ترك تفشي فيروس كورونا، آثاراً نفسية بالغة الصعوبة، على الكبار والصغار، بسبب حالة الذعر التي أصابت العالم، على مستوى المجتمع والأسرة. إذ لم تقتصر أضرار الجائحة العالمية على الآثار الجسدية المتمثلة بأعراض المرض المعروفة، بل تؤثر أيضاً على الحالة النفسية بسبب السلوكيات والتصرفات الخاطئة من قبل الكثيرين في التعامل مع الوباء. وفي هذا السياق، يوضح الخبراء أن حالة الذعر التي يمكن أن تحدث داخل الأسرة بسبب وباء كورونا قد يكون لها تأثيرات سلبية على الأطفال. ويوصي الخبراء بتجنيب الأطفال خلال هذه المرحلة، المعلومات المغلوطة ورؤية المشاهد الصادمة وغير الملائمة المنتشرة على شبكة الإنترنت. والأطفال هم أكثر الفئات عرضة للتأثر بالخوف من فيروس كورونا، بحسب اختصاصيين. وفي هذا الصدد، تحدث عدد من الخبراء مع الأناضول حول كيفية حماية الأطفال من الخوف من الفيروس. ** الأمراض المنتشرة سريعاً تؤدي لمشاكل نفسية أكثر لدى الأطفال وقال الدكتور إبراهيم أداك عضو هيئة التدريس بجامعة العلوم الصحية قسم أمراض الصحة النفسية للأطفال، إن الحالة النفسية للأطفال يمكن أن تتأثر سلبياً بسبب الأمراض. وأضاف أن « هناك عوامل مهمة توضح إلى أي مدى ستتأثر نفسية الطفل بسبب المرض منها عمر الطفل وحالته العاطفية والمزاجية وقدرته على التكيف مع من حوله ». وتابع: « إضافة إلى نوعية المرض وشدته، ومدى تأثيره على الأنشطة والحياة اليومية للطفل، وموقف الأبوين والمحيطين بالطفل وتصرفهم تجاه المرض ». وقال أداك: « ثبت أن الأمراض المعدية التي تنتشر بسرعة وتنتقل من إنسان لآخر، تتسبب في مشاكل نفسية كالقلق لدى الأطفال أكثر من غيرهم ». وتابع « يمكن أن يتكون في ذهن الطفل قلق من أنه سيصاب بالمرض هو ومن حوله. وهنا يقع على عاتق الوالدين دور مهم في تخفيف قلق الطفل ». ولفت قائلا: « على الوالدين أولا أن يسيطرا على القلق والهلع لديهما ليكونا مثالاً يحتذى به من قبل أطفالهما، وعليهما أن يقدما معلومات سليمة لأطفالهما وأن يستمعا إلى الأسئلة العالقة في أذهانهم بخصوص المرض بلغة تُفهم بسهولة ». وأكد أداك أنه « على الأبوين أن يشرحا لأطفالهما ما الذي يجب عليهم القيام به لحماية أنفسهم من المرض، وألا يكثرا الحديث دائماً عن المرض وأن يتحدثا مع الأطفال عن مواضيع أخرى وأن يحاولا قدر الإمكان مواصلة حياتهم اليومية الطبيعية مع اتخاذ كل التدابير اللازمة ». وشدد على « ضرورة تأكد الأبوين من إبعاد الأطفال عن المعلومات المغلوطة والمشاهد الصادمة المنتشرة على الإنترنت، لأنها ستزيد من شعور الأطفال بالذعر والهلع، حتى يمكن أن تسبب لهم صدمات نفسية ». واستطرد « إذا لاحظنا أن حالة القلق والذعر عند الطفل مستمرة وتعيق حياته اليومية عندئذ يجب التوجه إلى طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال ». الدكتورة أمل صاري غوكتن عضو هيئة التدريس بجامعة أوسكودار في كلية الطب قسم أمراض الصحة النفسية أشارت إلى أن « هذا الوضع يقلق البالغين كثيراً فينبغي التفكير في تأثير ذلك على الحالة النفسية للأطفال ». وأضافت أن « تأثير مثل هذه الأخبار على الأطفال ليس واحداً على جميع الأطفال بل يختلف بحسب عمر الطفل وحالته المزاجية وردود فعل والدي الطفل والمحيطين به ». ** الحالة النفسية ترتبط بالفترة العمرية للطفل وأوضحت: « الحالة النفسية للأطفال ترتبط بالفترة العمرية ومراحل التطور العمرية التي يمرون بها ». وتابعت: « الأطفال قبل عمر السادسة يتمتعون بخيال واسع جداً ويمكن أن يكونوا أفكاراً خيالية عن الفيروس المذكور مثل أنه وحش عملاق قبيح الشكل يفتك بالإنسان ويأكله ». ولفتت إلى أن « الأطفال في هذه السن يمكن أن يفكرون في أنهم هم من تسبب في هذه الكارثة بسبب خطأ ما ارتكبوه ». وأردفت: « لذلك يجب على الآباء الذين لديهم أطفال دون سن السادسة أن يتأكدوا من إبعاد أطفالهم عن مثل هذه الأخبار والمعلومات الكثيرة في التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي ». وتابعت « يمكن إخبار الأطفال أن الفيروس صغير جداً لا يمكن رؤيته بالعين المجردة يصيب الإنسان عن طريق الفم والأنف ويسبب أعراضا مثل السعال ». وأضافت غوكتن: « ويجب على الآباء أن يخبروا أطفالهم أنهم اتخذوا التدابير اللازمة وأنهم يقومون بحمايتهم، لأن الشعور بالأمان مهم جداً للأطفال في مثل هذه السن. » ** التقليل من مشاهدة الأطفال للأخبار وأوضحت أن الأطفال في المرحلة الابتدائية يمكن أن يكون لديهم أفكارا أكثر واقعية وأنهم يتعرضون للكثير من المعلومات من أصدقائهم في المدرسة ومن المحيطين بهم ولذلك يجب التقليل من فترات تعرضهم للأخبار في المنزل. ** الأطفال القلقون ولفتت إلى أن « الأطفال أصحاب المزاج القلق الذين يخافون دائماً من الإصابة بالأمراض ولا يثقون كثيراً بالعالم الخارجي يمكن أن يتأثروا أكثر من غيرهم بأخبار الوباء ». وأردفت: « لذلك على الآباء الذين يلاحظون أن أبناءهم لديهم مزاج قلق أن يحدوا من تعرض أبنائهم لمثل هذا النوع من الأخبار في التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي ». وأضافت أن « الأطفال إلى جانب ذلك يمكن أن يتأثروا أكثر بمشاعر أفراد عائلاتهم لإن مشاعر الخوف والذعر لدى الأبوين أو المخالطين للطفل مشاعر معدية ولذلك على الأبوين ألا يستخدموا في حديثهم لغة الخوف والذعر من الوباء بل أن يركزوا على التدابير والإجراءات الواجب اتخاذها.