انقطاع التيار الكهربائي .. الحكومة البرتغالية تستبعد حدوث هجوم إلكتروني    ملتقى في الصويرة يناقش "المواسم التقليدية رافعة للاقتصاد في الوسط القروي... زوايا ركراكة نموذجًا"    في الذكرى 17 لتأسيسها.. المندوبية العامة لإدارة السجون تشيد بمسار الإصلاح وتكرّم جهود موظفيها    القيدوم مصطفى العلوي يُكرَّم في منتدى الصحراء للصحافة بكلمة مؤثرة تلامس القلوب    الأوقاف تدعو المواطنين إلى توخي الحذر بخصوص بعض الإعلانات المتداولة بشأن تأشيرة الحج    "المغرب ينير الأندلس" ويتحول إلى فاعل طاقي وازن في الضفة الجنوبية    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    ربط المغرب بآسيا.. اتفاقية استراتيجية بين المكتب الوطني للسياحة وطيران الإمارات    شراكة تجمع التعليم العالي و"هواوي"‬    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    دول الساحل تُشيد بمبادرة المغرب لتمكينها من الولوج إلى الأطلسي وتؤكد تسريع تفعيلها    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    كارني يحقق فوزا تاريخيا في الانتخابات الكندية ويعد بمواجهة تهديدات ترامب    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الوزيرة بنعلي: جودة مياه الشواطئ المغربية ترتفع إلى 93 في المائة    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    "المستشارين" يحتضن شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب جنوب    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    أخبار الساحة    مشروع مستشفى بالقصر الصغير في طي النسيان منذ أكثر من عقد يثير تساؤلات في البرلمان    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    أزيد من 220 عاملًا بشركة "أتينتو Atento" بتطوان يواجهون الطرد الجماعي    نقابة الكونفدرالية بالمحمدية تطالب بعقد اجتماع عاجل مع السلطات الإقيليمية لإنقاذ عمال مجموعة "الكتبية"    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عايش يحلل الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة
نشر في فبراير يوم 12 - 03 - 2020


توطئة
انتهت الانتخابات الإسرائيلية بفوز طفيف لحزب الليكود بفارق ثلاث مقاعد عن غريمه حزب أبيض أزرق، في نسخة انتخابية ثالثة، والتي أجريت في الثاني من مارس هذه السنة وذلك للتنافس على التموقع بالكنيست وتوزيع مقاعده 120.
ولأن النسخة الثانية من الانتخابات لم تمكن الفرقاء السياسيين من التفاهم حول العديد من المواقف والملفات وكذا بقاء نتانياهو من عدمه كوزير أول جديد/قديم ومن تم تشكيل الحكومة، إلا أن الساحة السياسية قد تحولت في ظل هذه الانتخابات لمعترك « حرب قذرة ووسخة » حسب تصريح الرئيس الإسرائيلي رؤوفين رفلين عقب ادلاءه بصوته يوم الاثنين 2 مارس 2020.
حملة انتخابية على وقع الشكايات
مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، صرح مستشار زعيم حزب أبيض أزرق بأنه تقدم بشكاية للمدعي العام الاسرائيلي أفخاي مندلبليت يطالب فيها بفتح تحقيق حول تعقب هاتف بيني غانتز اثناء الحملة الانتخابية، وهذه الشكاية تنبني على أساس التسريبات التي أذيعت على القنوات الإسرائيلية والتي تشير إلى استخراج محتويات هاتف بيني غانتز إثر قرصنته، الأمر الذي حسب مضمون الشكاية، أضر بالحياة الخاصة له.
جريدة « دي ماركر » نشرت ما فحواه أن المحامي يوسي كوهين والمقرب جدا من عائلة ناتنياهو قد اتصل بشركة استعلامات خاصة بحثا عن معلومات محرجة عن بيني غانتز، الجريدة ساقت شخصا اخر باعتباره ضالعا في الموضوع والذي لم يكن إلا مسؤول الجريمة الالكترونية بحزب الليكود ومستشار ناتنياهو الإعلامي في الان نفسه والذي كان صديقا للمحامي كوهين.
حزب أزرق أبيض تقدم إلى المراقب العام الإسرائيلي بشكاية أخرى حول مخالفة حزب الليكود لقوانين تمويل الحملات الانتخابية بسبب سعي هذا الأخير للاستفادة من خدمات شركة الاستعلامات الخاصة السالفة الذكر.
من جهة أخرى أقدمت مجموعة من عشرون اسرائيليا على وضع شكاية يوم الاحد فاتح مارس للمطالبة بتعويض قدره مليون شيكل ( حوالي ربع مليون أورو) من طرف حزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتانياهو و أيضا من طرف مطوري احد التطبيقات المسمى « ناخب = ايليكطور » بسبب خروقاته العديدة في ما يخص تسريب المعطيات الشخصية لملايين الإسرائيليين، إذ قام الحزب بشراء التطبيق المذكور دون مراعات خصوصية المشتركين به، مشيرين إلى الاحتمالات الممكنة لمثل هذه العميلة التجارية والتي لن تظهر نتائجها إلا بعد سنوات كانتحال الهوية، وتهديد الأمن القومي.
لغة حادة واتهامات متبادلة
منصات الخطب السياسية لزعماء الأحزاب لم تخل من تراشق للتهم والنعوت، فغانتز مثلا لم يتردد في نعت نتنياهو بالكاذب والمحرض على العنف ضده وتمزيق نسيج المجتمع الإسرائيلي وذلك عبر نشر الشائعات الزائفة والأخبار الكاذبة قصد الإساءة لغانتز والهروب من العدالة، فنتانياهو لحدود إعلان النتائج الانتخابية متابع بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة.
هذه الاتهامات من غانتز لنتانياهو تأتي بعد انخراط حزب الليكود في حملة إعلانات عبر وصلات إشهارية قصيرة متلفزة وذات طابع حاد اتجاه غانتز، تحمل في كثير من الأحيان طابعا شخصيا، إذ نعتت هذه الوصلات غانتز قائد الجيش الإسرائيلي السابق بكونه لم يكن قادرا على قيادة الجيش بسبب مشاكل النطق لديه وضعف صحته العقلية، إضافة إلى كونه حاليا رجل أعمال فاشل على شفى الإفلاس.
نتانياهو أضاف أن مصالح الاستخبارات الإيرانية تمتلك مجموعة من المعلومات الشخصية الحساسة والمحرجة عن غانتز، معتبرا إياه غير قادر عن حماية إسرائيل، وهي قناعة تولدت لديه تبعا لخمس سنوات من الاحتكاك المباشر أثناء عمل غانتز تحت أوامر الوزير الاول قبل تقاعده سنة 2015، غير أن بلاغا لحزب الليكود عشية مناظرة الأربعاء 26 فبراير الماضي التلفزيونية كان ماكرا وخبيثا بدعوته لبيني غانتز بالهدوء وشرب كوب ماء قبل بداية المواجهة التلفزية بينه وبين ناتنياهو، نفس البلاغ أضاف أن غانتز كان عليه تجنب البكاء والكوميديا، معتبرا أن السياسة ميدانا صعبا و كون عمل الوزير الأول اصعب من ذلك بكثير و هو ما ليس بمقدور غانتز تحمله.
نتانياهو أطلق سهام نقده أيضا على كابي اشكنازي وهو جنرال متقاعد أيضا سنة 2011 وعضو حزب ازرق ابيض معتبرا إياه معاديا لأقلية الدروز والذين يشكلون أغلبية القائمة العربية المشتركة بإسرائيل مما جر عليه انتقاد أشكنازي معتبرا إياه كاذبا وعدوانيا وكون نتانياهو مرر قانون الدولة القومية والتي حولت الدروز الى أقلية ومواطنين من الدرجة الثانية.
ايليت شاكيد مؤسسة حزب اليمين الجديد (هايمين هيهاداش) والتي تمكنت بمعية نفطالي بينيت من تأسيس تكتل حزبي يسمى اليمين (يامينا) بمعية حزبها وأحزاب اتحاد أحزاب اليمين المكون من حزبي البيت اليهودي (هابيت هايهودي) وتكوما، وبعد استعراضها لبرنامج مبيتها ببيع يهودية في إطار التقرب من الصهاينة المتدينين، لم تتأخر في القول بكون يمين سياسي قوي هو السند القوي لكي يتمكن نتانياهو من أحكام قبضته على الكنيست معتبرة أن بيني غانتز ليس مؤهلا لمنصب الوزير الأول.
افيكدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا صرح قبيل الانتخابات ان نتانياهو كذب بخصوص وعده ضم غور الأردن اذ قام هذا الأخير بطمأنة الملك الأردني بعدم سعيه إلى الأقدام على ذلك مدعيا ان ما قاله بهذا الخصوص ليست سوى خطابات انتخابية، ليبرمان أضاف ان قد ينضم الى حكومة بزعامة الليكود لكن دون نتانياهو، معتبرا ان هذا الأخير يقوم بالتنسيق مع زعيم تحالف اليسار عمير بيريتز من اجل حصول هذا الاخير على الدعم الكافي لبلوغ كرسي رئاسة إسرائيل بعد نهاية ولاية رئيسها الحالي رؤوفين رفلين.
نتائج انتخابات متوقعة او مفاجئة؟
يمكننا بمقارنة بسيطة وعددية قراءة نتائج الانتخابات الأخيرة أفقيا وعموديا:
* الليكود: (2020) 36، (شتنبر 2019) 31، (ابريل 2019) 35
* ازرق ابيض: (2020) 33، (شتنبر 2019) 33، (ابريل 2019) 35
* اللائحة العربية المشتركة: (2020) 15، (شتنبر 2019) 13، (ابريل 2019) 10
* شاس: (2020) 9، (شتنبر 2019) 9، (ابريل 2019) 8
* اليهودي المتحد من أجل التوراة: (2020) 7، (شتنبر 2019) 8، (ابريل 2019) 8
* إسرائيل بيتنا: (2020) 7، (شتنبر 2019) 8، (ابريل 2019) 5
* تحالف اليسار (العمالي، الجسر «يشير »، الطاقة » ميريتز »): (2020) 7، (شتنبر 2019) 5، (ابريل 2019) 10
* اليمين: (2020) 6، (شتنبر 2019) 7، (ابريل 2019) 5
* كلنا: (ابريل 2019) 4
مع توالي التقارير حول حالة الصراع الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي داخليا وتشتت توجهات مختلف القوى السياسية نحو تبني خطابات العنصرية والتشدد القومي، كان نتانياهو على الدوام الأقرب الى أطماع الإسرائيليين فيما يخص التوسع الاستيطاني والجغرافي، تحقيق التنمية الاقتصادية والسيطرة على التهديدات الأمنية الخارجية عبر سياسة استباقية على كل المحاور.
إلا أن دهاءه وهو من لقب بالثعلب، يكمن في روابطه المتينة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقوة اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة الامريكية وصلابة روابطه باللوبي الإنجيلي الأمريكي.
فقوة الايباك والسيطرة التي احكمها الإنجيلين على دواليب البيت الأبيض عززت مكانة نتانياهو لدى رئيس دولة يتبنى جل اطروحات إسرائيل بالرغم من معاكستها تماما للشرعية الدولية، فنقل السفارة الأمريكية للقدس كان خطوة لتفعيل قرار للكونغريس الأمريكي أو ما يشبه الدفعة الأخيرة لصخرة أعلى الوادي ما فتئت بلغت القعر بسرعة محدثة رجة سياسية و دبلوماسية في الأراضي الفلسطينية والعالم، إضافة الى ذلك تمكن نتانياهو من الاتكال على صهر ترامب لتقديم مقاربات مختلفة لخطط السلام ، خطط معتمدة على اندماج تدريجي لإسرائيل في محيطها العربي سواء بتوحيد الرؤى في المنطقة حول التهديد الإيراني وعرض خطة اقتصادية للرخاء بالشرق الأوسط بميزانية تبلغ 50 مليار دولار.
خطة السلام الجديدة والمعلنة للعالم من البيت الأبيض الأمريكي بحضور نتانياهو كانت نصرا إضافيا حصده هذا الأخير امام ناخبيه خاصة المستوطنون والذين يرون في التوسع تكريسا لحقهم الذي يؤمنون به في الأرض التوراتية وتوسعهم على مزيد من الأراضي كحال ضم الجولان المستعمر وغور الأردن لكن هذه المرة لدواعي الامن القومي.
غير ان هذا كله لم يقنع ما يقارب نصف ناخبي إسرائيل والذين يرون في الليكود حزبا ضعيفا امام تهديدات حماس وغير قادر على مواجهة تشتت المجتمع الإسرائيلي داخليا وهو الاتهام الذي يوجهه حزب ازرق ابيض لنتانياهو باعتباره يذر الملح على جراح المجتمع زارعا التفرقة ومذكيا للصراعات بين مختلف الفصائل، فحزب الليكود على لسان زعيمه دعا الناخبين الى عدم التصويت على اللائحة العربية باعتبارها تسعى الى ان تكون أذرع فلسطينية داخل الكنيسيت الإسرائيلي.
لكن وجب التذكير ان حزب الليكود سعى دوما الى ابراز مسألة ان يكون تصويت الناخبين لزعيم قوي وليس من اجل شخص، اذ صوتت البلدات المحيطة بقطاع غزة و التي تتلقى الصواريخ و البالونات الحارقة لليكود عوضا عن حزب يتضمن ثلاث قياد سابقين للجيش في إشارة الى حزب ازرق ابيض، هذا الأخير لم يكن شجاعا بما فيه الكفاية للتحالف مع اللائحة العربية المشتركة والتي دعت في برنامجها لتحقيق السلام، معارضة سياسة ضم الأراضي، التفرقة العنصرية واستخدام القوة المفرطة المتبعة من طرف حكومات إسرائيل بقيادة نتانياهو والمدعومة من طرف الأحزاب الصهيونية واليمينية المتطرفة.
ليلة سقوط نتانياهو
كثيرون هم بإسرائيل من يتمنون الخلود لزعيم الليكود، ليس بسبب فوزه بالانتخابات للمرة الثالثة في ظرف سنة، ولكن لأنه هو من يقف وجها لوجه أمام البعبع الإيراني والذي طالما رفعه امام المجتمع الإسرائيلي كقوة عسكرية تنشر أذرعها جنوب لبنان وبمحاذاة حدود الجولان وتنتشر بالعراق، لكن كيف سيتمكن من منافسة بن كوريون كأطول الوزراء الاولين حكما لإسرائيل وهو لم يفلح لمرتين متتاليتين من بناء تحالف قوي يضمن له اغلبية 61 مقعدا المطلوبة لتشكيل الحكومة والتصويت عليها.
افيكدور ليبرمان وضع شروطه الخمسة للتحالف من ازرق ابيض وهي في مجملها ذات توجه علماني لا تتعارض مع رغبة بيني غانتز في توسيع قاعدته وبناء تحالف قوي. فليبرمان حليف الأمس بالنسبة لنتانياهو صار اليوم من أشد خصومه السياسيين بعد ان اتهمه هذا الأخير بالجنوح إلى اليسار بحكومة ذات تشكيلة يمينية، وبتذمير قاعدته الانتخابية في شتنبر الفائت وفي انتخابات مارس الأخيرة حيث حصل على مقاعد إضافية تمكنه من الدخول في الكتلة المناوئة لنتانياهو والتي تضم 62 مقعدا مقابل 58 مقعدا لصالح نتانياهو.
وبالرغم من أن النقط الخمسة التي اقترحها ليبرمان كشروط للانضمام تتضمن تعديل تدابير إدارية ومسطرية، وشروط تجنيد الشباب من فئة الطلبة المتدينين، وإقرار الزواج المدني الى جانب الزواج الديني الوحيد المعتمد بإسرائيل، إضافة الى تمكين الحاخامات من معاينة مسطرة اعتناق اليهودية أيضا الى جانب كبار الحاخامات المتشددين.
غير أن المحللون لا يرون سبيلا لتشكيل اغلبية بزعامة ازرق ابيض دون اللائحة العربية المشتركة والتي تضم 15 مقعدا، والتي تعتبرها جل الأحزاب الإسرائيلية شريكا غير شرعي على اعتبار معارضتها الدائمة للصهيونية، لكن الثنائي غانتز وليبرمان قد يتمكنون من احراز توصية اغلبية النواب الموالين لهم ثم من بعد ذلك البحث عن دعم خارجي (أحزاب ذات مقاعد قليلة) كي يقدم الرئيس الإسرائيلي على تكليف غانتز بتشكيل حكومة أقلية.
هذه الحكومة ستكون في نظر غانتز حكومة طوارئ، اذ ستمكن من الخروج من المأزق السياسي الذي أصاب إسرائيل بالشلل منذ ما يقرب السنة مع إبقاء الباب مفتوحا لالتحاق اليمينيين الموالين لنتانياهو، والذي يبقى موضوع شكايات عديدة هو وزوجته وابناءه، كما صرح به ليبرمان للقناة الثانية عشر الإسرائيلية السبت الماضي
معتبرا في الان نفسه أن ما يهم اللحظة هو السعي الى تكليف زعيم ازرق ابيض بيني غانتز بتشكيل الحكومة، لأنها حينها سيتمكن من الاطباق على اللجان وعلى الكنيسيت، حينها ستتحرك الأمور وستسير في اتجاه جر مكونات معسكر نتانياهو نحو غانتز.
الاتجاه نحو المجهول
يتابع المحللون عن كثب تقلبات الماكما الإسرائيلية بكل تجلياتها في خضم تجاذبات قوى الوسط واليسار وتكتل اليمين والأحزاب المتطرفة الدينية، في إطار محورين اثنين أولها لضمان بقاء نتانياهو والثاني لإزالته، حتى بات معروفا لدى الجميع بإسرائيل والعالم مدى مقاومة نتنياهو الشرسة وتمسكه بكل وأي حظوظ قد تمكنه من الظفر بتشكيل الحكومة وبالتالي البقاء لمدة أطول في الحكم، فلا يختلف اذن عن الأنظمة الاستبدادية الأخرى والتي تكرس الزعيم على كرسي الحكم الى مالا نهاية.
بروز زعماء سياسيين مؤثرين على الساحة السياسية، دفع بأسماء مغمورة الى التواري خلف الكواليس والاكتفاء بدور المساندة والدعم، فطيبي عن اللائحة العربية يقر بكون اللائحة رغم كونها مشتركة الا ان توجهات أعضاءها متفرقة، لكن هم و بقية الأحزاب سيكونون على موعد مع التصويت على قانون يمنع بموجبه تكليف أي متابع قضائيا بمهام الوزارة الأولى، وهو ما لن يتأتى الا بعد أداء أعضاء الكنيسيت اليمين، كما ان هذه الخطة قد لن تأتي اكلها في ضل تهديد فيروس كورونا بتأجيل انطلاق محاكمة نتنياهو و بعدها دفع الساحة السياسية الى المزيد من التأزم.
ولهذا نعتقد ان وضع سيناريوهات لما سيكون عليه مستقبل تشكيل الحكومة الإسرائيلية دون جدوى بسبب تكرار الاحداث ومكوناتها وأن اختلف التوقيت والظرفية العالمية، ليبقى نتنياهو قابضا على طرف الحبل مقابل خصوم مختلفين وغير مقنعين في خطابهم السياسي، يسكنهم ضعف بسبب قلة التجربة وتشنج المواقف فيما بينهم، وعليه ربما كان من الأفضل للأحزاب الاتفاق حول أرضية مشتركة قوامها إزاحة نتانياهو وفريقه وتدعيم مسار العدالة بإسرائيل عبر عرضه مباشرة على المحاكمة وفي الآجال المحددة، واتخاذ الإجراءات الصحية الضرورية واللازمة لضمان حسن سير الإجراءات، لأن انتزاع التكليف بتشكيل الحكومة سيكون الضربة القاضية، حينها يستطيع الجميع في إطار تحالف ازرق ابيض من اقتسام الحقائب، إذ حين تتوحد الأهداف بين الفرقاء السياسيين لا تختلف المناهج في تحقيق تفاهمات بين الجميع لقيادة السفينة الحكومية الى بر الأمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.