قال إنه لا يخشى شيئا، ولا يرضى بالهزيمة؛ هكذا استمد وحيد حاليلوزيتش، المدرب الحالي للمنتخب المغربي، قوته وعزيمته من مناخ الحرب البوسنية التي عاصر أطوارها سنين عجافا، جعلته يرى الموت والمآسي بأم عينيه، أطفالا مشردين، وامهات مكلومين، وأبرياء متوفين… في حرب ضروس خاضتها البوسنة والهرسك وجمهورية يوغوسلافيا وكرواتيا من مارس 1992 إلى نونبر 1995. رأى حاليلوزيتش النور في مدينة يابلانيتشا البوسنية في 15 اكتوبر 1952، وكانت أولى خطواته في ميدان كرة القدم حين كان في ال14 من عمره، حيث بدأ لعبها صغيرا في ساحة توربينا يابلانيتشا التي تبعد عن منزله مائة متر، لكنه على الرغم من ذلك، لم يكن يفكر بشكل جدي في احتراف الكرة، إذ كان همه الوحيد والأوحد هو إتمام دراسته. لاعب محترف مع مرور السنوات، وعند بلوغه سن 18، انضم إلى أكاديمية فيليز موستار حيث كان يلعب فيها بالدرجة الأولى، بتأثير من أخيه سالم الذي كان يلعب مهجما في الفريق الأول. ليصبح لاعبا ماهرا في فريق الشباب لما يزيد عن السنتين، حتى تمكن من توقيع أول عقد احترافي عند إعارته إلى نادي الدرجة الثانية نيريتفا ميتكوفيتش لمدة ستة أشهر لاكتساب خبرة اللعب أساسيا. كانت مسيرة حاليلوزيتش حافلة بإنجازات وإخفاقات، جعلت حاليلوزيتش يراكم الخبرات، حتى كان يعتبر من أفضل لاعب بوسني في حقبة السبعينيات والثمانينيات، حيث لعب باحترافية من اندية فيليز موستار، وباريس سان جرمان، وقد لعب 15 مباراة دولية مع منتخب الكبار، قبل أن يقرر الاعتزال لظروف صحية في منتصف التمانينات. حاليلوزيتش من قلب الحرب في تصريحات صحفية، أكد حاليلوزيتش أنه شاهد الموت بأم عينيه، حين هاجمت القوات الصربية والكرواتية مسلمي البوسنة، لمطالبتهم بالاستقلال عن أراضي يوغوسلافيا « سابقا »، موضحا أن عائلته، التي كانت تعيش بمنطقة « موستار »، كانت مرعوبة بسبب صوت الرصاص الذي يلعلع في كل الأرجاء، وفي جميع الأوقات، ما دفع بحاليلوزيتش للخروج من منزله، والوقوف على مرمى حجر من جنود الجيش الفيدرالي، معلنا: « كفانا قتالا.. هذه فاشية ». وكشف حاليلوتش أنه اعتبر نفسه ميتا في تلك اللحظة، حيث صوب الجنود بندقياتهم في وجهه، فتصلب في مكانه كتمثال حجري، إلى أن أعلمه أحدهم بالقول: « لا تقترب خطوة أخرى إلى الأمام، وإلا ستقتل ». عاد حاليلوزيتش إلى منزله مرتعبا، غير أنه قرر الرجوع إلى ساحة القتال، دفاع عن بني جلدته، فحمل سلاح « كلاشنيكوف »، مدفوعا بمآسي العائلات البوسنية المسلمة التي فقدت فلذات كبدها، غير أنه حمل السلاح بالشكل الخاطئ، فأصيب برصاصة في إحدى كليتيه، كلفته شهورا من العلاج. مدرب يكره الهزيمة تجربة الحرب البوسنية كان لها وقع إيجابي على حاليلوزيتش الذي فتح صفحة جديدة في مشواره الكروي، وهذه المرة في مجال التدريب، حيث بدأ مسيرته التدريبية في مستهل الأمر في مسقط رأسه فيليز، لينتقل بعد ذلك للتدريب في فرنسا سنة 1993. هذا وتولى حاليلوزيتش تدريب العديد من الأندية لدول ناطقة باللغة الفرنسية مثل نادي الرجاء البيضاوي الذي حقق معه دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم سنة 1997، كما حقق بطولة كأس فرنسا 2004 مع باريس سان جيرمان وتأهل مع منتخب كوت ديفوار إلى نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010. والآن، وقد أبرم حاليلوزيتش عقده مع الجامعة المغربية لكرة القدم، بشروط أبرزها الظفر بكأس إفريقيا 2023 وبلوغ نهائيات كأس العالم 2022، يستعد المدرب البوسني امحطة جديدة مع أسود الأطلس، الذي قال عنهم إنهم « يتمتعون بكفاءة عالية، ولا ينقصهم سوى بعض العزيمة والمثابرة ».