مع حلول شهر رمضان الأبرك، تتناسل عدد من الأسئلة ذات الطابع الديني في أذهان المسلمين، خصوصا في ما يتعلق بأداء فريضتي الصلاة والصوم، وذلك من أجل تجنب أي أفعال قد تبطل صومهم وصلاتهم. في ظل ظروف الحجر الصحي التي فرضها انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، قد زادت حدت التساؤلات في ظل عدد من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات منها اغلاق المساجد، ومنع صلاة التراويح. في هذا السياق، استضافت « فبراير » الأستاذ الجامعي بكلية الآداب التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، والمتخصص في الدراسات الإسلامية، عبد العزيز فارح، للبحث بعض الأسئلة الملحة في « زمن كورونا ». مرحبا أستاذ فارح…هل تجوز « الصلاة الافتراضية » عن طريق التلفاز أو الهواتف الذكية في زمن الجائحة؟ في البداية شكرا لموقع « فبراير » على الاستضافة، بخصوص السؤال المطروح، فبحسب ما أفتى به العلماء، فلا تجوز الصلاة عن طريق التلفاز أو الهواتف الذكية، وإنما تصلى مباشرة بالبيت نظرا للظروف الحالية. والصلاة بالبيت تكون إما بشكل منفرد، أو بشكل جماعي عن طريق اشراك أفراد الاسرة، ولنا في هذا الامر العديد من الفوائد، من بينها الحفاظ على الصلاة، وتلاوة القراَن في البيت، كما أن هذا الأمر يحقق المودة والسكن والتعاون على العبادة. إنما جعل الإمام ليؤتم به، ولا يحصل هذا مع المذياع ولا التلفاز ولا الهاتف، ولهذا يجب أن يكون المصلون وراء إمام، وأمر حجب الإمام عن المصلين، أو بعده عنهم نوقشت عند الفقهاء منذ القديم، وهناك شبه اجماع على أن الأمر لا يجوز. أستاذ فارح، هل يجوز استعمال المصحف أثناء صلاة التراويح لغير الحاملين لكتاب الله؟ في ما يتعلق بسؤالكم، فقد أفتى العديد من الفقهاء بجواز ذلك بأن يقرأ المصلي من المصحف أو الهاتف الذكي الذي يوجد به مصحف، هذا في صلاة التراويح لغير الحاملين لكتاب الله. لكن إذا وجد طفل صغير في المنزل يحفظ بعض السور يقدم لغير ولو كانوا من الكبار، وهذه المسألة تحلينا على إعادة التفكير في حفظ القراَن، من أجل تجنب مثل هذا النقاشات ومعالجة الأمر من جذوره. في جانب أخر، فقيه أزهري أجاز الإفطار في رمضان مرتكزا على القاعدة الفقهية « صحة الأبدان تُقدم على صحة الأديان »، ما تعليقك؟ لا صلة واضحة ومؤكدة بين الصيام وبين فيروس كورونا المستجد، إذ لا يشكل الصوم خطرا على صحة الناس، ولم يقر الأطباء المتخصصون في علم الفيروسات على اعتباره تشكيله لخطر يهدد صحة الأفراد. لو أكد الأطباء على أنه تمت علاقة بين فيروس كورونا والصيام في ارتباطه من تعريض حياة الأفراد للخطر، لفتى كبار الفقهاء في الأمر. لا قطيعة بين الدين والعلم، فالدين يستظل بظل العلم، وقاعدة « صحة الأبدان قبل صحة الأديان »، لا تصح في الوضعية التي نعيشها في الوقت الرهان، مما يجعل ما قاله الشيخ الأزهري وجهة نظر لا غير. من الأمور التي شغلت بال الرأي العام في الفترة الأخيرة، دعوة الشيخ القزابري، للأفراد الذين كان ينون الاعتمار هذه السنة من أجل دعم الأسر المعوزة، كيف ترى هذه الدعوة؟ بخصوص ما قاله الشيخ القزابري، لا يمكن إلا أن نتفق معه ونؤكد ذلك، فيمكن للإنسان أن يقدم نافلة على أخرى، في هذا الزمن، الأفراد محتاجون لكل ما هو مرتبط بالتاَزر والتعاون. هناك أسر كثير لا عائل لها، وهناك أسر فقيرة، وأخرى معزولة، فالناس محتاجون في الفترة الراهنة إلى التعاون، والإسلام دعا إلى التاَزر وجعله مقدم على غيرها من الأعمال الحسنة. هناك في الإسلام ما يعرف بفقه الأولويات، فهناك سلة من الأولويات، فقد نقدم فرض على فرض، وقد نقدم حسنة على أخرى، وما دعا إليه الشيخ القزابري صحيح، ويدخل في هذا الإطار الذي ذكرناه.