قتل سفير إيطاليا لدى كينشاسا اليوم الاثنين وشخصان آخران بالرصاص خلال هجوم مسلح استهدف موكب برنامج الأغذية العالمي أثناء زيارة قرب غوما في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية المضطرب، نسب لمتمردين روانديين ووصفه الرئيس الكونغولي بأنه "إرهابي". وتوفي لوكا أتانازيو (43 عاما) متأثرا بجروح أصيب بها حين تعرض الموكب الأممي لإطلاق رصاص قرب غوما اثناء زيارة ميدانية، على ما أفاد مصدر دبلوماسي كبير في كينشاسا. وأكدت الحكومة الإيطالية مقتله. وأفادت مصادر كونغولية وإيطالية بمقتل شخصين آخرين بالهجوم هما سائق كونغولي يعمل لصالح برنامج الأغذية العالمي، والحارس الشخصي الإيطالي للسفير. ودان الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي "بأشد العبارات هذا الهجوم الإرهابي" وفق رسالة تلاها المتحدث باسمه على محطة التلفزيون الرسمي. من جهتها، اتهمت وزارة الداخلية الكونغولية الإثنين المتمردين الهوتو الروانديين بتدبير الهجوم. من جانبه، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من جمهورية الكونغو الديموقراطية "التحقيق بسرعة" في الهجوم. بدورها أدانت وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم "بأشد العبارات" معلنة في بيان "وقوفها إلى جانب إيطاليا في هذه المحنة"، مطالبة "بكشف المسؤولين عن هذا الهجوم ومعاقبتهم". واستنكر الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا "هجوما جبانا".وأضاف ماتاريلا أن "الجمهورية الإيطالية في حداد على موظفي الدولة الذين فقدوا حياتهم أثناء ممارسة مهامهم" منددا ب "عمل عنيف" ن ف ذ ضد موكبهم. وأعرب وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو عن "حزنه العميق واستيائه الشديد"، معلنا عن قطع مشاركته في اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل ليعود إلى روما على وجه السرعة. وأضاف أن "ملابسات هذا الهجوم الوحشي لم تعرف بعد ولن ندخر جهدا في تسليط الضوء على ما حدث". وقدمت نظيرته الكونغولية ماري-تيريز تومبا نزيزا تعازي حكومة بلادها الى ايطاليا على هذه "الخسارة الكبيرة"، متعهدة في تسجيل فيديو تم توزيعه على وسائل الإعلام بأن تبذل الكونغو الديموقراطية "كل ما بوسعها للكشف عمن يقف وراء هذه الجريمة المخزية". شغل أتانازيو منصب سفير إيطاليا في الكونغو الديموقراطية منذ تشرين الأول/اكتوبر 2019، بعد أن وصل إلى البلاد في 2017 كرئيس بعثة، بحسب سيرته الذاتية الرسمية. وأوضح المصدر الدبلوماسي لفرانس برس أنه بعدما "أ صيب بجروح بالغة في البطن"، ن قل السفير إلى مستشفى في غوما "بحال حرجة". وأعلن الجيش الكونغولي أن "القوات المسلحة الكونغولية تمش ط (المنطقة) لمعرفة من هم المنفذون". والكونغو الديموقراطية بلد شاسع بحجم أوروبا الغربية القارية، وهي تشهد عدة نزاعات لا سيما في شرقها النائي الغني بالمعادن. وتنشط عشرات الميلشيات في المقاطعات الشرقية الأربع، وكثير منها شكلت إثر حروب في تسعينيات القرن الماضي اجتاحت دول ا حول وسط وجنوب إفريقيا وأودت بحياة الملايين. وأك د برنامج الأغذية العالمي أن أتانازيو كان في مهمة لتقصي الحقائق مع وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة. وأضاف البرنامج في بيان أن "الوفد كان مسافرا من غوما لزيارة برنامج التغذية المدرسية لبرنامج الأغذية العالمي في روتشورو عندما وقع الهجوم .. على طريق كان قد تم إخلاؤه من قبل للسفر دون حراسة أمنية". وقع الهجوم على موكب برنامج الأغذية العالمي في شمال غوما، مركز إقليم شمال كيفو الذي يتعرض لأعمال عنف تنف ذها مجموعات مسلحة منذ أكثر من 25 عاما . تشمل الجماعات المسلحة في المنطقة ميليشيا الهوتو الرواندية المسماة القوات الديموقراطية لتحرير رواندا، بالإضافة إلى حركة 23 إم، المعروفة أيض ا باسم الجيش الثوري الكونغولي. وتضم هذه المنطقة حديقة فيرونغا الوطنية وهي محمية طبيعية سياحية مهددة، وتشهد أيضا على النزاعات التي تدور في منطقة شمال كيفو حيث تتنازع الجماعات المسلحة السيطرة على موارد الأرض. ويعود عمر حديقة فيرونغا الى العام 1925، وهي الاقدم في افريقيا ومدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو. وتمتد هذه المحمية على 7769 كلم مربع ا من غوما حتى بيني، بين جبال وغابات. وتخضع الحديقة لمراقبة 689 حارسا مسلحا بينهم 200 ق تلوا أثناء ممارسة مهامهم في هجمات وقعت خلال العقد الفائت، بحسب مسؤولين. وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الاسبوع الفائت إن أكثر من ألفي مدني قتلوا في مناطق شمال وجنوب كيفو وإيتوري العام الماضي. دخل السفير القتيل السلك الدبلوماسي أواخر العام 2003، بعد أن أنهى دراساته في مجال التجارة في جامعة لويجي بوكوني في ميلانو. وبدأ العمل في إدارة الشؤون الاقتصادية قبل أن ينتقل إلى القضايا الإفريقية والتعاون الدولي. في الخارج، ع ي ن في البداية رئيسا للقسم الاقتصادي والتجاري في السفارة الإيطالية في بيرن (2006-2010) ثم قنصلا عاما في الدارالبيضاء في المغرب (2010-2013). وبعد تمضيته فترة في روما، ع ي ن مستشارا في السفارة الإيطالية لدى نيجيريا عام 2015. أشادت إيمانويلا ديل ري، التي كانت نائبة لوزير الخارجية من 2018 حتى الشهر الماضي، "برجل موهوب بشجاعة وإنسانية وحس مهني غير مألوفة". وقالت ديل ري إنها عملت مع أتانازيو على إعادة راهبة "مريضة جد ا" من جمهورية الكونغو الديموقراطية. وتابعت "أتذكر ابتسامته التي تشع على ممن حوله ور قيه ومعرفته الكبيرة بالشؤون الإفريقية". وأضافت "تشاو (وداعا) عزيزي المحترم لوكا". وأتانازيو ثاني سفير أوروبي ي قتل أثناء خدمته في جمهورية الكونغو الديموقراطية.