تحتفي الدورة ال26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، التي انطلقت فعالياتها أمس الخميس، بذكرى خمس شخصيات مغربية راحلة سطع نجمها في عالم الفكر والأدب والصحافة، في مبادرة تعترف بمنجزهم وتخلد حضورهم بما يجعلهم، وإن رحلوا، « أحياء في الذاكرة ». فضمن فقرة قارة في البرنامج الثقافي لهذه الدورة اختارت لها اسم « أحياء في الذاكرة »، أبت وزارة الثقافة والشباب والرياضة إلا أن تستعيد ذكرى خمسة أدباء ومفكرين ومبدعين « نقشوا اسمهم في سجل ذاكرتنا الوطنية الجماعية »، قبل أن يغادروا الساحة الثقافية المغربية. وحسب ما جاء في البرنامج الثقافي للتظاهرة، فإن دورة هذه السنة « تفتح أبوابها لاستعادة ذكراهم، اعترافا بما أسدوه من عطاء جميل، ولتخليدها عبر القراءة أو إعادة نشر الأعمال أو تلقين سير الراحلين للأجيال المعاصرة والقادمة. هي لحظة لنقول جميعا: إن ماتوا فهم أحياء في الذاكرة ». أول الشخصيات المحتفى بذكراها، هي الراحل محمد باهي (توفي سنة 1996) الذي « راكم عددا من التجارب الصحافية جعلت منه إحدى القامات الكبرى في تاريخ الإعلام بالمغرب »، حيث سيستحضر المتدخلون في لقاء تمت برمجته اليوم الجمعة لهذا الغرض جزء من « ذاكرة خصبة للممارسة الصحفية بالمغرب في علاقتها بكتابة التاريخ الراهن ». ويأتي هذا اللقاء احتفاء بذكرى صحافي عرف بمواقفه كمناضل كبير سواء في المغرب أو المنطقة المغاربية أو العالم العربي، واستأثر باهتمام العديد من الكتاب والشعراء والصحافيين المرموقين، كعبد الرحمان منيف، الذي خصص كتابا لمحمد باهي، حمل عنوان « عروة الزمان الباهي ». قامة أدبية أخرى سيتم الاحتفاء بذكراها في دورة هذه السنة من معرض الكتاب، ويتعلق الأمر بالشاعر الراحل محمد لقاح الذي غيبه الموت في دجنبر المنصرم بعد معاناة مع المرض عن سن يناهز 75 عاما، ويعد بحسب المنظمين « صوتا متميزا زاوج بين النقد والشعر والترجمة ». وسينظم لهذا الغرض لقاء يوم الثلاثاء المقبل سيشكل « تأبينا أدبيا لذكرى الراحل وإحياء رمزيا لما أعطاه للمغرب الثقافي »، وهو الشاعر « ذو الباع الطويل في الشعر، والذي ابتدأ الكتابة منذ أواخر الستينيات، ونشر في عدد من المنابر العربية والمغربية. أصدر مجموعات شعرية، وترجم أعمالا نقدية إلى العربية ». ولأن أشكال التكريم تتعدد، فقد اختارت وزارة الثقافة والشباب والرياضة الاحتفاء بالشاعر الراحل محسن أخريف، رئيس رابطة أدباء الشمال، الذي « رزئت الساحة الثقافية بموته وهو في عز عطائه الأدبي »، (توفي في أبريل 2019 عن سن يناهز الأربعين)، من خلال نشر وتقديم أعماله الكاملة التي « تعد جديرة بالقراءة حيث زاوجت بن البحث والنقد والإبداع ». وحسب الوزارة، فإن الاحتفاء بذكرى الراحل أخريف (يوم 11 فبراير الجاري) يأتي « انطلاقا من المكانة الأدبية التي تبوأها قيد حياته »، ويعد « لحظة وفاء استثنائية تتيح فرصة الاطلاع على المنجز الأدبي الكامل للراحل » الذي توفي عن سن يناهز 40 سنة مخلفا وراءه أعمالا متنوعة منها دواوين « ترانيم للرحيل » (2011)، و »ترويض الأحلام الجامحة » (2012)، و »مفترق الوجود » (2019). نجم رابع أفل وما زال حيا في الذاكرة، سيتم الاحتفاء بذكراه في إطار دورة هذه السنة، ويتعلق الأمر بالشاعر والإعلامي الراحل عبد الحميد بنداوود (توفي في ماي 2019). وسينظم لهذا الغرض لقاء يوم 14 فبراير سيشكل « لحظة التفاف حول ذاكرة الراحل. إنها لحظة وفاء واعتراف بجهود إنسان خبر مهنة المتاعب وأبدع في كتابة الشذرة من خلال أضمومته الفريدة « التشظي ». وستعرف هذه اللحظة تقديم شهادات تستعيد روح عبد الحميد بنداوود، وتعيد التأمل في بعض ما أنتجه من نصوص وكتابات تستحق العناية المضاعفة. وفي لقاء خامس حول « الراحل قاضي قدور وإسهاماته في مجال اللغة والثقافة الأمازيغيتين »، تستعيد دورة معرض هذه السنة ذكرى الراحل « عبر شهادات ترصد محطات من سيرته الإنسانية والنضالية »، ذلك أن الرجل « ناضل داخل المغرب وخارجه واعتبر الشأن الأمازيغي قضية كبرى تعني المغاربة أجمعين ». فقد خلف الراحل عدة كتابات وأبحاث أكاديمية حول الأمازيغية التي كانت في صدارة اهتماماته، وشكلت جمعية الانطلاقة الثقافية التي أسسها بالناظور فضاء جسد من خلاله التزامه بقضيته وإيمانه بوطنيته إلى أن وافته المنية. وسيشارك في مختلف لقاءات الوفاء والذكرى هذه كتاب وأدباء وشعراء وإعلاميون، سيحتفون من خلال شهادات وقراءات بهؤلاء المبدعين الذين شكل رحيلهم خسارة حقيقية للساحة الثقافية بالمغرب، ويأتي الاحتفاء بهم رغبة في إبقائهم « أحياء في الذاكرة ».