فتح انتشار وباء كورونا في تونس الباب أمام الطلبة والعلماء للقيام بأبحاث وابتكارات دعما لأجهزة الصحة العامة الهشة، من استخدام الذكاء الاصطناعي للتصوير الشعاعي الى اختراع روبوت لفرز المشتبه بإصابتهم بالفيروس والبحث عن لقاح. فقد طلبت الحكومة من الطلبة في مدرسة المهندسين في سوسة (شرق) أن يكون تحدي ختام الدروس السنوية، تصميم جهاز للتنفس الاصطناعي وصناعته محليا. وأتى ذلك بسبب النقص الكبير في أجهزة التنفس الاصطناعي المسجل في المستشفيات الحكومية والوقت الطويل الذي تستغرقه المناقصات الدولية لشراء هذه المعدات والطلب العالمي المتزايد عليها. يقول عميد مدرسة المهندسين عارف المؤدب لوكالة فرانس برس قام « فريق من الطلبة بإشراف من أساتذتهم وأطباء من المركز الاستشفائي بالمدينة بتطوير نموذج يعمل ». ويتابع المؤدب « للمرة الأولى نصنع هذه الآلة المعقدة في تونس وهذا يبرهن على أن هناك طاقة كامنة هنا، ينقص فقط الثقة والامكانيات التي تتاح لنا خلال هذه الأزمة ». ويتوقع المهندسون الشباب أن ينجزوا في نهاية أي ار/مايو صنع نموذج لآلتهم وأن يضعوا نسخا من المخططات الهندسية للعموم على الانترنت. كذلك، صم م فريق مشترك من الباحثين الفرنسيين والتونسيين جهازا للتنفس الاصطناعي يمكن صنعه بواسطة الطباعة الثلاثية بما توفر من مواد أولية. وهو يسمح للدول الإفريقية خصوصا بصنع هذه الأجهزة إذ يعاني بعضها من نقص كبير في هذه المعدات الصحي ة. ويوضح خليل عل وش الطالب في اختصاص الهندسة والمشارك في مشروع آخر في هذا المجال « كلن ا في وضع استنفار، لأننا نريد انقاذ حياتنا وأرواح عائلاتنا ». ويتابع « نستعمل كل المصادر المتاحة، وكفاءات المهندس التونسي في مجال آلات التنفس الاصطناعي هي في حد ذاتها مصدر مهم…أثبتت هذه الأزمة أنه بالامكان أن نكون مستقلين اذا ما منحنا الثقة للشباب التونسي ». يتخرج من الجامعات التونسية سنويا آلاف الأطباء والمهندسين بمؤهلات يشهد لها دوليا ويغادر عدد كبير منهم البلاد نحو أوروبا ودول الخليج لأن الأجور في البلاد محدودة. تعكف مختبرات التحاليل الطبية في تونس على تحديد عدد المرضى يوميا في سباق مع الزمن لمحاصرة الجائحة. ونجح فريق من الأطباء للمرة الأولى في المنطقة في تحديد جين فيروس كورونا المستجد في تونس كمرحلة أساسية قبل الانتقال إلى عملية البحث عن لقاح. وباشر أطباء في معهد باستور الرائد في تصنيع اللقاحات في البلاد، أبحاثا أولية عن لقاح لهذا الفيروس. يكشف مدير المعهد الهاشمي الوزير « العديد من الدول وصل الى مراحل متقدمة لكن هذا لا يعني اننا سنضمن الحصول على هذا اللقاح سريعا بالنظر الى الطلب عليه…لدينا مختصون يملكون هذه الكفاءات ، وفي حال نجحنا سيكون أمرا رائعا ». بموازاة ذلك، طو ر مهندسون تونسيون برمجية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لا تزال قيد التجربة، تقوم على تحليل صور الأشعة على الرئتين للكشف عن المصابين المحتملين بفيروس كورونا المستجد. وقد تكون هذه البرمجية إن تم اعتمادها، مفيدة في مستشفيات المناطق الداخلية في البلاد التي تفتقد لمعدات اجراء التحاليل. وقال رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ في حوار تلفزيوني إن « الأزمة عر تنا » لكنها في المقابل « كشفت عن كفاءات » في ميدان التكنولوجيا « سنبني عليها » في محاولة لإنقاذ الاقتصاد الذي تضر ر كثيرا من قرارات الإغلاق التام . وحثت الحكومة التونسية وعبر وزارة تكنولوجيا الاتصال والتحو ل الرقمي، على البحث عبر توظيف الذكاء الاصطناعي عن طرق لمكافحة جائحة كوفيد-19 ونظمت معرضا افتراضيا للعلوم والتكنولوجيا والإبداع تحت شعار « صنع في تونس ». وأطلقت وزارة الداخلية مع انتشار فيروس كورونا في تونس روبوتا لحث التونسيين المخالفين لتعليمات الإغلاق التام في البلاد، على ملازمة منازلهم وعدم المغادرة إلا في الحالات القصوى. وتعكف الشركة المصنعة للروبوت « اينوفا » على تطوير روبوت آخر يسهل عملية التواصل بين المريض وأفراد عائلته. كذلك، اعتمدت وزارة الصحة تطبيقا يمكن من احصاء وربط عدد أسر ة الانعاش المتوافرة في كل المستشفيات والتحكم فيها وتوزيع المرضى عليها. وتؤكد الطبيبة جليلة بن خليل مساعدة رئيس قسم الانعاش في المستشفى الرئيسي لعلاج مرض كوفيد-19 « يجب البحث في كل الطرق للخروج » من الأزمة.