بداية، أقول أنني لست ضد كرة القدم ولا ضد المنتخب الوطني، بل أتمنى له الفوز والتأهل أيضا، لكن أيها الأفاضل فرحة الفوز والتأهل لا يجب أن تنسينا أو تلهينا عن واقعنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فالمغاربة وفي جزء كبير منهم لا زالوا يعيشون تحت وطأة الأمية والفقر والتهميش واللامساواة. وفرحتنا الكبرى هي يوم تختفي معضلة الأمية وآفة الفقر وتحضر الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، كما أن هزيمة المنتخب – لا قدر الله- لا يجب أن تنسينا أو تلهينا عن الهزيمة الحقيقية والأساسية في مجالات التعليم والتصنيع والاقتصاد، فالنصر الحقيقي هو يوم يصبح لنا تعليم جيد ومتجدد واقتصاد قوي ومستقل غير تابع وقادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي لأفراد الشعب. اكتفاء يغنيه عن تسول القمح من أمريكا. إن كرة القدم أصبحت وسيلة وأداة تلجأ إليها الأنظمة السياسية لإلهاء الشعوب وشغلها عن واقعها الحقيقي، واقع الضياع والإقصاء الذي تعيشه، لذلك نجد الحكام ينفقون الملايير على الأندية والمنتخبات لضمان فرحة مصطنعة للشعب، فرحة تلهيه عن الفرحة الكبرى، فرحة الحرية والعدل والمساواة. ومن ثمة فلا تسأل عن كم يتقاضى مدرب المنتخب الوطني "ايريك غريتس" فذلك يعتبر من أسرار الدولة، وجواب الجامعة كان ولا يزال "لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم". لو تم استثمار الراتب الشهري للناخب الوطني في بناء مدارس لتعليم أبناء الشعب أو بناء مستشفيات لعلاج مرضاه، لكانت فرحتهم أكبر من فرحة فوز في مباراة على منتخب جار أو فرحة تأهل إلى بطولة قارية أو دولية. أعود وأؤكد على أنني لست ضد كرة القدم كرياضة ولكن ضد التوظيف السياسي لها من أجل شغل الشعب عن واقعه الحقيقي وضد هدر المال العام في الأمور الثانوية، في حين تتبع الدولة سياسة التقشف في القطاعات الأساسية والحيوية من قبيل التعليم والتشغيل والسكن. إذن مهما كانت نتيجة مباراة المنتخب الوطني لا يجب أن تنسينا أو تلهينا عن واقعنا الحقيقي. فإذا كان الفوز والنصر – وهذا ما نريد- فذلك يجب أن لا ينسينا فرحة الفوز الأكبر يوم يحصل الشعب على الحرية والعدل والمساواة. وإذا كانت الهزيمة والإقصاء فكذلك لا يجب أن تنسينا أو تلهينا عن الهزيمة الحقيقية في مجالات التعليم والصحة والتشغيل والسكن، وعن الإقصاء الحقيقي الذي تعاني منه فئة عريضة من أبناء هذا الوطن الحبيب.