تسبب البرد القارس في وفاة مهاجريْن مغربيّيْن في الشارع، أمس الاثنين، يعيشان بدون مأوى في برشلونة بإسبانيا، حيث أكد الأطباء أن الوفاة ناجمة بالأساس عن انخفاض حاد لدرجة الحرارة في جسمهما. ووفقا لما نقلته صحيفة "الباييس" الإسبانية من معطيات، فالأمر يتعلق بمغربيين تتراوح أعمارهما بين 37 و32 عاما، فارقا الحياة بسبب انخفاض درجة الحرارة الشديد في جسمهما. وتوفي الأول في ساحة "الشاعر بوسكا"، الواقعة بجوار أحد أسواق برشلونة، في وقت مبكر من صباح يوم أمس الاثنين، فيما فارق الثاني الحياة مساء اليوم نفسه في المستشفى، بعدما نقل إليه من حديقة "ثيوتاديلا" التي وجد فيها في حالة صحية حرجة برفقة شاب آخر مغربي الجنسية لا يتجاوز عمره 19 عامًا. هذا الشاب بدوره وجد في حالة صعبة حيث يعاني من انخفاض حاد في درجة حرارة الجسم ومن مضاعفات البرد القارس الذي يجتاح المدينة وغالب تراب إسبانيا منذ أزيد من أسبوع. وتمكن عناصر المصالح الصحية والأطباء من مساعدة الشاب الذي ما يزال على قيد الحياة، حيث نقلا على وجه السرعة إلى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية إذ لم يكن بإمكانه أبدا تحمل ليلة أخرى من البرد في العراء، وفقا للتقرير الصحفي، فيما فارق زميله الحياة بالقرب منه في المستشفى. وأكدت "الباييس" أن علامات عنف وآثاره تظهر على الضحيتين. وتعود تفاصيل الفاجعة إلى وقت مبكر من صباح أمس الاثنين، حيث وجد عمال سوق برشلونة الرجل المغربي ميتا، حيث خلّف الخبر صدمة كبيرة كون غالبية سكان الحي يعرفون المغربي الميت. فقد كان يتردد كثيرا على المنطقة منذ أربع سنوات ويمتهن التسول. وأثارت هذه الفاجعة استياء وسط السكان، خصوصا وأنهم ما فتئوا، منذ بداية وباء كورونا المستجد، يعربون عن إدانتهم لتجاهل مصالح الخدمة الاجتماعية لازدياد عدد المشردين الذين يقضون سحابة يومهم وليلهم في شوارع المدينة. كما طالبوا سلطات المدينة في أكثر من مرة بضرورة أخذ القضية على محمل الجد وإيجاد حلول لها قبل حلول ليالي البرد القارس لتفادي مثل هذه الكارثة. أما حكاية الرجل الثاني الذي يعيش مشردا في الشارع، فإنه عادة ما يكون برفقة خمسة شبان آخرين من جنسية مغربية، وفق ما أورد التقرير. وقد أبلغ الأطباء في برشلونة المكلفين بالوفيات في الساعة السادسة والنصف من مساء أمس بوفاته حيث كان يعاني من البرد ويرقد بالمستشفى بالقرب من الشاب الذي يبلغ من العمر 19 عامًا. هذا الأخير ظل يعاني من انخفاض شديد في درجة حرارة الجسم مما يسبب له متاعب جمة، إذ عندما يفقد الجسم درجة 36 المعتادة يمكن أن يبدأ نظام القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي والجهاز العصبي بالفشل وينتهي الأمر بالتسبب في فشل تام قد يؤدي إلى الوفاة مباشرة. وحاول الأطباء دعم جسمه ومحاولة إنقاذه. وذكرت اليومية الإسبانية واسعة الانتشار أن القضاء دخل على خط هذه القضية، إذ وصلت الملف إلى المحكمة رقم 14 في مدينة برشلونة، حيث كانت تنتظر التوصل بنتائج التشريح الطبي ومباشرة التحقيق في هذه الفاجعة التي أثارت استياء النشطاء المدنيين في إسبانيا الذين يطالبون بضرورة إجراء تحقيق ومحاسبة كل من قصّر حتى وصل الأمر إلى هذه النهاية المأساوية. وبحسب آخر إحصاء أجرته مؤسسة "أريلس" (Arrels) الإسبانية التي تعنى بمساعدة المشردين، فإن أزيد من 1200 شخصا يتجولون في شوارع عاصمة إقليم كاطلونيا من دون مأوى أو أهل. وذكر مدير الهيئة، فيران بوسكيس، في تصريحات لصحيفة "الباييس" أن "مشكلة البرد القارس هي نفسها دائمًا. هناك أشخاص يذهبون للمراكز للتدفئة وآخرون لا يذهبوا لأنهم موضع تأديب". وأكد أن عدد من المشردين "يفضلون البقاء كما هم، عوض الذهاب والبقاء هناك لبضعة أيام، وعليهم البدء من جديد". ويحاول متطوعون وجمعيات إغاثة مساعدة هؤلاء المشردين عبر توفير المأكل والملبس والأغطية التي تقيهم البرد، خصوصا وأن برشلونة تعرف انخفاضا شديدا للحرارة في ليالي الشتاء، لكن مجهوداتهم تبقى موقتة ولا تقدم حلا جذريا لمشكلة تعاني منها إسبانيا في أغلب المدن الكبيرة بسبب تدفقات المهاجرين بكثرة وهروبهم من مراكز الإيواء خوفا من إعادتهم إلى بلدانهم الأصل.