فجرت دعوة وزير السياحة التونسي إلى منح الإسرائيليين جوازات سفر تونسية عاصفة من الجدل في البلاد، حيث سارع السياسيون لاتهامه ب«الخيانة العظمى» مطالبين بإقالته فوراً من منصبه، ورد شقيق الوزير باتهامهم ب«معاداة اليهود». في وقت كشف فيه اتحاد الشغل عن «إحباط» الجمارك التونسي تصدير منتجات محلية إلى إسرائيل. وكان وزير السياحة، روني الطرابلسي، دعا في تصريحات إعلامية إلى منح «الحجاج» اليهود القادمين لزيارة كنيس الغريبة جوازات سفر تونسية لتسهيل دخولهم إلى البلاد، على اعتبار أن أغلبهم من أصول تونسية. هذه الدعوة أثارت عاصفة من الجدل السياسي في تونس، حيث دعا خالد الكريشي، النائب عن حركة الشعب، رئيس حكومة تصريف الأعمال، يوسف الشاهد، إلى إقالة الطرابلسي «فوراً». ودوّن الكريشي على صفحته في موقع «فيسبوك»: «لم نكن مخطئين حين وصفناها بأنها حكومة الفشل والتطبيع والإقصاء. على السيد رئيس حكومة تصريف الأعمال، يوسف الشاهد، إقالة وزير السياحة، روني الطرابلسي، فوراً، لدعواته العلنية في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني منح جوازات سفر تونسية والجنسية التونسية لليهود التونسيين الذين هاجروا طوعاً واستقروا بالكيان الصهيوني منذ عقود وتحصلوا على الجنسية «الإسرائيلية» هناك ولم يعد يربطهم بتونس غير معاداتها ومعاداة خيارات شعبها. وأحمل المسؤولية كاملة لأحزاب الائتلاف الحاكم من حركتي النهضة وتحيا تونس التي قبلت به وزيراً للسياحة – رغم تشكيك العديد من النواب آنذاك في إمكانية حمله لجنسية الكيان الصهيوني – والأحزاب التي منحت الثقة لحكومة الفشل والتطبيع والإقصاء. التطبيع خيانة وليست وجهة نظر. الجنسية التونسية شرف وفخر لا تمنح للخونة والمطبعين». وعقب هذه التدوينة، دخل الكريشي في سجال مع شقيق وزير السياحة، إيلي الطرابلسي، الذي اتهم الكريشي وحركة الشعب ب»معاداة اليهود»، حيث دوّن الطرابلسي على صفحته في موقع «فيسبوك»: «حركة الشعب هي حركة نازية بامتياز. تكفّر وتخوّن يهود تونس وتحرّض على قتلهم في كل الاجتماعات تحت غطاء معاداة الصهيونية. حزب فاشل ويجب تجريم التطبيع معهم». وأضاف مهاجماً الكريشي: «من هيئة بن سدرين (الحقيقة والكرامة) إلى حركة الشغب. مستنقع النازية». ورد الكريشي بقوله: «إلى السيد يوسف الشاهد، رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس حركة تحيا تونس، وأنت في خضم النقاشات مع حزبي حركة الشعب والتيار الديمقراطي تطلب ودهما، وفي زخم قيامك بتعيينات عشوائية في الربع الساعة الأخير، لا تنسى أن شقيق وزير السياحة، روني الطرابلسي، في حكومتك الموقرة المدعو إيلي الطرابلسي يحرض ضد هيئة عمومية من هيئات الدولة التونسية وضد شريكك المفترض حركة الشعب ونائبها بالبرلمان شخصي المتواضع، متهماً إياهما بالنازية ومعاداة السامية، وحذار سيدي الرئيس أن تعينه رئيساً مديراً عاماً لإحدى المؤسسات العمومية. والأعمار بيد الله وحده سبحانه وتعالى. أما أنت يا إيلي ما دمنا في تونس دولة القانون ولسنا في دولة عصابات كدولة الكيان الصهيوني، فانتظر للمناداة عليك في قضية جزائية أمام القضاء التونسي». وكان الرئيس التونسي، قيس سعيد، رفض في وقت سابق دخول من يحمل جواز سفر إسرائيلياً إلى تونس، معتبراً التطبيع مع إسرائيل «خيانة عُظمى». وخاطب النائب ياسين العيّاري وزير السياحة روني الطرابلسي بقوله: «نذكّرك بأن الكيان الصهيوني الذي تتحدث عنه، يُعتبر في القانون الدولي في حالة حرب مع بلادنا، اخترق مجالنا الجوي، ألقى القنابل علينا، قتل تونسيين، أدانه مجلس الأمن على ذلك وبما أنه لم تمض هدنة أو وقف إطلاق نار أو سلام، فحالة الحرب مستمرة. ما تدعو إليه اسمه خيانة عظمى. نحن لا نلومك، بل نلوم أحزاب ونواب النهضة والشاهد الذين أعطوك ثقتهم في البرلمان. أثبت في النهاية أن مصلحة الصهاينة أغلى عليك من دماء التونسيين. سيصلك قريباً استدعاء للبرلمان، في سؤال شفوي، تعالَ فسر لنا وللتونسيين ماذا تقصد بالضبط. أتمنى يومها أن لا يحضر أي نائب من الأحزاب التي أعطتك ثقتها». وأضافت الباحثة سلوى الشرفي: «روني طرابلسي، وزير السياحة، يستخدم دون حياء عبارات شاذة وصادمة. فهو يقول: «المسلمون العرب في إسرائيل يحجون إلى السعودية ويعادل ذلك بالتونسيين اليهود الذين فضلوا العيش في فلسطين ويعتبر أن لهم الحق في الحج إلى تونس بجواز إسرائيلي. يا سيد روني، المسلمون العرب يعيشون منذ قرون على الأرض الفلسطينية وليس الإسرائيلية. تلك أرضهم وأرض أجدادهم، استولى عليها مجرمون باسم خرافة دينية وحولوا اسمها إلى إسرائيل. أما التونسي اليهودي الذي ذهب إلى إسرائيل فقد خان بلده وشارك في جريمة. ولعلمك فتونس لا تعترف بإسرائيل، وعليك بصفتك وزيراً تونسياً احترام قرارات دولتك!». من جانب آخر، كشف سامي الطاهري، الناطق باسم اتحاد الشغل، عن إحباط الجمارك التونسية لتصدير منتجات محلية إلى إسرائيل، حيث دوّن على صفحته في موقع «فيسبوك»: «شكراً للديوانة فقد أحبطت عمليات تصدير بضائع إلى الكيان الصهيوني من أحد الموانئ التونسية، بعضها إلى اشدود وبعضها عبر قبرص»، مشيراً إلى أنه سينشر لاحقاً معلومات ووثائق تؤكد هذا الخبر. وقبل أشهر، أثار الكشف عن مناديل ورقية مستوردة من إسرائيل في أحد المراكز التجارية الكبرى جدلاً كبيراً في تونس، حيث كشفت مصادر إعلامية عن تورط أحد المسؤولين في حزب رئيس الحكومة بهذا الأمر، وهو ما نفاه الأخير، مشيراً إلى وجود خطأ في عملية التوريد.