يقول ابن الجوزي - رحمه الله - في "بستان الواعظين" : ما من جارحة في بدن الإنسان إلا ويلزمها الصوم في رمضان وغير رمضان فصوم اللسان: ترك الكلام إلا في ذكر الله تعالى، وصوم السمع: ترك الإصغاء إلى الباطل وإلى ما لا يحل سماعه، وصيام العينين: ترك النظر والغض عن محارم الله؛ قيل للأحنف بن قيس-رحمه الله: إنك شيخ كبير وإن الصيام يُضعفك .. فقال: "إني أُعِده لسفر طويل، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه." عن ابراهيم بن أدهم قال: "من ضبط بطنه ضبط دينه ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة" روي عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مرَّ بقوم وهم يضحكون فقال: "إن الله –عز وجل- جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون. أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته" ويقول الإمام أبو حامد الغزالي في "الإحياء" : "اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. أما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام. وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهِمم الدنية، والأفكار الدنيوية، والكف عما سوى الله بالكلية، فهو إقبال بكل الهمة على الله - عز وجل - وانصراف عن غير الله سبحانه"