الاستثناء بالإقليم، التي خضعت لتدبير تيارات يمينية ويسارية إلا أن واقعها يكشف أن لا أحد من هؤلاء استطاع أن يُغير من ملامح وجهها العبوس بسبب تحكم لوبيات براغماتية في مناصبها الحساسة ، كانت قد انتعشت من صراع الأجيال ومن وجود تراث وهمي مُفبرك بِلكْنة محلية تستمد قوتها من التشنج والعصبية ،وكان هذا الصراع القبلي ، سيفا كافيا لضمان سيرورة أسماء معروفة ،اغتنت في صمت من واقع التفرقة ، واستطاعت أن تُدبر الأزمة بطرقها الخاصة ،وأن تُوظفها لصالحها على مدى سنوات. وبما أن دوام الحال من المحال، فإن الاستحقاقات الأخيرة، أبانت أن الساكنة استطاعت أن تكشف مكْر الماكرين، وأن تقْلب الكفّة لصالح فئة سياسية متناغمة، برؤى متجانسة وبماضي نظيف على الأقل بالنسبة لأغلبية أعضائها، وقد وصف مُعظم المتتبعين لشأن الجماعة المحلي، الوضع الجديد بال" مُؤشر الايجابي" على إمكانية التغيير. وتساءلوا عمّا إذا كان المجلس الإقليمي سيتجاوب مع هذه الصحوة ،وعمّا إذا كان قادرا على معالجة إشكالاتها بحكم الصلاحيات الجديدة التي خوّلها له المُشرّع ، وذلك من أجل تحسين وضعية الساكنة والعمل على دعمها وخلق قفزة تنموية نوعية كفيلة بإعادة الاعتبار إلى المواطن العيادي والى جماعته التي بالرغم من توفرها على سيولة مالية ظلت تراوح مكانها أمام تعثر عجلة التسيير.