الرباط – خالد مجدوب: لا يزال مشروع قانون جديد حول الإضراب بالمغرب يثير الجدل، خصوصا في ظل اعتراض النقابات على بعض مواده، مخافة تقييد حق الإضراب. مشروع القانون التنظيمي للإضراب أعدته الحكومة السابقة (2011-2017)، وتمت المصادقة عليه في مجلس وزاري (يرأسه الملك محمد السادس) في سبتمبر 2016. وبقدر ما ترحب الحكومة بخطوة إقرار أول قانون يؤطر الإضراب، تبدي النقابات تخوفها منه، بسبب ما تعتبره "تكبيلا لأيدي النقابات التي تؤكد أن الإضراب أحد أوجه المطالبة بحقوق العمال". ولا يزال هذا المشروع قيد الدراسة بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان). تأجيل المناقشة إلى حين الحكومة أطلقت حلقة من مسلسل حوار مع النقابات وأرباب العمل حول "مشروع القانون التنظيمي للإضراب" خلال الفترة ما بين 25 يونيو الماضي وحتى 2 يوليو الجاري. وعقب انتهاء هذه الجلسات، قال وزير الشغل (العمل) والإدماج المهني، محمد يتيم، إن "الحكومة طلبت من اللجنة المختصة في البرلمان تأجيل برمجة مدارسة هذا المشروع". وأبدى يتيم، في بيان، التزام الحكومة ب"التشاور مع الشركاء الاجتماعيين قبل عرضه للمصادقة في البرلمان"، مرجعا طلب التأجيل إلى رغبة الحكومة "في بناء توافق حول المشروع". واعتبر أن "المشروع يسعى لإقامة توازن بين معادلة تأمين الحق في الإضراب كحق دستوري وضمان حرية العمل". رفض العمال النقابات العمالية لها رأي آخر بخصوص هذا المشروع، حيث أعلنت عن رفض عدد من مواده. وقال رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي: "نرفض هذا المشروع، كونه سيكبل أيدي النقابات، ويمنعها من ممارسة حقها الدستوري والكوني المتمثل في الإضراب". وانتقد لطفي إحالة الحكومة لهذا المشروع على البرلمان "من دون فتح نقاش مع النقابات". وأوضح أن "النقابات تعمل دون قانون ينظمها، وهو ما يقتضي من الحكومة إخراج مشروع القانون الذي ينظم النقابات قبل مشروع قانون الإضراب، خصوصا أن الدستور ينص على ضرورة إصدار قانون ينظم عمل النقابات". ورفض لطفي ما وصفه "محاولة فرض مشروع قانون الإضراب". وقال إن "الحكومة تحاول تنزيل هذا المشروع لمنع ما يسمى التنسيقيات، مثل تنسيقية المعلمين أو المتدربين أو الطلاب الأطباء". هذه التنسيقيات نظمت في أوقات سابقة إضرابات استمرت أسابيع، وهو ما جعلها تحقق عددا من مطالبها. وتضم هذه التنسيقية ممثلين عن العمال، وتقوم بالإعلان عن المطالب وتاريخ الإضراب وتدخل في حوار أحيانا مع الحكومة. المشروع.. صياغة انفرادية وإقصاء للحركة النقابية نقابة "الكونفدرالية الديمقراطية للشغل" قالت إن وزير التشغيل، رفض خلال اللقاء الذي جمعه مؤخرا، كل المقترحات التي تقدمت بها. وطالبت "الكونفدرالية"، في بيان، بسحب القانون التنظيمي للإضراب، المحال على البرلمان، لأن "صياغته تمت بشكل انفرادي، وفيها إقصاء للحركة النقابية". وشددت على رفضها "آلية التشاور"، التي وصفتها ب"الدخيلة في عالم الشغل، والغريبة عن الاتفاقيات الدولية". وأكدت النقابة على رغبتها في تفاوض ثلاثي، من أجل الوصول إلى نص متوافق عليه يضمن ممارسة هذا الحق الدستوري، والكوني. نظرة.. على مشروع قانون الإضراب وبحسب الفصل 29 من الدستور، فإن "حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة". ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات، حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته. فيما مشروع القانون الإضراب يتكون من 49 بندا، وينص في المادة 5 على أن "كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، كما يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا". ويوجب مشروع القانون حسب المادة 7 منه، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، وذلك قصد البحث عن حلول، ويضيف أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين. أما في حالة الإضراب فيمنع على المضربين حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب، ويمنع عليهم احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها. كما يعتبر مشروع القانون العمال المشاركين في الإضراب حال توقف مؤقت عن العمل خلال مدة إضرابهم أنع "لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم". ويمنع حسب المادة 23، بعد إنهاء الإضراب أو إلغائه بمقتضى اتفاق بين الأطراف المعنية؛ اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل. وحسب المادة 26 فيمكن لصاحب العمل حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة. (الأناضول)