هو زواج مهني. فبعد أن اعتقد الفرنسيون أن هذه الأيقونة الإعلامية قد انتهت بعد أن خفت بريق عينيها السماويين، وأنهكتها حكاية الفضيحة الجنسية لزوجها، التي تابعها العالم بين أمريكا وفرنسا، تتبث آن سانكلير أن مسارها لم ينته هنا. فمن الآن فصاعدا، سان كلير هي مديرة تحرير النسخة الفرنسية للموقع الإخباري الأمريكي الأكثر شهرة "هافينغتون بوست"، الذي يحمل اسم صاحبته "أرايانا هافينغتون". وللذين لا يعرفون موقع "هافينغتون بوست" الذي بدأ سنة 2005، فإن النسخة الكندية للموقع تسجل 3,5 ملايين زائر في الشهر مقابل 3,8 ملايين زائر للموقع البريطاني. وفي الولاياتالمتحدة، يزور 37 مليون شخص موقع "هافنغتون بوست" شهريا. إذ شرعت النسخة الفرنسية للموقع الإلكتروني الأمريكي ابتداء من الاثنين 23 يناير 2012 في بث أخبارها وتحليلاتها في تجربة جديدة فرنسية تحمل بصمات الصحافية آن سينكلير. الشراكة الاعلامية تمت بين يومية لوموند الفرنسية وبين التجربة الأمريكية، ويتوقعون أن تحقق النسخة الفرنسية نفس النجاح الذي حققته في دول أخرى. بهذه المناسبة صرحت آن سانكلير للصحافة الفرنسية، أن الموقع سيطارد الأخبار الطازجة، وسيحاول الحصول على أكثر الأنباء أهمية بمنطق تحقيق السبق، ولكنه في نفس الآن سيحرص على أخذ مسافة مع المواضيع، والعودة إلى الوراء بين الفينة والأخرى، من أجل تعميق النقاش بشأنها، وهو ما وصفته بالدور المزدوج الذي يتوقع أن يلعبه الموقع، وهي باختصار الفلسفة التي قام عليها الموقع الأمريكي الذائع الصيت. نحن أمام إحدى أهم الشخصيات الإعلامية الفرنسية في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، وزوجة رجل لامع سقط تحت الأضواء، واعلامية ناجحة تخلت عن الكثير من الأضواء وعدسات التلفزة الفرنسية من أجل زوجهادومينيك ستروسكان، المدير السابق لصندوق النقد الدولي ورجل السياسة الفرنسي،وقد كان من أبرز مرشحي معسكر اليسار لخوض معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة في شهر ماي 2012، قبل أن يخسر المنصب "العالمي" وتنغلق أمامه أفق الترشيح للرئاسة الفرنسية، بسبب الفضيحة الأخلاقية الشهيرة التي تابع الملايين في العالم حلقاتها عبر شاشات التلفزة. نحن أيضا امام مسار صحافية، وزوجة سياسي وسليلة عائلة ثرية في فرنسا، رفضت دائما أن ترى في زوجها الضعيف والخائن والمعتدي جنسيا، لذلك آزرته دائما، وحتى حينما وجهت إليها الحركة النسائية الفرنسية أصابع الاتهام، حينما أكدت بعض من الفاعلات الفرنسيات من داخل الحركة أن ان سانكلير خيبت أملهن بعد الموقف الذي اتخذته وهي تساند زوجها في قضية اعتدائه جنسيا على خادمة الفندق، قالت لهن بالحرف يوم 20 يناير 2012:"أن يشعر هؤلاء النساء بخيبة أمل اتجاهي، فأنا آسفة لكنني أقول لهم: هذه مشكلتهم وليست مشكلتي". عينان سماويتان، ذكاء متقذ، الكل لازال يتذكر أسئلتها الأكثر جرأة مع أبرز الشخصيات بما فيها حوارها مع الملك الراحل الحسن الثاني، تجدون أسفله نموذجا لأسئلتها مع الحسن الثاني. أية إمرأة هاته؟ ومن أي طينة حتى تستجمع قواها وتعود إلى الواجهة في زواج مهني مع واحدة من أيقونات الصحافة الإلكترونية الأمريكية، وكأن شيئا لم يحدث. وكأنها لم تنهر ذات صباح في باريس وهي تتابع فضيحة زوجها على التلفزة الأمريكية، بعد أن ضحت بالكثير من أجله. من المؤكد أن هذه الإعلامية التي أسالت الكثير من المداد، لدرجة أنها كانت موضوع أكثر من كتاب في الآونة الأخيرة، ستسيل المزيد منه، لاسيما وأن علاقاتها المتشعبة مع أكبر الشخصيات النافذة في فرنسا وخارجها، وخطها التحريري سيكون محط مراقبة من سينقر كل صباح على "هافنغتون بوست.اف.ار". فكيف سيتعامل الموقع مع المغرب أحد الشركاء السياسين والإقتصاديين لفرنسا؟ هذا ما سيتتبعه القراء المغاربة. ومعلوم أن تجربة الزنقة 89 و"ميديا بارت" تعتبران اليوم من أبرز المواقع الالكترونية الاخبارية في فرنسا، وان اختلف خطهما التحريري، وقد تألق الموقع الالكتروني "ميديا بارت" ومديرها الاعلامي المشهور ايدوي بلينال ورئيس تحرير يومية لوموند الشهيرة سابقا، في النبش في العديد من الملفات الملتهبة في فرنسا وفي افراد مكانة مهمة لصحافة التحري في الصحافة الإلكترونية الفرنسية. فأين سيتموقع الطبعة الفرنسية لموقع ال"هافنغتون بوست"؟ هذا ما ستجيبنا عنه آن سانكلير في الشهور القادمة.