بنفس القدر الذي ادان به الرأي العام قتل صحافيي جريدة شارلي ايبدو الفرنسية، تم استنكار واستهجان الرسومات المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم. وبنفس القدر توالت التساؤلات حول الغموض الذي لف وقائع عملية القتل الى حد بروز دلائل الاخراج الاستخباراتي للحدث ككل، حيث قدم الكثير من المتتبعين والاعلاميين والخبراء تأكيدات بان العملية مدبرة مخابراتيا، كيف لا وداعش واخواتها تربطهم صلات دعم وتأسيس وتخابر مع اسرائيل وانظمة عربية ظلامية ودول الغرب وامريكا . كما علمتنا المحطات السابقة ان الصراع الدولي حين تختل فيه موازين القوى، تصبح مهمة المخابرات صناعة احداث ولو دموية لخلق مبررات لتدخلات عسكرية من اجل ترتيبات جديدة لموازين القوى. كيف لا والزمن العالمي الحالي يحمل عنوان تنامي قوة روسيا والصين وايران على حساب الهيمنة الامريكية/ الصهيونية، بالاضافة الى نزوع الدول الغربية نحو بناء سياسة تجعلهم في استقلالية عن تبعية امريكا الجالبة للازمات الاقتصادية والتنموية وغيرها. ومادامت فرنسا هي البوصلة السياسية الاوربية في هذا الشأن، فان الاطار العام لاعلان مرحلة اعادة الترتيب متوفر، وفي هذا السياق، قال مسؤول سابق في البيت الأبيض إن الهجوم الإرهابي على مقر صحيفة شارلي إبدو و الذي أودى بحياة 12 شخصا يوم الأربعاء الماضي بباريس، هو “مخطط أمريكي مصمم من أجل تكريس تبعية فرنسالواشنطن”. و أوضح بول روبرتس، الذي كان مساعد وزير الخزانة في إدارة الرئيس ريغان في عمود له، إن منفذي الهجمات الإرهابية من الممكن أن يكونوا إما مذنبين أو ضحايا مخدوعين. “فقط تذكر كل المؤامرات الإرهابية التي تم إنشاؤها من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي FBI و التي صممت بشكل محكم لجعل الإرهاب يبدو التهديد الحقيقي للأميركيين “، يضيف. و في مقارنة لأحداث باريس بهجمات 11 شتنبر على برجي التجارة الأمريكية سنة 2001، قال روبرتس أن ” السلطات الأمريكية اكتشفت في سنة 2001 أن الشعب الغربي غبي، و سيصدق أي كذبة شفافة، و ها هي أمريكا تعيد نفس الكذبة من جديد.” و أكد المسؤل الأمريكي السابق أن الإقتصاد الفرنسي يعاني من تبعات العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدة على روسيا. و قال، ” إن أحواض السفن الفرنسية متأثرة كونها غير قادرة على تسليم الطلببات الروسية نظرا لتبعية باريسلواشنطن.” و استطرد، “هناك جوانب أخرى أثرت سلبا على الإقتصاد الفرنسي، و التي نشأت بعد أن أجبرت أمريكا دول الناتو الحليفة لها بتطبيق العقوبات على موسكو و قطع العلاقات التجارية معها.” و أشار روبرتس إلى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قال هذا الأسبوع أن العقوبات ضد روسيا يجب أن تنتهي، مضيفا أن ” تصريحات هولاند تدل حملت دلالات على إتجاه سياسة الخارجية الفرنسية نحو الإستقلال من تبعية واشنطن.” و أضاف، ” يبدو أن وكالات الإستخبارات الأمريكية قد نهجت السياسة التي اتبعتها أمريكا ضد الأوربيين خلال حقبة ما بعد الحرب العالمة الثانية، عندما كانت تنفذ وكالة التجسس الأمريكي هجمات على بعض الدول الأوربية و تدعي أن الجماعات الشيوعية هي التي كانت وراءها.” كما قال الدكتور روبرتس أن وكالات التجسس الأمريكية خططت لهجمات إرهابية مزيفة في أوربا من أجل خلق الكراهية ضد المسلمين، و كذا من أجل جعل الدول الأوربية تحت مجال نفوذ واشنطن. و أشار روبرتس إلى أن ” الهجوم الإرهابي على مقر جريدة شارلي إبدو الساخرة كان مخططا أمريكيا محظا،” مضيفا ” أن هذا المخطط صمم من أجل سحب فرنسا بقوة تحت إبهام واشنطن من جديد.” يذكر أن بول كريج روبرتس من مواليد 3 أبريل 1939، هو خبير اقتصادي أميركي وكاتب رأي. شغل منصب مساعد وزير الخزانة في إدارة الرئيس ريغان بالبيت الأبيض. كما أنه محرر سابق وكاتب عمود في صحيفة وول ستريت جورنال، بيزنس ويك، وسكريبس هاوارد نيوز سيرفس. مدير نشر جريدة ملفات تادلة