على امتداد مساحات شاسعة، وحيث تمتد دواوير كل من العسارة والمرابطة ومسغونة وتجمّعات لبهاليل ولبّاكْر وادهارة واعريبات، يمتد كل واحد منها في صمت رهيب يتجرّع مرارة الإقصاء والتهميش، ويتشبّثُ بما تبقى من نور على ارض حوّلتها سياسات وُصِفت في قول عامّة الناس ب"تجربة الركود" إلى خُواء وأكوام ترابية تندب حظها المشئوم. نظرة واحدة إلى كل دوار منها، تجعلك تختزل الماضي بالحاضر، وتُحاصر صيرورة الزمن في لحظة تاريخية تُربك الخطابات السياسية الرسمية عن مفهوم العالم القروي، وتجعل من أنشودة الإصلاح مُجرد مداد يتناثر على صفحات التاريخ بدون إحداثيات، كما تتناثر أوراق التوت أيام الخريف. قد تشُدُّ الزائر شساعة المساحة، وعفّة الناس وكرم الضيافة..، لكن متاهات التشظي، ومأساوية الرؤيا، وتراجيديا الحياة بهذه الدواوير/ التي حوّلت إنسانها ،بلغة لوكا تشية، إلى بطل إشكالي يبحث عن قيم مثالية في زمن الرداءة/ ، سرعان ما عرّت عن حقيقة هذه المزايا الوردية، ووضعت سؤال واقع الفساد في شموليته كخلفية لمشهد تراجيدي أُريد منه فقط وظيفة وصفيةً للحظة مؤقتة، قد تكون والحالة هذه ، فِتْرينا VETRINA نشرةٍ إخباريةٍ أو وصْفة إعلامية مُنمّقة قد تخدُم أسياد الديماغوجية في لحظة استحقاقات أخرى. إن العسارة والمرابطة ومسغونة وقِسْ على ذلك كل الأسماء الممتدة على هذه المساحة الشاسعة ليست إلا اسما واحدا لمُسمّيات عدة تختلف من حيث الدّال وتتماهى في المدلول إلى حدّ التوحد. قد يكون عنوانها : جغرافيا الإقصاء والتهميش.. وقد يكون الهدف منها تفريخ سياسة العزوف وتمرير خطابات مجلجلة تنتعش بروح التصفيق والتكبير، وتعمل على إنتاج نفس العقليات التي تخدم ذات الأجندات السابقة. و عن هذه الجغرافيا، قد يتساءل المرء، عمّا يجعل دوال هذه المساحة الشاسعة، تنْتظم كل هذه السنين..،وعمّا إذا كان مُدبرو شؤون هذه القرى على علْم بمدى فظاعة الوضع الذي حوّل أغلب ساكناتها إلى مهاجرين بالقوة للمراكز الحضرية المجاورة ،وعمّا إذا كانت سياسة الدساتير القديمة منها والجديدة قد أفلحت في بلوغ تربة هذه الأرض، ورفْْعت الحيف عنها، وعمّا إذا كان الإنسان القروي بها يستحق كل هذا العناء وهو يعيش في العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين؟، رغم ما نصّت عليه مساطر الدستور الأخير، والخطابات الرسمية الداعية إلى تحسين وضعية الإنسان القروي والرهان عليه في أُفق الحد من الهجرة القروية. قد تتوالد عشرات من هذه الأسئلة المتشابهة ،كما تتوالد مئات القضايا الاجتماعية العالقة بهذه الدواوير ،لكن الإجابة تبقى هي نفسُها على جميع المستويات التي قد يُختزل مضمونها في مفهوم عريض هو الغياب الشبه التام لكل المرافق الاجتماعية والصحية والتعليمية في ظل تدبير ،وُصف من طرف بعض الشباب "ب "غير عقلاني" للشأن العام ومع ذلك وفي ظل هذا الغياب الانسيابي ..،فالحياة بمرارتها تستمر! والساكنة التي عانقت طاقم الجريدة لم تُعر اهتماما كبيرا لكل هذه الإكراهات العميقة، واكتفت بالتساؤل عن مصير طريق تمتد على طول 27 كلم تحث رقم 3220،تربط جماعة أولاد أزمام بدار ولد زيدوح، التي لم تعد تملك من الاسم إلا المسمى بسبب كثرة الحفر بها وتآكل جوانبها، بالرغم من أنها البوابة الوحيدة تقريبا لكل هذه الدواوير والتي بسبب وضعيتها الخطيرة ،احتجبت اغلب وسائل النقل عن الساكنة، الأمر الذي جعلها تعاني الأمرّين من اجل قضاء حاجاتها على وجه السرعة وخاصة حينما يتعلق الأمر بعض الحالات التي لا تتوفر على وسائل نقل خاصة.المدارس هي الأخرى كانت محط تنديد من طرف الساكنة ومن بعض أولياء تلامذة مجموعة مدارس مسغونة بالخصوص، الذين تحايلوا عنا للوقوف عن كتب عن مدرسة مجموعة مدارس مسغونة ،التي تحوّلت إلى بنايات فارغة من كل مقومات المدرسة العمومية حيث قاعاتها بدون نوافذ وكراسيها مهترئة وسبورة بعض أقسامها تنفر منها الحروف الأبجدية ...، ووحده رجل بزي مهترئ يتمايل بين جدرانها ذات اللون الخريفي، هو من تلعثم بكلمات سيميائيةُ حروفها من قاموس وجداني،تفيد انه حاول مؤخرا(ربما من باب الإنسانية) إصلاح أبوابها ونوافذها وحماية ممتلكاتها، بما أن المعنيين بالتعليم لا يعيرون لها اهتماما والمسئولين المحليين لا يطّلعون عنها أبدا، الأمر الذي جعل منها ملجأ محببا للماشية في غياب سور يحميها وبسبب تواجد بضعة أشجار آيلة للاندثار بقربها. وللعلم ليست المدارس وحدها هي التي تعيش هذه الحالة ، فأراضي الجموع بمجال دوار مسغونة وببعض الدواوير المجاورة لها، وبشهادة حية من احد أبنائها، تُنهب يوميا ولوبيات العقار، يقول، وجدت في صمت السلطات المحلية سبيلا للاستيلاء على مساحات شاسعة منها دون حسيب أو رقيب وتصريحات أخرى كُثْر ،لا نؤكد على مصداقيتها ،تفيد أن السلطة ذاتها متورطة في هذا الملف ، وأن عشرات الهكتارات والى حدود السنوات القريبة تم كراؤها بأثمنة رمزية لأباطرة المال والثروة في الوقت الذي يقبع فيه ذوي الحقوق من الأراضي السلالية بين جذران غالبا ما تكون في أحسن أحوالها إسمنتية. وعن هذا الوضع يقول احد المستشارين بدوار اعر يبات ،لقد راسلنا كمجلس جماعي وكمجتمع مدني الجهات المعنية، عن كافة هذه المطالب واتخذت مجموعة من الخطوات الحميدة في العديد منها وخاصة الطريق رقم 3220 التي ستبدأ فيها الأشغال قريبا ،أما بالنسبة للمدارس فالوزارة المعنية، وباقي الجهات المختصة، مطالبة بدعم هذه المؤسسات التي تحتاج إلى إصلاحات كبرى والى أقسام جديدة كفيلة بتلبية حاجيات السكان ،لان الجماعة وبحكم مداخيلها المحددة، لا يمكن لها حل هذه الملفات المستعجلة التي تتطلب تكلفة عالية قد تتجاوز الميزانية المحققة عشرات المرات ،وشأنها في ذلك شأن المراكز الصحية التي تعاني إن وُجدت من خصاص مهول في الأطر الطبية والشبه الطبية و في الأجهزة والأدوية الضرورية ومن سيارات الإسعاف. فالجماعة، يضيف، وتماشيا مع مداخيلها حاولت إعطاء الأسبقية لبعض الأوليات ومنها على سبيل المثال الكهرباء التي حققنا فيها نسبة وصلت إلى المائة بالمائة، وتعبيد بعض الطرق التي هي تحث وصاية الجماعة وليس التجهيز.أما عن موضوع الترامي عن أراضي الجموع فيقول أن ذوي الحقوق هم المعنيون الأولون بهذا المشكل ،وعليهم بذلك حماية أراضيهم والتبليغ بكل الخطوات غير القانونية التي تحدث في هذا المجال ،وما اعتقد أن المسطرة القانونية ستغض الطرف عن أي جهة مخالفة كانت؟